«التطور الاقتصادي والتكاليف البيئية»
صدر عن الهيئة العامة للكتاب تحت عنوان «التطور الاقتصادي والتكاليف البيئية» كتاب من تأليف الدكتور أيهم اديب تفاحة، وهو يتحدث عن النمو الاقتصادي فيقول: إن النمو الاقتصادي المستند إلى التكنولوجيا الحديثة شره للطاقة وتزداد شراهته باضطراد مع تزايده.
ومن المعروف أن مصادر الوقود الأحفوري وخاصةً النفط والغاز هي مصادر الطاقة الحالية، وهي تعد أكبر مصدر للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تعتبر من أخطر المشكلات البيئية التي تعاني منها البشرية اليوم. وكلما تقدمنا في استخدام التكنولوجيا الحديثة زاد استهلاكنا من الطاقة، وزاد انبعاث الغازات الضارة في مكونات البيئة، فضلاً عن المشكلات الأخرى من استنزاف الموارد وتزايد النفايات نتيجة اعتماد أنماط الإنتاج والاستهلاك الحالية. أي أننا نكون أمام مشكلة ثنائية الأبعاد: المشكلة البيئية المتمثلة بالخلل البيئي في البعد الأول، وتعزيز المشكلة الاقتصادية من خلال استنزاف الموارد وبالتالي عدم القدرة على إشباع الحاجات الجديدة في البعد الثاني. وبالتالي فإن التكنولوجيا الحديثة تساعد على تسريع خطوات تحقيق النمو الاقتصادي ولكنها تساعد أيضاً على تجسيد مبدأ أن يستمر الإنسان في تكييف البيئة من أجله وفق مفهوم «الإنسان في مواجهة البيئة ومكوناتها». وبعبارة أخرى، تكريس التناقض بين النظام البيئي والنظام الاقتصادي الذي يعد جزءاً منه.
ويستنتج بعد ذلك أن السياسات الاقتصادية- البيئية أصبحت حاجة ملحة في ظل تفاقم المشكلات البيئية في عالمنا اليوم، وكل ذلك بسبب الفهم الخاطئ للعلاقة التي يجب أن تكون بين البيئة والإنسان، أثناء سعيه لتحقيق النمو الاقتصادي. لذلك، فإن تطبيق سياسة بيئية مدعمة بأدوات اقتصادية يعتبر الأداة الفعالة للمحافظة على النمو الاقتصادي المحقق بالدرجة الأولى وعلى البيئة ثانياً. وبما أن المشروعات الاقتصادية الصغيرة تمثل أحدى حلقات سلسلة تتألف من مشاريع ذات أنشطة اقتصادية مختلفة ومتكاملة تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي، فإن تطبيق السياسة البيئية عليها، بالإضافة إلى اعتماد مبادئ الإدارة البيئية للحد وتخفيض الملوثات عند المصدر، وإعادة استخدامها وتكريرها في الصناعات، سيخلق أنموذجا من المشاريع الاقتصادية المتوافقة بيئياً، مما يؤدي إلى انعكاسات إيجابية على مسيرة النمو الاقتصادي في سورية.