مع من تتناقض الطبيعة؟
يوماً بعد يوم يجد العلماء أنفسهم يقفون من حيث لا يدرون مع الطبيعة وضد الرأسمالية. يقف العديد منهم هذا الموقف ليس من خلفية سياسية بحتة ومواقف أيديولوجية مسبقة لكن واقع الحال يفرض نفسه،
ويضطرون يوماً بعد يوم إلى الاعتراف بأن معظم مشاكل البشرية والطبيعة يمكن حلها من خلال إزالة الآثار السلبية الناجمة عن وجود الرأسمالية، وهذا ممكن بالطبع في حال زوال الرأسمالية ذاتها.
فقد لاحظ العلماء على سبيل المثال أن أكثر المناطق عرضة لأخطار على التنوع الحيوي كانقراض الأنواع هي نفسها تلك المناطق التي يعيش فيها أفقر البشر وأقربهم إلى حافة المجاعة، وأن الحل الوحيد لمشكلة التنوع الحيوي والانقراض هي في تغيير الظروف المادية والصحية والمعيشية البائسة لهؤلاء الناس.
وأن أمراض القلب والأوعية والجلطات القلبية والدماغية ترتبط ارتباطاً وثيقاُ بنسب البطالة في الأحياء شديدة الفقر من المدن الكبرى، فلا يمكنهم بأي شكل تجاهل ارتباط عدم العدالة الاجتماعية، بالأمراض وتدهور الصحة العام.
إن العلماء من كافة الاختصاصات من علماء البيئة والتطور إلى الاقتصاد الزراعي، يصطفون من جديد في موقف مدين لممارسات الرأسمالية المسيئة للإنسان والطبيعة، حيث يعيش حوالي ستة مليارات وستة ملايين إنسان بأقل من دولارين يومياً وأكثر من مليار في «فقر مدقع» معرف بدولار واحد يومياً أو أقل (حسب تعبير أحد أقطاب النظام الرأسمالي أي البنك الدولي)، ويسكن أكثر من ستين بالمئة من أفقر هؤلاء الناس في بيئات هشة وحساسة، - تشكل أعلى أولويات صون التنوع الحيوي- ويعتمد هؤلاء جميعاً في حياتهم على الموارد الطبيعية للبقاء. ومع احتمال وصول عدد سكان الأرض إلى تسعة مليارات في العام 2050 يعيش 95% منهم في البلدان النامية، يضطر العلماء أكثر فأكثر إلى الربط بين فقدان العدالة الاجتماعية وتدهور صحة النظام البيئي وتدهور صحة البشر عموماً، ويصبح التغاضي عن ذلك نوعاً من العمى القسري.