ما الذي دفع واشنطن لتحريك بيادقها في أوكرانيا؟

ما الذي دفع واشنطن لتحريك بيادقها في أوكرانيا؟

حمل الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان واشنطن مسؤولية دعم الانقلاب في أوكرانيا مطلع العام الماضي، مشيرا إلى أن حل أزمتها يمر ببقاء كييف خارج كل من الاتحاد الأوروبي والناتو.

وفي مقابلة مطولة أجرته معه مجلة "Politique internationale" «السياسة الدولية» الفرنسية ذكر ديستان الذي ترأس فرنسا منذ عام 1974 وحتى عام 1981، أن هناك أسئلة لا بد من الإجابة عليها لفهم طبيعة الأزمة في أوكرانيا: "ما هو دور الاستخبارات المركزية الامريكية في "ثورة الميدان"؟ ما معنى سياسة باراك أوباما المعادية لروسيا؟ لماذا أرادت الولايات المتحدة تحريك بيادقها في أوكرانيا؟ هل هناك في الولايات المتحدة مجموعة ضغط نافذة تدعم أوكرانيا؟ ألم يرد الأمريكيون تعويض ضعفها في الشرق الأوسط بتبني سياسة أكثر شدة في القارة الأوروبية إزاء روسيا؟".

وفي تطرقه إلى أسباب الانقلاب في أوكرانيا، قال ديستان إنه لم يكن ليحدث لولا "فساد السلطة الأوكرانية" في ظل حكم الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، لكنه شكك في إمكانية وصف تغيير السلطة في أوكرانيا بأنه جرى بطريقة ديموقراطية.

وأضاف "أما الولايات المتحدة فالأرجح أنها دعمت التمرد وألهمته، ومن ثم قادت سياسة فرض عقوبات ضد روسيا، وجاءت هذه السياسة انتهاكا للقانون الدولي، فمن الذي يمكن له أن يحتفظ بحق إنشاء قوائم لمواطنين تشملهم العقوبات، من دون إعطائهم فرصة لتبرئة أنفسهم واللجوء إلى خدمات المحامين؟".

وفي رده على سؤال حول كيفية خروج أوكرانيا من أزمتها اعتبر ديستان أن هذه الدولة الأوكرانية كما هي الآن "لا يمكن أن تعمل كدولة ديموقراطية"، داعيا فرنسا إلى قيادة الأوروبيين في جهودهم لإيجاد حل سياسي في أوكرانيا.

وأعرب الرئيس الفرسي الأسبق عن اعتقاده بأن نظاما كونفدراليا مماثلا لنظام سويسرا يضم كيانا ناطقا باللغة الروسية وغيره من الكيانات القومية، يتلقى تمويلا أوروبيا  وتدعمه الأمم المتحدة، يمكن أن يكون حلا مناسبا.

ودعا ديستان الدول الغربية إلى ترك "مسألة القرم" جانبا على اعتبار انضمام شبه الجزيرة إلى روسيا خطوة فيها عدالة تاريخية، فضلا عن أنه ذلك جرى بناء على إرادة الغالبية الساحقة من سكان شبه الجزيرة، وبالتالي فإن "بقاء القرم روسيا" يمثل، بحسب ديستان، ظرفا يجب أخذه بعين الاعتبار في أي حل للأزمة الأوكرانية.

هذا واستبعد الرئيس الفرنسي الأسبق إمكانية تكامل أوكرانيا مع الأنظمة الأوروبية، لكونها "لا تملك نضوجا اقتصاديا ولا خبرات سياسية مطلوبة"، وبالتالي فإن "مكانها بين مجالي روسيا والاتحاد الأوروبي، ويجب عليها أن تبني علاقات طبيعية بينهما.. أما انضمام أوكرانيا للناتو، فبالطبع هو أمر لا يمكن الحديث عنه إطلاقا، ولفرنسا أسباب جدية لمعارضة ذلك".

كما أعرب ديستان عن اعتقاده الراسخ بأن أوكرانيا تقف على حافة الإفلاس المالي وليس لها من يساعدها سوى صندوق النقد الدولي، لأن الاتحاد الأوروبي لا يملك آليات ضرورية لتقديم هذه المساعدة لكييف.