«إسرائيل» تحاول تفجير «الانعطافة الكبرى» للأمريكيين في الشرق الأوسط
ليو يانتينغ ليو يانتينغ

«إسرائيل» تحاول تفجير «الانعطافة الكبرى» للأمريكيين في الشرق الأوسط

بعد تبادل الضربات الصاروخية في نيسان وتشرين الأول 2024، وصلت «إسرائيل» وإيران في عام 2025 حافة الحرب. فمنذ فجر 13 حزيران، عندما اعتدت «إسرائيل» بغارات جوية ضخمة على إيران، تسارعت الأحداث لتخطو الأمور، ليس في إيران والمعتدي «إسرائيل» فقط، في مسارٍ يبدو شديد القتامة. لكن، بين كل هذا يمكن للمراقب أن يشهد حدوث «انعطافة كبرى» سبقت العدوان «الإسرائيلي»، ويبدو أنّها مستمرّة بزخم أكبر بعده.

ترجمة: أوديت الحسين

نشأ مفهوم «الانعطافة الكبرى» بعد زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط في أيار 2025، وهي زيارة أثارت العديد من النقاشات بسبب عدم تقليديتها: رفع جزئي للعقوبات عن سورية، وتوقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة مع دول الخليج، والأهم من ذلك – غياب تام لمحطة «إسرائيل» عن جدول الزيارة.
يرى كثيرون أن هذا التغييب المتعمد «لتل أبيب»، وسط تجدّد القتال في غزة واستئناف المحادثات النووية مع طهران في نيسان، يُعد رسالة سياسية واضحة: واشنطن تتقصّد «تجاهل» حليفتها التقليدية، وتركّز بالمقابل على شركاء بديلين في الخليج.
عززت التطورات اللاحقة من زخم هذا الخطاب. ففي 31 أيار الماضي، كشفت وكالة «بلومبرغ» عن تقارير حصرية تفيد بأن أكبر صانع للرقائق الإلكترونية في العالم (شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC) التقت مراراً مع مؤسسة إماراتية كبرى تدعى MGX، بهدف بحث إمكانية إنشاء مصنع رقائق في الإمارات. تعني خطوة كهذه، لو تحققت، أن أبوظبي ستقترب من حلم أن تصبح مركزاً إقليمياً لصناعة الذكاء الاصطناعي، كما أنها تعني دمج الإمارات بشكل أعمق في سلسلة التوريد التقنية الأمريكية.
عند النظر إلى الصورة الأشمل: من جهود التهدئة في غزة، إلى فتح باب التفاوض النووي مع إيران، إلى تهميش «إسرائيل»، إلى التركيز على دول الخليج، إلى التخفيف من العقوبات على سورية، وأخيراً السعي لإقامة «تايوان عربية»... فإن هيكلية «الانعطافة» تبدو واضحة، وتقوم على منطق بسيط: ترامب يستعد للقطيعة مع تقليد دعم «إسرائيل» غير المشروط، ويفتح صفحة جديدة مع الدول العربية.
لكن حتى مع كل هذه المؤشرات، تبقى الحقيقة صعبة الهضم: لو كانت واشنطن تنوي فعلاً فك الارتباط مع «تل أبيب»، لماذا لم توقف المساعدات العسكرية؟ ولماذا لا تفرض أي عقوبات على انتهاكات «إسرائيل»؟ الحقيقة أن العلاقة بين الطرفين أكثر تعقيداً مما تبدو، ومتشابكة استراتيجياً لدرجة يصعب معها الانفصال التام والسريع.
بل حتى «انعطافة» ترامب، عندما نفككها إلى عناصرها، نجد أنها ليست خروجاً تاماً عن السياسات الأمريكية القديمة، بل استئنافاً مُشوّهاً لسياسات أوباما: إعادة الانفتاح على إيران، وتقليص الوجود العسكري في الشرق الأوسط، والاستثمار في الخليج، وتقوية النفوذ التكنولوجي في مواجهة الصين، وهي كلها كانت من سمات المرحلة الأوبامية، لا سيما في 2015 حين أبرمت واشنطن الاتفاق النووي مع طهران. والمفارقة أن ترامب نفسه، في ولايته الأولى، نسف هذه السياسات بالكامل: انسحب من الاتفاق النووي، وصعّد الضغوط القصوى على إيران، وأمر باغتيال قاسم سليماني.

