سوريات يتحدين الرجال ببعض الأعمال الشاقة ويثبتن نجاحهن
لم تعد الأعمال الشاقة حكرا على الرجال، بل استطاعت المرأة أن تتحدى الرجل في بعض الأعمال الصعبة وتترك بصمة واضحة وناجحة في عملها وتجعل الرجل يتساءل هل ستنجح؟ وهل ستستمر في العمل الشاق لسنوات أم أنها ستكتفي بأن تكون ربة منزل؟
لعل الإصرار في إثبات أنفسهن في تلك الأعمال الصعبة، والتي تتطلب جهدا عضليا كبيرا، جعل بعض النساء في محافظة السويداء (جنوب سوريا) يقدمن على أعمال قد تبدو صعبة وغريبة على المرأة، ولكن الاستمرار في العمل لعدة سنوات جعلهن محط حديث وتحد كبيرين لدى الكثير من الرجال.
الأنسة سامية هلال (46 عاما) تدير معملا لصناعة الرخام وحجر البازلت الذي تشتهر به محافظة السويداء، كما أنها تقف أمام منشار لقص الحجر، لتصبح أول سيدة سورية تعمل في مجال قص الحجر. كما أنها تقود العربات الثقيلة داخل منشأتها التي ورثتها عن أبيها لتتحدى الرجال وتكون قدوة حسنة للكثير من الرجال الذين يتقاعسون عن عملهم.
وقالت سامية هلال، التي تعيش مع والداتها وأخوها الصغير، في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) يوم الجمعة "إنني أوفق بين عملي الحكومي وعملي الخاص الذي هو جزء من هويتي لاثبت أنني قادرة على إدارة المنشأة التي تحتاج إلى جهد وعمل لساعات طويلة"، مؤكدة أنها تشعر بأنها "متفوقة على الرجال من خلال التزامها بتسليم إي عمل يطلب منها في وقته المحدد".
وبالإضافة إلى عمل سامية هلال في قص الحجر، فقد دخلت الآن عالم تعهدات البناء لتشدد المنافسة أكثر فأكثر مع الرجال وتضع نفسها في تحد جديد، ربما لم يكن مألوفا في عالم السيدات في عصرنا الحالي.
ومن جانبها قالت الشابة حنان وهي مقربة من سامية هلال إن الاخيرة "بما قدمته ومن خلال شخصيتها القوية أصبحت سيدة مجتمع ناجحة وحالة فريدة للمرأة العاملة".
وأضافت سامية هلال، وهي بطلة الجمهورية في الرماية، أنه "رغم صعوبة هذا العمل، إلا أننى حققت من خلاله جزءا كبيرا من طموحاتي وتمكنت من تقديم صورة جديدة عن المرأة عبر دخولى مجالات كانت في السابق حكرا على الرجال وأن أثبت نجاحي في الوصول إلى ما أطمح إليه".
ودعت كل النساء إلى مواصلة العمل والدخول إلى معظم القطاعات التي يحتكرها الرجل، لتكون منافسة شريفة له وتغير الصورة المرسومة للمرأة في مجتمعاتنا.
غير أن الشابة سهام غانم من قرية مفعلة بريف السويداء (12كلم شرقا)، فقد أختارت لنفسها مهنة لا تقل أهمية عن سامية، فهي مهنة صعبة وشاقة وتتطلب مجهودا عضليا كبيرا، وهي مهنة لف المحركات الكهربائية الثقيلة وذلك منذ أكثر من 17 عاما.
وقصة الشابة سهام (42 عاما) قصة عصامية ومكافحة، تحدت فيها ظروف الفقر والعوز وتحدت الرجال في مهنة كانوا قد احتكروها لأنفسهم ، فهي لم تبحث يوما عن هذا العمل ولم تدرس الهندسة الميكانيكية أو في المعهد الصناعي ، لكن القدر وضعها أمام تحد كبير واستطاعت أن تثبت للمجتمع ومن حولها تفوقها وتميزها وإبداعها لتكون أول فتاة سورية تعمل في لف المحركات وإصلاح الأدوات الكهربائية، على مدى سبعة عشر عاماً قضتها في هذه المهنة.
وقالت سهام لـ(( شينخوا)) "كنت أخاف من الكهرباء بشكل عام، وعندما اقترب من المأخذ الكهربائي كان ينتابني شعور بالخوف، ولكن الحاجة والظروف القاهرة هي التي دفعتني للعمل في هذا المجال ، وخاصة بعد وفاة والدي".
وأضافت الشابة سهام "قد تكون المهنة قاسية وصعبة خاصة على المرأة، ولكني استطعت من خلال الإرادة الصلبة أن أنجح في عملي وأن أثبت للآخرين الذين سخروا من المهنة التي اخترها مجبرة بأنني قادرة على التحدي".
وأشارت إلى أنها كانت تتعرض للانتقاد من قبل الرجال، وعدم الثقة في إصلاح إي محرك قد يتعطل، إلا أنها تمكنت وعبر اتقانها لعملها أن تصبح المحل الأول في القرية والقرى المجاورة لها لإصلاح المحركات الكهربائية، مؤكدة أنها تفوقت على بعض المحال التي يديرها رجال في المدنية.
وعبرت سهام عن سعادتها في عملها الذي أصبح جزءا من شخصيتها، مؤكدة أن الأكسسورات والثياب لم تعد تلفت انتباهها وقالت على سبيل الدعابة إن "المفكات وأشرطة النحاس والبراغي هي التي تستهويها حاليا".
ولعل الشابة ريما الشحف التي استطاعت أن تتجاوز أزمتها، كونها أصيبت بحروق من الدرجة الاولى، أن تكون نموذجا للمرأة التي ترسم صورة ناصحة وأن تتفوق في عملها وتكون رقما صعبا في زمن يسيطر فيه المجتمع الذكوري.
وقالت الشابة ريما (35 عاما عزباء) "حرصت من خلال عملي في معمل الأحذية التابعة للدولة السورية أن أصبح العاملة الوحيدة في المعمل التي تشغل كل الآلات بالمعمل، وأن اتقدم على زملائي وزميلاتي في العمل"، مشيرة إلى أن نجاحها في العمل شكل لها منافسة قوية بين العمال الرجال.
وأضافت ريما، التي خضعت لأكثر من 82 عمية جراحية لمعالجة حروق أصيبت بها، "إنني أحقق من خلال عملي قيمتي الإنسانية "، مؤكدة أنها لا تبحث عن التكريم والثناء من أحد، بل تعمل من أجل إرضاء ذاتها.
وريما ناشطة في عدة مجالات إنسانية واجتماعية وصحية وتقوم بتدريب النساء على الإسعاف المنزلي خلال الكوارث الطبيعية ، خاصة وأن سوريا تعيش منذ أكثر من أربع سنوات أزمة يسقط من خلالها قتلى وجرحى.
لاشك أن الأزمة السورية حاليا أفرزت الكثير من النساء اللواتي اضطرتهن الظروف للعمل في مجالات صعبة لا يقوى الرجال عليها أحيانا، إلا أنه وحسب المثل القائل "ما الذي دفعك للمر غير الأمر منه"، لهذا فإن الباب مشرعا أمام المرأة لتخوض غمار العمل في أي مهنة تريد.
المصدر: شينخوا