وجدتها: كيف تلتهم الجمهور؟
ما فوق الواقع هو طريقة لفهم الأمور والحديث عن كتلة الثقافة المنفصلة. وهو يأتي بديلاً عن الواقع. في ما فوق الواقع يتم رسم الناس بشكل صور ثقافية ورموز للتحريض الاصطناعي. وهكذا بدلاً من الانغماس في الواقع الاجتماعي ينغمس الناس في تحريض زائف. من أمثلة هذه الصور، شجرة عيد الميلاد الاصطناعية حشوات الصدر، نكهات الطعام والشراب الاصطناعية غير الموجودة طبيعياً. من أوضح الأمثلة على ما فوق الواقع، تلفزيون الواقع، الذي انتقدته الصحافة بشدة في بداياته وأصبح اليوم منتشرا. وتكاثر ليصل إلى مئات البرامج عبر العالم، وعشرات الجوائز عبر العالم. واللافت في تلفزيون الواقع أنه ليس واقعياً على الإطلاق.
ما نشهده اليوم هو امتصاص جميع وسائل التعبير الافتراضية في الإعلان. فعل الدعاية وحده يقلل من القيمة الاستعمالية للأشياء إلى القيمة الرمزية لها. يتضمن الانتقال من القيمة الاستعمالية إلى القيمة التبادلية تجريداً عن القيمة السابقة، وبكلمات أخرى تستند على القيمة التبادلية للسلعة على تمثيل استخداماتها الممكنة. دفعت الدعاية والإعلام هذا التجريد أبعد من ذلك. فمن خلال الإعلان تم التعتيم على القيمة الاستعمالية للسلعة بالقيمة الرمزية.
لا يسعى الإعلان لنقل المعلومات حول القيمة الاستعمالية للمنتج. بدلا من ذلك، يضع الإعلان المنتج في مجال رموز لا علاقة لها به من أجل تعزيز المظهر الثقافي لها. ونتيجة الإعلان، فإننا نميل إلى الارتباط بالرموز المجزأة في السياق بدلا من القيمة الاستعمالية. وهكذا، يشتري الناس السلع من أجل الصورة (الاجتماعية) أكثر مما هي للوظيفة التي تؤديها هذه السلع.
يأتي الاتصال الجماهيري معبأً في شكل معنى. ما يعني ذلك هو أن نظم المعلومات ترفعت، وحمّل الموضوع ما يشكل علاقة المرسل بوجه خاص بالمعلومات. السبب في ذلك هو أن وسائل الإعلام موجودة لتحقيق الربح، وليس لنقل المعلومات.
تقدم «المعلومات» لأغراض الترفيه أكثر منها لأغراض فكرية. تقلق وسائل الاعلام فقط من أجل التوجه إلى أعلى شريحة معينة في السوق والتحكم بها. هذا هو السبب في أن المحطات الكبرى في العالم تختلف عن بعضها البعض بشكل كبير، فالمعلومات هي قضية ثانوية، والغرض منها هو رسم جمهور من شأنه أن يستجيب لنداءات الرأسماليين لشراء بضائعهم.
عرض المعلومات من خلال وسائل الإعلام هو نظام محاكاة أو خيال ذو مرجعية ذاتية. وهكذا، تلتهم المعلومات المحتوى الخاص بها. وتلتهم الاتصالات والجمهور.