في التوازن البيئي
أنور أبو حامضة أنور أبو حامضة

في التوازن البيئي

بهذه العجالة لسنا هنا بصدد التذكير بأهمية المحميات الخضراء ودورها المؤثر على التوازن البيئي وبالتالي التوازن الحيوي بعد الاختلال الكبير لهذا التوازن نتيجة التطور الصناعي الكبير الذي شهده القرن العشرون الذي من أهم مظاهره السلبية والمفجعة الاستثمار الجائر والمروع لموارد الطبيعة، وبخاصة الغطاء النباتي الأخضر التي تشكل الغابات الاستوائية وغابات المناطق المعتدلة معظمه..

حيث جرى حتى أواسط القرن الماضي اقتطاع مساحات شاسعة من هذه الغابات لأغراض صناعة الأخشاب و الورق و غيرها من الصناعات المتفرعة عنها أو للاستثمار الزراعي غير المرشّد، وتركت تلك المساحات من الأراضي عارية من غاباتها، وفي أحسن الأحوال زرعت بمزروعات لا يمكنها أن تكون بديلاً عن الغابات في الدور والوظيفة التي تلعبه الغابات في التوازن البيئي وبالتالي في التوازن الحيوي.
التغيرات البيئية الكارثية
بالرغم مما شهده النصف الثاني من القرن العشرين من محاولات لمنع التدهور البيئي الحاصل لكوكبنا، إلا أن الإجراءات التي تقوم بها الحكومات أو منظمات المجتمع المدني والهيئات الدولية مازالت أقل من المطلوب بكثير بالرغم من عقد ثلاث قمم دولية لهذه الغاية حيث المعرقل الأساسي لأي عمل إيجابي هو ممثلو حكومات الدول الرأسمالية الكبرى، المحكومة من قبل الشركات الرأسمالية الصناعية فوق القومية التي لا تلتزم بالإجراءات الواجب اتخاذها لحماية كوكبنا من التغيرات البيئية الكارثية، التي من أهم تجلياتها ظاهرة الاحتباس الحراري والتصحر وبالتالي تراجع كبير بالمساحات الخضراء الغابية التي تعتبر الرئة التي يتنفس منها الكوكب وكذلك الأراضي القابلة للزراعة.
وزارات للبيئة
للتذكير، كثير من الدول شكلت في حكوماتها وزارات للبيئة إلا أن عمل هذه الوزارات في الكثير من هذه البلدان مازال يحبو في هذا الطريق بسبب ضعف الأموال المرصودة لهذه الوزارات وقلة الكفاءات فيها من جهة واصطدام عمل هذه الوزارات بمصالح الشركات الصناعية الكبرى، التي لا تقيم وزناً لعمل هذه المؤسسات إن كانت حكومية أو مدنية والسبب يعود لعدم توفر الإرادة السياسية الجادة في تلك الحكومات لتنفيذ برامجها البيئية.
الأخطار المهددة للبيئة
في بلادنا يوجد وزارة للبيئة لأكثر من عقد ونيّف ولكن عملها لا يرقى بأي حال إلى حجم المخاطر البيئية التي تهدد بلادنا حيث يجب أن يكون من أولى مهامها حماية المجاري المائية من أنهار وينابيع ومسطحات من التلوث بمياه الصرف الصحي أو من نواتج العمليات الصناعية ووقف عمليات التصحر التي تؤدي إلى تناقص الأراضي القابلة للزراعة وكذلك حماية الغابات من الحرائق والاحتطاب والرعي وفي أي من هذه الميادين لم يلحظ أي تطور يذكر حتى قبل دخول البلاد في أزمتها الوطنية.
المسطحات الخضراء
جاءت الأزمة لترخي بظلالها الفاجعة وبصورة خاصة بالنسبة للمسطحات الخضراء وخاصة غابات السلاسل الجبلية الساحلية والمحميات حيث الحرائق المفتعلة التي يقف خلفها قوى النهب والفساد زادت بشكل لا يطاق بحيث باتت تهدد وجودياً الإنسان السوري بذاته من خلال تداعي موطنه الذي يعيش فيه.
مصادر الطاقة
أضف إلى ذلك عمليات الاحتطاب المكثف والجائر لتوفير مصدر للطاقة على أبواب كل شتاء لعدم توفر مصادر الطاقة الأخرى (من مازوت وغاز وكهرباء) المعنية بتوفيرها الحكومة أولاً وأخيراً، وانخفاض الدخول بشكل مأساوي، كل هذا دفع بهذا الاتجاه الخاطئ الذي نحتاج إلى عقود لإعادته إلى وضعه الطبيعي.