الخليج، الرقاقات، وأمريكا: البُعد الجيوتقني للانعطافة

إذا نظرنا إلى التفاعل مع دول الخليج، وخصوصاً في مجال الرقائق، سنجد أن الانعطافة تنبع من ديناميكيات جيوسياسية حقيقية: انسحاب أمريكي تدريجي من الشرق الأوسط، وتَنافس خليجي داخلي بين السعودية والإمارات لتزعّم قطاع الذكاء الاصطناعي، ومحاولات أمريكية للحدّ من تغلغل الصين في المنطقة.
بالتالي، السعي إلى إنشاء مصنع TSMC في الإمارات ليس حدثاً اقتصادياً فقط، بل انعكاسٌ لمعادلات جيوسياسية دقيقة: الإمارات تريد أن تصبح لاعباً مركزياً في عالم ما بعد النفط، وأمريكا تريد حليفاً تقنياً موثوقاً في الخليج، والصين تراقب وتتحيّن فرص الدخول. لهذا فإن المصنع، رغم أهميته، يتوقف على استقرار المنطقة: لا استثمار في الرقائق حين تكون الصواريخ فوق الرؤوس.
وهنا تحديداً تكمن المفارقة المأساوية: لأن كل مفاصل الانعطافة الأمريكية – من تهدئة إيران، إلى دعم الخليج، إلى مشاريع أشباه الموصلات – تستند إلى شرط أساسي: ألّا تنفجر حرب شاملة بين إيران و«إسرائيل». وما حدث في 13 حزيران، هو تفجيرٌ لهذا الشرط.

