نوع واحد للنسيان؟
يعاني الناس، بمختلف فئاتهم العمرية، النسيان الذي يشاهد بدرجات تتباين من شخص إلى آخر وفقاً لطبيعته. والنسيان ضرورة من ضرورات الحياة كما الحال مع التذكّر. هناك نوعان من النسيان: النسيان الطبيعي، والنسيان غير الطبيعي، أي المرضي. ويعتبر النسيان طبيعياً إذا حصل من حين إلى آخر ولا لزوم للقلق في شأنه.
أما إذا أصبح النسيان هو القاعدة، فأنه يصير مرضياً لأنه يعرقل حـــياة صاحبه وتكــيفه مــع بيئـته، ويؤدي إلى تفكك الشخصية وإلى خلل على صعيد الحياة النفسية والاجتماعية والمهنية، وفي هذه الحال تصبح استشارة الطبـــــيب ضرورية للبحث عن سبب ضياع الذاكرة وعن إمكانية ترميمها وعودتها إلى سابق عهدها أو على الأقل منع تدهورها.
ويعمل دماغ الإنسان بطريقة مشابهة لعمل الكومبيوتر في رصف وتنضيد المعلومات في ملفات وفق أهميتها. وخلال عملية التذكر يتم استدعاء المعلومة من الملف الذي تم تخزينها فيه.
أحياناً قد يحصل فشل في سحب المعلومة من دهاليز المخ، وهذا أمر عادي لا يستدعي القلق، أما إذا حدث استعصاء مستمر في استحضار المعلومة المدفونة في خبايا الذاكرة، فهذا يدل على وجود مشكلة النسيان.
وهناك أصناف عدة للنسيان: العابر، والحاضر، والمترقي، والماضي، والشامل، والنفسي، والمتزايد، والمقصود، والمصطنع، ونسيان الشيخوخة الناجم عن تصلب الشرايين والذي يؤدي إلى صعوبات على صعيد تذكّر الأسماء والأحداث والأماكن، وهو يعد نسياناً حميداً لا علاقة له بمرض الزهايمر، على رغم بعض المظاهر المتشابهة بينهما.