المتوسط .. ضحية أخرى للتغيرات المناخية
إن ما يتعرض له كوكبنا من تأثيرات وخاصة في مجال الجانب المناخي وتغير المناخ بشكل كبير، وبهذه الصورة يشكل كارثة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وهذا العالم الذي نعيش فيه ما هو إلا عبارة عن تجمع من مجموعة أنظمة تكون مرتبطة مع بعضها الآخر بشكل مباشر وغير مباشر، ويكون هذا الارتباط تاماً وشاملاً لمكونات البيئة.
فالتغير المناخي هو اختلال في الظروف المناخية المعتادة، كدرجات الحرارة وأنماط الرياح والأمطار، التي تميز كل منطقة على الأرض بسبب العمليات الديناميكية للأرض، كالبراكين أو بسبب قوى خارجية كالتغير في شدة الأشعة الشمسية أو سقوط النيازك الكبيرة، ومؤخراً بسبب النشاطات الاقتصادية البشرية.
حرق مليارات الأطنان من الوقود
أدى التطور الصناعي إلى استخراج وحرق مليارات الأطنان من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة، ونجم عن ذلك انبعاث غازات الاحتباس الحراري، أو ما تسمى بغازات الدفيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون وهو الغاز الرئيس في تغير المناخ، وقد تمكنت الكميات الهائلة من هذه الغازات من رفع حرارة الأرض 1.2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
عندما نتحدث عن تغير المناخ على صعيد الكرة الأرضية فإننا نعني تغيرات في مناخ الأرض بصورة عامة، وتؤدي وتيرة التغيرات الشاملة على المدى الطويل إلى تأثيرات هائلة على الأنظمة البيئية المختلفة على سطح الأرض.
التغيرات البيئية المتوسطية
تجري الآن تغيرات بيئية سريعة سوف يكون لها آثار عميقة على الأنواع والمجتمعات سواء في النظم البيئية البحرية أو البرية. إن الديناميكيات السكانية للمجتمعات البشرية هي المحرك الرئيسي للتغير في حوض البحر الأبيض المتوسط، يمثل هذا الأمر تحدياً بسبب المعدّل المتسارع للعمران وتجزئة الموائل التي يحدث معظمها في المناطق الساحلية. تبدو النظم البيئية المتوسطية حساسة بشكل خاص لتأثيرات التغير المناخي العالمي بسبب تعرضها الشديد للنشاطات البشرية وحساسيتها للظروف المناخية.
خطر الأنواع الغازية
أصبح التنوع الحيوي مهدداً بسبب الأنواع الغازية التي تحمل تأثيرات التجانس على المجتمعات. لا تكون النباتات الغازية مصدر خطر في معظم الموائل، ولكن توجد هناك حالياً نزعة لانتشار الأنواع النباتية غير الأصلية السريع ضمن العديد من النظم البيئية، خاصةً تلك الموجودة على طول السواحل. فيما عدا المثال الرمزي لغزو الثدييات للجزر المتوسطية والذي يعود لعدة ألفيات سابقة، فإن الأسماك هي المجموعة الوحيدة من الفقاريات والتي تملك أنواعاً غازية ناجحة وضارة في منطقة البحر المتوسط. لقد تمّ إدخال العديد من الأنواع السمكية غير الأصلية إلى معظم أحواض الأنهار الكبرى في المنطقة، بما فيها تلك الموجودة في الجزر. يحدث أيضاً في المنطقة عدد قليل من أنواع الزواحف والبرمائيات الغريبة، ولكن يمثل نوعان فقط، هما الضفدع الكبير الأمريكي، والسلحفاة حمراء الأذنين مصدر خطر جدّي على التنوع الحيوي الأصلي.
عبر قناة السويس
من أكثر آليات الغزو الموثقة في البحر هي الغزوات اللسبسية، والتي حدثت بعد افتتاح قناة السويس الواصلة بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، مما سمح للعديد من أنواع الأخير بغزو الأول. تسمى هذه العملية بالجونبة، وسوف تكون عواقبها خطيرة. لقد غزت البحر المتوسط مؤخراً العديد من الأنواع في السواحل الشمالية الغربية لأفريقيا.
سيناريوهات التغيير
تزودنا تنبؤات التغير المناخي في حوض البحر المتوسط بمجموعة من السيناريوهات المتوقعة، والتي يمكن أن تجعل من الحوض أكثر تضرراً من الاحتباس الحراري مقارنة بأجزاء أخرى من منطقة الباليأركتيك (القارية الشمالية القديمة). تمتلك ظاهرة الاحترار العالمي العديد من التأثيرات القابلة للقياس على الجماعات والمجتمعات، بما فيها التغيرات في نطاق توزّع الأنواع والتغيرات في السمات الحياتية-التطورية للعديد من الأنواع.