الموارد المائية في التحليل البيئي
قدمت وزارة البيئة في العام 2011 تقريراً بعنوان «تحليل الواقع الراهن للبيئة في سورية» يهدف إلى تقديم وصف متكامل لحالة البيئة في سورية للفترة بين 2001-2010 ووضعه في سبيل حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومع تزايد أزمات المياه أثناء الحرب ودخولنا في مرحلة الكارثة، نرى من الضرورة التذكير بأهم ما جاء في هذا التقرير فيما يتعلق بالموارد المائية، آخذين بعين الاعتبار أن هناك عاملاً أساسياً لم يوله التقرير حقه ووزنه الحقيقي وهو النقص الناجم عن التسرب في شبكات المياه (إن كانت مياه ري أو مياه شرب) بسبب عدم صيانتها وسوء تصنيعها، ونعتقد أن هذا العامل يسبب هدر ما لا يقل عن 60 % من المياه.
«تعد الموارد المائية من أهم الموارد الطبيعية في سورية لا من حيث أهميتها الحياتية فقط، بل من حيث دورها في الاقتصاد الوطني».
تمثل ندرتها أكبر التحديات التنموية، والبيئية، والاقتصادية والاجتماعية في سورية.
تتعرض الموارد المائية لضغوطات كبيرة كمية ونوعية، وقد زاد في حدة هذه الضغوطات:
تزايد معدلات النمو السكاني والتطور الاقتصادي والاجتماعي السريع الذي شهدته سورية.
الأمر الذي نجم عنه زيادة في الطلب على المياه بحدود فاقت في بعض الأماكن حجم الموارد المتاحة، مما أدى إلى ظهور نقص في إمدادات المياه.
تشكل الزراعة المستهلك الرئيسي للموارد المائية بما يقارب 89% .
وبالتالي فهي المساهم الأساسي في العجز المائي في سورية، والمسبب الرئيسي للاستجرار الزائد للمياه الجوفية وجفاف العديد من الينابيع (رأس العين في الخابور، الساخنة والقلعة والكتف الشرقي في حوض العاصي، بردى وقلايا ورأس العين في حوض بردى والأعوج......).
كما أن الجفاف وقلة الهاطل المطري أدى إلى تدني تصريف ينابيع أخرى (ينابيع مزيريب والثريا في حوض اليرموك، عين التنور في حوض العاصي......).
تلوث الموارد المائية إضافة إلى استنزاف الموارد المائية.
يؤدي طرح مياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي غير المعالج إلى الأراضي والمسطحات المائية إلى تدهور النظم البيئية المائية للأنهار والبحيرات والمياه الجوفية، وخروجها من دائرة الاستثمار المفيد، إضافة إلى حدوث الأضرار الصحية وتدني القيمة الاقتصادية والترفيهية للعديد من المسطحات المائية.
الإجراءات المتخذة في مجال الحفاظ
على الموارد المائية والحد من تدهورها
إضافة إلى المرسوم التشريعي رقم /91/ لعام 2005 الخاص بإحداث صندوق تمويل المشروع الوطني للري الحديث، صدر:
االقانون رقم /31/ لعام 2005 الذي يحدد الحقوق المكتسبة على المياه العامة (التشريع المائي).
المرسوم رقم /90/ لعام 2005 القاضي بتشكيل الهيئة العامة للموارد المائية.
القانون رقم /20/ لعام 2010 الهادف إلى تنظيم وتنفيذ الخطة المقررة للتحول إلى الري الحديث.
وبالرغم من هذه الإجراءات لابد من تبني العديد من السياسات بهدف حماية الموارد المائية من الاستنزاف والتلوث وتحقيق التوازن بين الطلب على الموارد المائية وكمية الموارد المائية المتاحة في ظل التحديات التي تتجلى بالنمو السكاني المتزايد وما يرافقه من نمو اقتصادي في جميع المجالات،
وتتلخص هذه السياسات بما يلي:
السياسات المقترحة
لحماية الموارد المائية
بناء شبكات الرصد البيئي على المصادر المائية، وبناء مراكز وشبكة المعلومات المائية في المحافظات، وتأمين جميع مستلزماتها بما يضمن استمراريتها وديمومتها وتدريب الكادر الفني وتأهيله.
الإلزام بتطبيق التشريعات والقوانين الناظمة لحماية المصادر المائية من التلوث.
تسريع برامج التحول لاستخدام تقنيات الري الحديث على المساحة المتبقية.
تأسيس آلية تنسيق على المستوى المؤسساتي لتطوير المعايير والمواصفات وبرامج التدريب للجهات المعنية بالمياه.
إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع المائية واتخاذ القرارات المبنية على دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية.
اعتماد الموارد المائية غير التقليدية كمورد بديل (كإعادة تدوير المياه.....).
تطوير البنى المؤسساتية والبحثية في مجال ترشيد استخدام المياه لأغراض الري.
اعتماد وتفعيل النهج التشاركي والتواصل مع كافة الجهات المعنية بمشاريع مياه الشرب والصرف الصحي بما يضمن تأمين الخدمات بالشكل الأمثل لكافة شرائح المجتمع.»
إن تقديم الزراعة كسبب أساسي في هدر المياه هو ابتعاد عن جوهر الحقيقة، لأن الأساليب القديمة في الري واهتراء شبكات الري هي المسبب الأساسي للهدر، وليست الزراعة بحد ذاتها.
إن دراسة أوضاع المياه أثناء الحرب تكتسب أهمية قصوى نظراً لما نمر به من شح شديد يدفع إلى حفر الآبار دون دراسات عميقة لسد الثغرات لناشئة عن طوارئ فقد المياه، مما قد يسبب في كوارث لا تحمد عقباها.