كيف يتم الالتقاط في اللاوعي؟
تبقى صورة ملتقطة من العين مطبوعة لمدة1/10 من الثانية عوض أن تختفي بشكل فوري في لحظة التقاطها، الشيء الذي يجعل من الصورة
إذا أدرجنا صورة لا تمت بصلة مع أحداث الفيلم ( مثلا مشروب ما : رسالة مدرجة بشكل صغير وفي وقت قليل ) المشاهد لا يستطيع أن ينتبه لذلك بصفة واعية لسرعة عرضها، لكن تلتقط بخلايا العين ، وتمر بتحليلات من طرف الدماغ الذي يعطي لها معنى، فتخزن، وتصبح قابلة للتأثير على أفكار ومشاعر وسلوك المشاهد، وذلك في المواقف التي تستدعي الرجوع إليها، وهنا دور الذاكرة الضمنية
سالفادور دالي
كما نعلم أن اللاوعي هو خزان الخيال والأحلام والمخاوف...والاستجابات التي تأتي منه تكون أقل توقعا وأقل سيطرة وتمكنا عند الإنسان.
الرسائل الخفية استخدمت في مجالات عديدة ومختلفة كالمجال السياسي للتأثير في الانتخابات، في الفن التشكيلي ومن اشتهر بها هو الرسام سالفادور دالي ، ومجال الإعلام في الأفلام والمسلسلات المصورة ، وفي نشرات الأخبار وألعاب الفيديو وفي أيامنا هذه طالت حتى الانترنيت... الهدف منها هو التأثير على سلوكيات الفرد الاستهلاكية، أي هدف تجاري واقتصادي وكثيرا ما كان أيضا عقائديا وإيديولوجيا.
الربط بين مفهومين
حين ندرج إذاً رسالة خفية في إعلان ما، يعمل الدماغ وبشكل لا واعٍ على الربط والتقريب بين الإعلان والشيء الذي يروج له، النتيجة هي الربط بين مفهومين، مثلا ساعة فاخرة تربط بقوة داخلية، أو إشهار لنوع من الهواتف المحمولة، تحمله امرأة جميلة وجذابة وجسدها نصف عار، يربط لاوعي الإنسان الهاتف بالرسالة الخفية التي وجهت له وهي الجمال والشباب والجاذبية و...و... وقد يتأثر وينساق إلى ذلك النوع من الهواتف ليشتريه، وهو لا يدرك بصفة مباشرة وواعية لماذا اختار هذا الهاتف ولم يختر آخر.
الإدراك الخفي
هذا ما يسمى في علم النفس بـ« الإدراك الخفي perception subliminale « والذي يعرف عموما على أنه الحالة أو الموقف الذي يمر به الإنسان، يتضمن مثيرات يدركها بدون الانتباه إليها.
دراسات عديدة تشير مثلا أن معالجة سميائية قديمة مخزنة في مستوى اللاوعي أو تمثلا لا واعيا لكلمة، يطرأ عليه نوع من التداخل مع تمثل لكلمة قريبة من الأخرى على المستوى السميائي، وهذا ما يفسر وصول الرسالة الخفية إلى لاوعي الإنسان وإدراكه لها وتفاعله معها في مواقف كثيرة من حياته بدون أدنى وعي وإرادة منه.
في ميدان علم النفس التجريبي أبحاث ويلسن كونست و زجونك برهنت على أن التعرض البسيط لمثير، يكفي لأن ينتج تفضيلا لهذا المثير وخاصة إذا كان العرض لهذا المثير خفيا بمعنى» sublimlinal »
لا يخلق مقاومة
لماذا؟؟ لأن هذا المثير بتأثيره اللا واعي لا يخلق فيك مقاومة ومقاومة الشيء لا تأتي في أغلب الأحيان إلا حين تكون في كامل وعيك وإرادتك.
من هنا بدأت الأبحاث حول ما نسميه ب «المضخة الإدراكية» والتي تقول بوجود تأثيرات لاشعورية لمثيرات تحدث لنا عموماً، وليس فقط في مظاهر التلاعب بالإنسان كما يحدث في ميدان الإعلان والإعلام.
استثمار النظريات في الإعلان والإعلام
فيكاري الذي كان يشتغل في ميدان «الترويج والإعلان» صرح أنه في ظرف 6أاسابيع أن 45.699 شخصاً أمريكياً تعرضوا لرسائل خفية في فيلم «بيكنيك» تتعلق بمادتي الذرة المقلية وكوكا كولا.
هذه الرسائل كانت تظهر كل خمس ثواني لمدة 3/1000 ثانية أي لمدة قصيرة جدا تجعل الشخص لا ينتبه للرسالة على مستوى الوعي، فيكاري ادعى أن في تلك المرحلة ارتفعت مبيعات الذرة المقلية ب 57 بالمائة وكوكاكولا ب18.1 بالمائة.
كارتون ديزني
في السبعينيات أصبحت الإعلانات تستعمل هذه الرسائل الخفية للتأثير على الناس، فاستعملوها في إطار المشروبات الكحولية، واستعملوا رسائل جنسية في كثير من الأفلام ومن أشهرها الأفلام الكارتونية لديزني، وفي ترويج بعض الأفكار الإيديولوجية: دفع الناس إلى الانتحار في نوع من الأغاني أو الموسيقا ونذكر منها موسيقا الروك التي كانت تتضمن عبارات مقلوبة سميت بالرسائل الشيطانية.
من يقول إن المجموعة الموسيقية الشعبية المسماة ببيتلز والتي كان عدد مبيعات بعض ألبوماتها بالملايين لم تترك الأثر البالغ في الشباب العالمي من حيث إيديولوجيات التمرد والتعاطي للمخدرات والتميز ببعض اللباس الخاص.
يقول ويلسون براين كي في كتابه: «خفايا الاستغلال الجنسي في وسائل الإعلام» يعرض دراسته وتحليله لهذه المجموعة الموسيقية ويقول: «البيتلز أصبحوا الأنبياء الممتازين في ثقافة المخدرات، وترويجها على مر العصور...المجتمع الغربي (خصوصا إنجلترا وأمريكا الشمالية) قد أشبع وأتخم باستخدام المخدرات الواسع الانتشار عبر سنوات من التوجيه الإعلامي الدوائري والكحولي والسجائر».
أسست أجهزة الإعلام منذ عهود شرعية مقبولة ثقافيا لاستعمال المحاليل الكيميائية للمشاكل العاطفية. أما بالنسبة إلى صناعة الموسيقا، فقد توسعت خطوة إلى ما بعد المنتجات المنزلية النفسية المنشأ، فقد توسعت إلى الاستخدام الجنوني للمخدرات من قبل المراهقين، وكان ذلك واضحا ببساطة شديدة، بحيث يستطيع حتى الطفل تخمين وكشف ذلك.
وبالفعل أدرك الأطفال ذلك لا شعورياً، أما بالنسبة لأولئك الذين خارج النطاق، فلم يستطع-حتى أحكمهم-كشف ذلك، ولا حتى كان قادرا على تخمين أسلوب الترويج الذي تم استخدامه.