وجدتها!: العلم كطريق للذل
ضمن سياسات اللا سياسة الموجهة للشباب السوري، تزداد يوماً بعد يوم أعداد أولئك المتميزين من الباحثين الشباب الذين يبحثون يومياً عن لقمة عيش، ضمن هذه الأزمة الخانقة على كل المستويات، التي يظهر المستوى الاقتصادي منها في هذه الأيام بشكله الأبشع.
ويصبحون فريسة لمجموعة من الهواجس التي تتعلق بالدراسة والعلم والمستقبل واللقمة والحياة بكل متطلباتها.
هل أكمل دراساتي العليا؟ هل أذهب إلى الخدمة العسكرية؟ هل يمكنني أن أجد عملاً لو مؤقتاً؟ هل أسافر؟ كيف سأسافر؟
هل أتخلى عن كل شيء وأبدأ طريقاً جديداً ليس له علاقة بالبحث العلمي؟ لماذا أنا هنا؟
إنها ليست مسؤولية فردية على هذا الباحث الشاب الذي اختار طريقاً «خيل إليه» أنه صحيح، وهو بالطبع كذلك، لكن السياسات غير الاحتوائية للعلم والعلماء، جعلت خياره يبدو خياراً فردياً ليس أمام المجتمع السوري أي مسؤوليةٍ تجاهه، وبالتالي فليس هناك مبرر لأي مسؤولية مجتمعية تمثلها السياسات الحكومية. هذا ما تحاول السياسات الحالية الترويج له من خلال الأفعال طبعاً لأن الأقوال تتناقض مع ذلك، فالأقوال تروج للبحث العلمي، وتترك الباحثين، (اذهب أنت وربك فقاتلا). يتنطح البعض للقول: «ليس العلم طريقاً للثراء، والشباب يعلمون ذلك»، يعلمون ذلك بالتأكيد لكن أحداً لم يلمح إلى أنه طريق للذل أبداً.
إن عدم احتواء الباحثين الشباب، في الوقت الذي تهاجر فيه أعداد كبيرة من الباحثين بسبب ظروف الحرب، هو دعوة صريحة لتهجيرهم ليس فيها أي مواربة، وهذا مرفوض حتماً وتحت أي مسمى مهما كان، إن كان اسمه تقشفاً أو ميزانيات مضغوطة، فمن أهم الأولويات الحفاظ على العقول الشابة فأي إعادة إعمار من دونها.