نموذج كلاسيكي لإدارة غير مستقرة

إذا ما عدنا إلى الشهور الأخيرة، نرى أن الأطراف الأمريكية «المعتدلة» حاولت بطرق شتى خلق بيئة إقليمية أكثر استقراراً وأقل تصعيداً، سواء لمصلحة «إسرائيل» أو دول الخليج. لكن هذه المساعي كانت تواجه مراراً وتكراراً ارتدادات عكسية من «تل أبيب» ومن تيار الحرب في واشنطن، مما أدى في نهاية المطاف إلى التصعيد الكارثي يوم 13 حزيران.
إذا ما بدأنا بغزة، فبعد أن تعثّرت طروحات ترامب السابقة مثل «الإخلاء» أو «الوصاية»، عادت الإدارة الأمريكية إلى خيار أكثر شبهاً بخط بايدن: التهدئة أولاً، التركيز على مسألة الرهائن، ومحاولة إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل «عملية طوفان الأقصى»، دون الخوض في تعقيدات مثل حل الدولتين أو مستقبل حماس. هذه المقاربة، رغم مرونتها، لم ترضِ «تل أبيب»، التي استأنفت الحرب في آذار، فيما وقفت الإدارة في واشنطن عاجزة عن إيقافها.
أمّا في سورية، فمنذ سقوط سلطة الأسد، وبدافع الحدّ من نفوذ إيران وروسيا في دمشق، بدأت الولايات المتحدة حواراً مع السلطة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، تمثّل في رفع جزئي للعقوبات، ولقاءات مباشرة، وعودة رمزية للسفارة الأمريكية في دمشق. ورغم أنّ تجاوب السلطات السورية كان أكثر من إيجابي، لم ترضَ «تل أبيب» عن الخطوات المتَّخذة، فبادرت منذ كانون الأول للتوغل في جنوب سوريا، وأعلنت نيتها البقاء هناك. حتى بعد المصالحة الأميركية–السورية، واصلت «إسرائيل» قصف المواقع العسكرية داخل الأراضي السورية. وأمام ذلك، لم تحرّك واشنطن ساكناً.
وصولاً إلى ما يسمّى «الملف النووي الإيراني»: في آذار، أعلن ترامب عن رغبته في استئناف المحادثات، ولم تمانع طهران، بل أبدت تجاوباً حذراً. في 12 نيسان، انعقدت الجولة الأولى من المحادثات في عُمان، وتوصّل الطرفان إلى خطة من ثلاث مراحل. لكن بعد جولة ثانية في روما، بدأت الطائرات «الإسرائيلية» بإجراء تدريبات هجومية تحاكي قصف منشآت نووية إيرانية، في رسالة واضحة برفض الاتفاق، متذرعة بتعثر المفاوضات بسبب شرط «التخصيب الصفري» الذي أعلنت واشنطن تمسكها به. في 20 أيار، أعلن خامنئي رفضه التام لهذا الشرط، وكان ذلك أول تصريح علني له حول المفاوضات. ترامب ردّ بعدها مباشرة قائلاً إنه «لن يسمح لإيران بأي نشاط تخصيب».
في الأسبوع الأول من حزيران، وصلت الأزمة إلى ذروتها: أعلنت إيران في 9 حزيران عبر متحدث وزارة خارجيتها أنها سترسل مقترحاً إلى واشنطن عبر سلطنة عُمان. وفي اليوم التالي، كشف ترامب عن مكالمة هاتفية مع نتنياهو حول الملف النووي، قائلاً إنها أحرزت «تقدماً إيجابياً». في 12 حزيران، بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن هجوم وشيك، ثم وقع الهجوم صباح 13 حزيران.
كل ذلك يدل على أن المسافة الزمنية بين محاولة إطلاق الحوار النووي والموافقة الضمنية على الهجوم «الإسرائيلي» لم تتجاوز الشهرين. وبين هذين التاريخين، انقلبت الإدارة الأمريكية من دبلوماسية مرنة إلى تصعيد صريح.

1231_h_2

معضلة مستحكمة بلا حل؟

يعكس التحول السريع في موقف الإدارة الأمريكية – من الانفتاح إلى التصعيد – ليس فقط طبيعة سياسة ترامب المتقلبة، بل أيضاً تعقيد الملف النووي الإيراني نفسه، والذي يشبه إلى حد بعيد معضلة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
بالنسبة «لإسرائيل»، فإنّ أيّ تفاوض بين واشنطن وطهران يُنظر إليه على أنه تهديد استراتيجي. صحيح أن «إسرائيل» حققت في الأشهر الماضية مكاسب ميدانية ضخمة، وقتلت قيادات عليا في «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وقصفت منشآت حيوية في غزة وبيروت وصنعاء وبغداد، إلا أن كل هذه العمليات لم تُنهِ الخطر. بل إن الحروب الموزعة على كل الجبهات تثبت أن خطر «محور المقاومة» ليس مرتبطاً بزعيم أو تنظيم، بل ببنية جيوسياسية قائمة.
في غزة، لا تزال «إسرائيل» تخوض حرب استنزاف ضد «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، تخللتها هدنات مؤقتة، لكن لم تستطع نزع سلاح المقاومة ولا الإفراج عن جميع الرهائن. في العراق، ورغم كلّ ما جرى، لم تتغيّر حقيقة أنّها نقطة انطلاق رئيسية في خارطة نفوذ طهران. وفي لبنان، رغم قتل قيادات حزب الله وتدمير لبنان والهدنة، إلّا أنّ حزب الله باشر بإعادة بناء قدراته العسكرية، في مشهد يعكس استعداداً لمعركة طويلة الأمد. وفي اليمن، لم تتمكن واشنطن من كبح الحوثيين بالكامل. وفي أيار 2025، تم التوصل إلى اتفاق هدنة بين واشنطن والحوثيين، لكن الاتفاق لا يشمل «إسرائيل»، ما يعني أن تل أبيب لا تتمتع بأي مظلة أمنية في هذا المسار.
من وجهة نظر «إسرائيل»، يشبه هذا الواقع تخصيب اليورانيوم الإيراني: طالما لم يتم تفكيك «محور المقاومة»، فإن التهديد قائم. ولذلك فإنها تعارض بشدة أي تحرك أمريكي يخفف من حدة التوتر مع طهران. هدف «تل أبيب» هو تثبيت هيكل المواجهة بين أمريكا وإيران، لتظل واشنطن «الضامن الأعلى» لأمن «إسرائيل» حتى زوال المحور وسقوط النظام الإيراني.

