عين الإعصار: غموض غير محلول
رافي ليتزتر رافي ليتزتر

عين الإعصار: غموض غير محلول

إنّ عين الإعصار مكان آمن ودلالة على الخطر. في داخل العين تكون الرياح هادئة ولا تتساقط الأمطار، وعادة ما تكون السماء الزرقاء الصافية مرئية عبر هذه العين. لكن أن ينتهي بك المطاف داخل عين إعصار هو ليس بالخبر السعيد: فهذه العين يطوقها جدار العين، حيث تكون يكون الهواء العاصف الذي يصنع الدوامة في أقوى نقطة له. وعندما تتشكّل العين، فهذه إشارة على أنّ الإعصار بات منتظماً أكثر وقوياً أكثر. تشكّل العين هو خطوة رئيسيّة في تحوّل الإعصار إلى بنية كاملة.

تعريب: عروة درويش

ولهذا فإنّ علماء الأرصاد الجوية يراقبون الإعصار بعناية. فهذه البقع التي لا تزال تثير الاستغراب، تمنح معلومات لا تقدّر بثمن حول الدمار الذي قد يخلفه الإعصار. ومع ذلك، ورغم تركيز الباحثين المكثف على هذه الظاهرة، فإننا بالكاد نفهم عين الإعصار. أورد بحث تمّ نشره عام 2006 مئات التفسيرات لتشكّل عين الإعصار، والعديد منها كان يتناقض مع بقيتها.

لكنّ بحثاً فيزيائياً تمّ نشره في 12 كانون الثاني 2018 قد يساعدنا على تضييق مجال البحث. يقول الكاتب بأنّ المشكلة المتعلقة بنمذجة وتشكّل العين هي أنّ الهياكل الداخلية للإعصار (وغيره من الزوابع) يتمّ التحكم بها عبر عدد من القوى والظواهر المتنافسة: مثل الاضطرابات الجوية وتعدد سلوك الطبقات المختلفة. وهذه الظواهر والقوى هي عالية التعقيد وليس لدينا فهم عميق لها. وعندما تتفاعل عدّة نظم معقدة مع بعضها، وتحديداً تلك التي لم نكشف أسرارها، تكون النتيجة أكثر تعقيداً بكثير.

هذه مشكلة أساسيّة تواجه ميكانيك السوائل وكذلك الأرصاد الجوية تبعاً للبحث. يقول العلماء: «رغم أنّ ظهور العيون أمر شائع... فليس من الواضح حتّى الآن إن كانت الآلية ذاتها هي المسؤولة عن تشكلها في مختلف الدوامات الجويّة. في غياب مثل هذا الفهم الجوهري، لا يمكن للمرء أن يتوقع بشكل موثوق متى تتشكّل العين أو متى لا تتشكل».

وقد بنى العلماء ما أسموه بأكثر نماذج الزوابع تعقيداً على الإطلاق، وهو توسّع عن نموذج سابق تمّ تطويره ووصفه في تقرير نشر في كانون الثاني عام 2017.

كتب العلماء في تقرير عام 2018: «يجب أن نكون واعين في مثل هذه المحاولات لعين الزوبعة. ومن المهم أن نركز على سمات محددة رئيسيّة للدوامات الجوية التي تمّ إسقاطها على النموذج الحالي. تتضمن هذه السمات الطبقات العامودية [الطبقات التي تمّ ذكرها سابقاً] المتفاوتة مكانياً ومتفاوتة لزوجة الدوامة [وهي القوى الداخلية التي تحكم كيفيّة قيام الهواء بالاهتزاز]، وذلك فضلاً عن إطلاق الحرارة الكامنة بسبب تكثيف بخار الماء».  

ورغم ذلك، فقد كتبوا بأنّ نموذجهم هو محاكاة معقولة ومبسطة لهذا النوع من العاصف الاستوائيّة التي تظهر في العالم الحقيقي.

  • الشروط الحديّة:

وجد الباحثون أنّه يجب من أجل تشكيل عين في نموذجهم، أن تتناسب الزوبعة مع أربعة شروط حدوديّة:

  • عدد إيكمان: وهو مقياس اللزوجة الجوية المحليّة مقارنة بقوّة كوريوليس، ولا يمكن أن يكون عالي جداً. بكلمات أخرى: لا يمكن للنظام أن يكون مهيمناً عليه من احتكاك التيارات الهوائية بدلاً من قوّة الانزلاق نحو الأرض.
  • عدد رينولدز: وهو ما يقيس نسبة قوى القصور الذاتي (الحركة) إلى اللزوجة الجويّة، ولا يمكن أن يكون منخفضاً جدّاً. وهذه طريقة معقدة لنقول بأنّ حركة العاصفة يجب أن تكون على الأقل عاملاً هامّاً في النظام، بالمقارنة التصاق الرياح بعضها ببعض.
  • عدد روزبي لا يجب أن يكون كبيراً جدّاً...
  • ... أو صغيراً جدّاً. ويقيس عدد روزبي العلاقة بين قوى النظام المحركة وبين قوى كوريوليس. ولهذا ومن أجل تشكيل عين الزوبعة، يجب أن يكون كلاهما مهماً.

والنقطة المهمّة هنا، هي أنّه على الأقل في هذا النموذج المبسط، تتشكّل عين الإعصار عندما يعمل الاحتكاك الداخلي في العاصفة، مع سرعة وقوّة الغزل على الأرض، بشكل متوازن.

ومن المهم أن نلاحظ بأنّ الباحثين قالوا بأنّ هذه النتائج لا تجيب بشكل كامل عن مسألة تشكّل عين الأعاصير، فهناك الكثير من العوامل التي تمّ إهمالها، ومن الممكن أنّ هذا النموذج لا يحاكي تشكّل الأعاصير بالدقّة التي يتوقعونها. ولا يغطي أيضاً هذا النموذج أشكالاً أخرى من الدوامات مثل الزوابع.

ولكن يمكن عدّ هذه النتائج خطوة نحو الأمام لفهم سلوك العواصف بشكل أفضل.