العمارة الخضراء خيار في إعادة الإعمار
الاستدامة هي مصطلح في البيئة يصف كيف تبقى النظم الحيوية متنوعة ومنتجة مع مرور الوقت. والاستدامة بالنسبة للبشر هي القدرة على حفظ نوعية الحياة التي نعيشها على المدى الطويل وهذا بدوره يعتمد على حفظ العالم الطبيعي والاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية.
الضرورة الملحة للتصميم المستدام
لقد أصبح مصطلح الاستدامة واسع النطاق ويمكن تطبيقه تقريباً على وجوه الحياة في الأرض كلها، وفي الطبيعة هناك أمثلة كثيرة تدل على النظم الحيوية المستدامة والتي أمنت الحياة لملايين السنين بشكل مستدام
متل الغابات في المناطق الرطبة التي تنتج الماء والأوكسجين والنيتروجين والكربون بحيث تشكل سلسلة متكاملة مستدامة، ولكن مع ازدياد عدد البشر والاستهلاك المفرط بموارد الطاقة وسوء التخطيط أو الإدارة السليمة اقتصادياً ومعمارياً، انحدرت النظم البيئية الطبيعية، وكان للتغيير في ميزان الدورات الطبيعية أثراً سلبياً على البشر والمنظومات الحية الأخرى كلها.
لذلك فإن تقليل الآثار البيئية الناجمة عن النشاطات البشرية وخفض المخلفات والملوثات والحفاظ على الموارد الطبيعية والاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، وتكامل الإنسان مع الطبيعة أو العودة إلى الطبيعة كما كانت البشرية في البداية هي من أهم الدوافع إلى التصميم المستدام أو العمارة الخضراء.
الاعتبارات المأخوذة
في التصميم المستدام
ويراعى عند تصميم البيئة المحيطة بالمبنى من حيث المناخ وإمكانية تكامله مع البيئة المحيطة وكمية استهلاكه للطاقة أو إنتاجه لها، وإن سبيل العيش باستدامة يمكن أن يأخذ أشكالا عدة بدءاً من إعادة تنظيم الأوضاع المعيشية )قرى بيئية، بلدات بيئية، مدن بيئية(، وإعادة تقييم القطاعات الاقتصادية )الزراعة المعمرة، والمباني الخضراء، والزراعة المستدامة(
أو ممارسات العمل (الهندسة المعمارية المستدامة) وذلك باستخدام تقنيات جديدة (تقنية بيئية، والطاقة المتجددة) وحاليا المباني الجديدة يتم تصميمها وتنفيذها وتشغيلها بأساليب وتقنيات متطورة ويراعى فيها محددات الموقع ليس فنياً وجمالياً فقط، إنما أيضاً من حيث الحرارة والبرودة والإضاءة وشدة الرياح ومواد البناء المستخدمة وحيوية الغطاء النباتي المحيط بالموقع بحيث تؤمن أقصى راحة بيئية ممكنة وأقل مصروف للطاقة أو إنتاج الطاقة
التكيف مع المناخ
يجب أن يتكيف المبنى مع المناخ وعناصره المختلفة، ففي اللحظة التي ينتهي فيها البناء يصبح جزءاً من البيئة، كشجرة أو حجر، ويصبح معرضاً لتأثيرات الشمس أو الأمطار أو الرياح نفسها كأي شيء آخر متواجد في البيئة، فإذا استطاع المبنى أن يواجه الضغوط والمشكلات المناخية وفي الوقت نفسه يستعمل الموارد المناخية والطبيعية المتاحةجميعها من أجل تحقيق راحة الإنسان داخل المبنى فيمكن أن يطلق على هذا المبنى بأنه متوازن مناخياً.