هل تستطيع «تايوان العربية» أن تبصر النور؟

أما دول الخليج، التي تبدو في الظاهر بعيدة عن هذه المواجهة، فهي في الواقع محاصَرة جغرافياً بين «محور المقاومة» و«إسرائيل»، وتواجه سؤالاً وجودياً: إلى متى يمكنها الوقوف على الحياد بأمان؟
يمتدّ تاريخ التنافس الجيوسياسي بين الرياض وطهران من سوريا إلى اليمن إلى الداخل الخليجي نفسه. كمثال، اندلعت أزمة قطر 2017 في جزء منها بسبب تقارب الدوحة مع طهران. لكن مآلات هذا التنافس كانت لصالح طهران. فالسعودية أعادت علاقاتها مع قطر، ثم مع سوريا، ثم مع إيران نفسها في 2023. والسبب؟ الإدراك بأن الولايات المتحدة في طريقها للخروج من الشرق الأوسط، وبالتالي لا يمكن كسب هذه المواجهة.
منذ ذلك الحين، انسحبت السعودية تدريجياً من حرب اليمن، وركّزت على مشاريعها التنموية في إطار «رؤية 2030»، بينما فضّلت الوقوف على الحياد تجاه التوترات بين «إسرائيل» و«محور المقاومة».
لكن بعد اندلاع حرب غزة، وجدت دول الخليج نفسها في موقف بالغ الحرج. هذه المفارقة تعكس جوهر معضلة الخليج: المصلحة تقتضي تجنّب الحرب، لكن الجغرافيا تلزمهم بالتورط بشكل غير مباشر.

