وجدتها: في المكان المناسب
كالعادة يتم تغطية مصالح الشركات الكبرى بأغطية ملونة ومزركشة، يغلب عليها الطابع الأخضر.
ظهرت الفلسفات البيئية في بادئ الأمر كنوع من الاحتجاج على الظلم الموجه للإنسان والطبيعة من قبل نمط العلاقات الرأسمالية الجشعة الذي يعمل بأمد قصير منظور من أجل أكبر نسب ممكنة من
الربح دون الأخذ بعين الاعتبار أياً من المصالح المتناقضة لذلك من بشر (سواء في صحتهم أو نمط حياتهم) أو طبيعة (من حيث صحتها ومالها وغير ذلك).
لكن الشركات الكبرى سرعان ما استدارت، بعدما أدركت شعبية هذه الطروحات وجمهورها العريض في كل أنحاء العالم لما تلامسه من آلام الحياة اليومية للبشر وبيئتهم، ووجدت فيها مادة ثرة وغنية لاحتوائها أولاً وحرفها عن مسارها الأصلي واستغلالها ثانياً كنوع من الترويج لسياساتها التي تناقضها جملة وتفصيلاً.
ويأتي تعيين رؤوس ومخططي المؤسسات البيئية العالمية، من العاملين السابقين في المؤسسات المالية التي تدافع عن النظام العالمي الجديد، في إطار التنفيذ المباشر لهذه السياسات، ويكفي النظر في السير الذاتية لكبار هؤلاء لاكتشاف ذلك بسهولة، وهو يماثل بالطبع ما يجري في المجال السياسي في العديد من الدول حيث يجري تعيين المدراء وكبار الموظفين السابقين في المجمعات الصناعية العسكرية، وتوابعها من المؤسسات المالية المخدمة لها.
لكن لماذا الاهتمام بالقضايا البيئية وإيلائها هذا الاهتمام؟
ينبع ذلك حتماً من خوف هذه المؤسسات الشديد من الضغوط الجدية التي من الممكن أن تمارسها المؤسسات البيئية على السياسات المفقرة والضاربة بعرض الحائط بمصالح الإنسان والطبيعة، من التلوث إلى فقدان الموائل والتصحر، وغيرها من الكوارث التي لا يمكن تداركها، والتي تعتبر عاهات دائمة تصيب البشرية والأرض.
ويجري تدريب الكوادر من الدرجة الثانية في المنظمات غير الحكومية، (ومنها الجمعيات البيئية) التي تتلقى تمويلاً من تلك المؤسسات المالية بحجة حماية الطبيعة، في نوع من الغسيل المزدوج للأموال والأدمغة، ليتم دمجهم لاحقاً في تلك المؤسسات الخضراء من كل صنف ولون.