وحاليا يتم التعامل مع البيوت المستدامة باستخدام الأساليب والمواد المستدامة وتسهيل الممارسات الخضراء، منها ما يكون مربوطاً مع الشبكة العامة من حيث الطاقة والماء وخدمات الصرف الصحي ومنها ما لا يكون مربوطاً
وإذا لم تكن خارج الشبكة، قد تربط البيوت المستدامة بشبكة موردة بواسطة محطة توليد الكهرباء التي تستخدم مصادر طاقة مستدامة وتشتري الطاقة كاتفاقية عادية. بالإضافة إلى ذلك، قد تربط البيوت المستدامة بشبكة ولكن تولد الكهرباء الخاصة بها من خلال وسائل متجددة وبيع أي فائض إلى أي مؤسسة. وهناك طريقتان متعارف عليها لتقريب هذا الخيار وهي: قياس الشبكة والقياس المزدوج
تولد الكهرباء الخاصة بها
يستخدم قياس الشبكة المتر المشترك الذي يثبت في أغلب البيوت، ويشغل إلى الأمام عندما تستخدم الطاقة من الشبكة ويشغل إلى الخلف عندما يتم وضع الطاقة في الشبكة، مما يسمح لهم باستخدام “الشبكة“من إجمالي استخدام الطاقة، ووضع الطاقة الفائضة في الشبكة عند عدم الحاجة إليها، واستخدام الطاقة من الشبكة خلال ساعات الذروة عندما لا تتمكن من إنتاج ما يكفي في الحال). تستطيع شركات الطاقة أن تشتري الطاقة المعادة إلى الشبكة بسرعة كما يتم إنتاجها. ويشمل القياس المزدوج تركيب مترين: واحد يقيس الكهرباء المستهلكة، وآخر يقيس الكهرباء المنتجة. أو في استبدال بيع الطاقة المتجددة، قد يختار أصحاب البيوت المستدامة صرف الزائدة الخاصة بهم عن طريق استخدامها في شحن البطاريات. هذا يعطيهم الخيار باستخدام الطاقة لاحقاً خلال أوقات توليد الطاقة الأقل جودة( مثل وقت الليل عندما لا يكون هناك ريح أو إلخ ..)، وأن يكونوا غير معتمدين على الشبكة الكهربائية.
مياه الأمطار
وقد يستفاد من مياه الأمطار للحصول على المياه في المناطق الرطبة والاستهلاك المنظم للمياه في المناطق الجافة، وكذلك ممكن الاستفادة من مياه الصرف الصحي من خلال معالجتها بإعادة استخدامها في ري المزروعات أو الشرب إن تمت معالجتها بشكل دقيق، وحتى أن الحمأة الناتجة من معالجة مياه الصرف الصحي ممكن الاستفادة منها بالحصول على الغاز الطبيعي أثناء عملية التخمير لهذه المادة أو كأسمدة للمزروعات إن عولجت بطريقة معينة.
الاستهلاك الخفيف للطاقة
ويراعى عند التصميم أيضاً الاستهلاك الخفيف للطاقة، بأن تتم المحافظة على درجات الحرارة داخل البيوت باستخدام مواد عازلة تحافظ على درجات الحرارة، وبنظام تهوية معينة، تسمح بتقليل الاعتماد على استخدام أجهزة التبريد والتكييف المستهلكة للطاقة، كذلك يصمم محور البناء من الشرق للغرب بحيث يسمح بدخول الإنارة الطبيعية وتصميم ومواد بناء تسمح بذلك أيضاً.
احترام الموقع
الهدف الأساسي من هذا المبدأ أن يطأ المبنى الأرض بشكل وأسلوب لا يعمل على إحداث تغييرات جوهرية في معالم الموقع، ومن وجهة نظر مثالية ونموذجية أنّ المبنى إذا تم إزالته أو تحريكه من موقعه فإن الموقع يعود كسابق حالته قبل أن يتم بناء المبنى.
إن مبدأ احترام الموقع دعوة للمصممين لاستخدام أساليب وأفكار تصميمية يكون من شأنها إحداث أقل تغيرات ممكنة بموقع البناء خاصة في عمليات الحفر أو الردم أو انتزاع بعض الأشجار من أماكنها.
إنها دعوة للاستفادة من هذه الأفكار التي تحترم الإنسان والطبيعة في مشاريع إعادة الإعمار القادمة في سورية.