«تايوان العربية» والمراهنة على الهدوء المؤجل

القلق في الخليج – وخصوصاً في السعودية والإمارات – له مبرراته العميقة. فهاتان الدولتان لا تمثلان فقط رأس الحربة في محاولات التحول الاقتصادي لما بعد النفط، بل تخوضان أيضاً سباقاً محموماً على لقب «مركز الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط».
سبق أن نشرت في كانون الأول 2024 مقالاً بعنوان «حرب الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط: السعودية مقابل الإمارات، والصين وأمريكا في قلب المعركة»، عرضتُ فيه كيف أن البلدين، بفضل ثروتهما النفطية وقدرتهما الاستثمارية، أصبحا ساحتين تتنافسان على اجتذاب شركات التقنية العالمية وتعزيز بنى تحتية قادرة على استضافة الجيل القادم من الصناعات فائقة التطور.
هذا التنافس الداخلي بات ميداناً آخر للصراع الجيوسياسي العالمي: الولايات المتحدة تسعى لضمان أن يكون الخليج منطقة خالية من النفوذ التكنولوجي الصيني، فيما تحاول الصين تكثيف حضورها عبر شراكات وشركات واجهة.
وفي هذا السياق، تندرج محاولة استقطاب شركة TSMC التايوانية، عملاق الرقائق، إلى المنطقة. ففي أيلول 2024، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مفاوضات متقدمة بين الإمارات من جهة، وشركتي TSMC وسامسونغ من جهة أخرى، لبناء مصنع للرقاقات في أبوظبي. لكن الولايات المتحدة، خشية من أن تجد الرقائق طريقها إلى الصين عبر الإمارات، سعت إلى فرض شروط رقابية صارمة.
حتى في حال تجاوز العوائق السياسية، تبقى التحديات اللوجستية هائلة: تأمين المياه فائقة النقاء، تأهيل العمالة المتخصصة، إنشاء شبكات طاقة مستقرة، وغيرها. باختصار، المسار طويل وشاق.
لكن بالنسبة للإمارات، فإن نجاح المشروع يعني الانتقال من مجرد مستورد للتكنولوجيا إلى منتِج ومُصدّر. وسيمكّنها من تعزيز الفارق مع السعودية، خصوصاً أن مشاريعها التكنولوجية تبدو أكثر نضجاً حتى الآن.
من هنا نفهم أهمية ما كشفته «بلومبرغ» في أيار 2025: إدارة ترامب تخلّت عن سياسة بايدن التي كانت تقاوم إنشاء المصنع في الخليج، وقررت – بدافع تعزيز التحالف مع أبوظبي – دعم الفكرة والمضي فيها. بهذه الطريقة، ستعزز واشنطن حضورها في سلسلة التوريد العالمية، وتكرّس الإمارات كحليف تكنولوجي، وتكافئها على الابتعاد عن الصين.
لكن... كما سبق وأشرنا، كل ذلك يتوقف على شرط أساسي: ألّا تقع حرب شاملة بين «إسرائيل» وإيران.
ولعل المثال الأوضح على هذه القاعدة، هو ما حدث في شرق آسيا: بعد تصاعد التوتر في مضيق تايوان، بدأت إدارة بايدن تضغط على شركة TSMC لنقل بعض قدراتها إلى أمريكا، في تحوّل من «درع سيليكوني» إلى «رهينة سيليكونية». الخطر المحتمل جعل المصنع هناك هدفاً استراتيجياً لا يمكن الركون إليه. وبالتالي، إذا تحوّل الخليج إلى ساحة حرب أو منطقة تهديد دائم، فلن يُنظر إليه كبيئة استثمار آمنة، وسينسحب المستثمرون فوراً – تماماً كما حصل في أوكرانيا بعد 2022.
هذا يعيدنا إلى جوهر استراتيجية ترامب في «الانعطافة الشرق أوسطية»: تهدئة العلاقة مع إيران، وتجميد النزاع مع «إسرائيل»، وتخفيض التهديد الأمني على الخليج، وفتح الطريق لمشاريع ضخمة مثل «تايوان العربية». لكن هذه الدائرة المحكمة، والتي لا تعمل إلا بوضع كل عناصرها معاً، تم نسفها بصاروخ واحد.

العودة إلى نقطة البداية

من الواضح أن ترامب – رغم كل تقلباته – كان يسعى لتكرار بعض ملامح استراتيجية أوباما: التخفيف من الانخراط العسكري، وفتح قنوات مع الخصوم، وتفعيل أدوات النفوذ غير المباشر. ورغم فارق الأسلوب، فالنية كانت واضحة: إعادة تموضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بما يضمن مصالحها الحيوية بأقل تكلفة ممكنة.
لكن ضربة 13 حزيران، وما تبعها من تصعيد، أثبتت أن هذه «الانعطافة» لا يمكن لها أن تنجح ما دام العامل «الإسرائيلي» خارج الحساب، أو – بالأحرى – ما دام يُفترض به أن يصمت بينما طهران تفاوض، وسورية يتم شرعنتها، و«محور المقاومة» لا يزال قائماً.
النتيجة؟ إن واشنطن، التي كادت أن تبدأ مساراً جديداً، وجدت نفسها فجأة وقد عادت إلى النقطة ذاتها التي انطلقت منها قبل عامين: في قلب صراع مكلف، وبخطوات دبلوماسية غير مكتملة، وبشركاء خليجيين خائفين من الحريق المقبل، وبصورة تزداد فيها واشنطن عجزاً عن تأمين مسار ثابت في منطقة لا تقبل سوى المعادلات الصفرية. لتُثبت الصواريخ مرة أخرى أنها لا تقتل الناس فقط، بل تقتل أيضاً الاستراتيجيات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1231