الترابط كأداة استراتيجية: قراءة في الرؤية الروسية والهندية لأوراسيا
في ظل الواقع الحالي، تواجه القوى الكبرى ضغوطاً متزايدة لتحقيق توازن دقيق بين العولمة والتكامل الإقليمي والمصالح الوطنية ضمن سياساتها الخارجية، حفاظاً على تنافسيتها. فقيادة الطريق نحو عالم متعدد الأقطاب تتطلب هيكلة مادية وأيديولوجية للبيئة المحيطة، إذ إنّ مفهوم «القطب» نفسه يفترض قدراً من الاكتفاء الذاتي، ورؤية واضحة حول سبب وكيفية ترابطه.
ترجمة: قاسيون
يُعدّ مفهوم الترابط الإقليمي مفتاحاً للحفاظ على البنية الإقليمية. ففي البداية، اعتُبِرَ هذا المفهوم وسيلة لربط أماكن إنتاج السلع بمواقع استهلاكها، وتم تجسيده عملياً من خلال عدد الطرق ووسائل النقل وجودة البنية التحتية الداعمة.
لكن سرعان ما اكتسب بُعداً اقتصادياً أوسع، بوصفه عملية لتقريب الدول والمجتمعات من بعضها بعضاً، من خلال تسهيل الوصول عبر شبكات النقل، والمؤسسات، والبنى التحتية، والتعاون المالي والمعلوماتي، والطاقة والتعليم، والبحث العلمي وغيرها.
وانطلاقاً من هذا الفهم، أطلقت كل من الصين والاتحاد الأوروبي، وروسيا والهند، والولايات المتحدة، مبادراتها الخاصة بالترابط خلال أواخر العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ومطلع العقد الثالث.
بالنسبة لكل من روسيا والهند، تُعَدُّ أوراسيا هي الساحة الرئيسة التي ينبغي تنظيمها. وبغضّ النظر عن كثرة الأطراف ذات المصالح المتشابكة في هذه المنطقة، فإنّ الجغرافيا والموارد والروابط التاريخية تجعل تقسيم المنطقة إلى أقطاب عدة خطوةً غير منتِجة. وعوضاً عن تطوير مشاريع منفصلة، فإنّ موسكو ونيودلهي، وطهران وبكين، يمكنهم الاستفادة من تعزيز الترابط الإقليمي من زوايا مختلفة، لما فيه مصلحة اقتصادية متبادلة.
ربط أوراسيا: روسيا والهند
تبنّت الهند سريعاً مفهوم الترابط كأداة لتعزيز موقعها في النظام العالمي متعدد الأقطاب. ففي الفترة 2016–2017، تم تصنيفه كأحد العوامل الأساسية لنمو نيودلهي. أما بالنسبة لروسيا، فالمفهوم لا يزال حديث العهد، ولم يصبح بعدُ عنصراً مستقلاً في أجندتها للسياسة الخارجية. وهناك اختلاف جوهري في النظرة إلى هذا المفهوم بين موسكو ونيودلهي.
ففي حين تتبنى موسكو رؤية خارجية وشاملة للترابط، تسعى من خلالها إلى تنظيم الفضاء الواسع المحيط بها، وموازنة المصالح في أوراسيا مع كلٍّ من الهند والصين، فإنّ المفهوم بالنسبة للهند يحمل بعدين متساويين: خارجي وداخلي.
تشير وثيقة مفهوم السياسة الخارجية الروسية لعام 2023 إلى الموقع الجغرافي الفريد لروسيا وإمكانيّاتها كدولة عبور، كوسيلة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين ترابط النقل والبنى التحتية في المنطقة. لكنها تُعطي أهمية أكبر لكيفية مساهمة هذا الترابط في بناء فضاء مشترك للسلام والاستقرار والازدهار من خلال شراكة أوراسية كبرى.
تهدف هذه المبادرة إلى إنشاء منصة شاملة للتعاون، وتنسيق الفضاء الاقتصادي من الأطلسي إلى الهادئ، وإرساء منظومة أمنية قارّية من جاكرتا إلى لشبونة، وبناء هوية أوراسية جماعية. وتشمل المبادرة حتى الآن مناطق تجارة حرة، ومشاريع ثنائية ومتعددة الأطراف مثل منظمة شنغهاي للتعاون ورابطة دول جنوب شرق آسيا، مما يمنح موسكو هامشاً من المرونة في تحديد الأطر ومقاييس النجاح.
في المقابل، تدرك الهند أنّ الترابط لا يعني مجرد الربط الجغرافي، بل يشمل المنافسة والتبعية أيضاً. لذلك، تروج لمبادئ معيَّنة في مشروعات الترابط، مثل الحكم الرشيد، وسيادة القانون، والانفتاح، والشفافية، والمساواة، وهي رؤى تتقاطع جزئياً مع مواقف أوروبيّة.
منذ عام 2021، أطلقت الهند شراكة ترابطية مع الاتحاد الأوروبي، ساعيةً إلى استقطاب استثمارات في البنى التحتية ودعم تكنولوجي. كما تصرّ على أن تكون مشاريع الترابط خالية من عبء الديون، ومستدامة بيئيّاً، وشفّافة من حيث التكاليف، وتُراعي الملكية المحلّية. لكن لا تزال الهند تركّز بشكل أساسي على ترابطها الداخلي، وتطوير بنيتها التحتية، ولا سيّما في جوارها المباشر.
العقوبات على روسيا: مخاطر على الهند
رغم الفروقات المفاهيميّة، فإنّ الرؤى الروسية والهندية للترابط تتقاطع من حيث الأدوات. فكلا البلدين يركّزان على ما يُسمَّى بـ «الترابط الصلب»: معالجة الاختناقات في البنية التحتية، وتحسين الطرق والسكك الحديدية والموانئ.
وقد أدّى النزاع في أوروبا إلى إعاقة استخدام روسيا للطرق التجارية عبر السكك الحديدية نحو أوروبا. ولذلك، بدأت موسكو بالبحث عن بدائل جنوبية، لتبرز الهند كشريك لا غنى عنه.
واستناداً إلى نموذج سابق ناجح تمثّل بخط «فلاديفوستوك-تشيناي» في الحقبة السوفيتية، تعمل الدولتان على إعادة صياغة التعاون في مجال الترابط. ففي البيان المشترك «الهند وروسيا: شراكة دائمة ومتوسعة» الذي وقّعه الرئيس بوتين ورئيس الوزراء مودي في القمة الثنائية الثانية والعشرين في تموز 2024، خُصِّصَ جزءٌ كامل لموضوع النقل والترابط. وشدد البيان على ضرورة إرساء معمارية جديدة للممرّات المستقرة والفعالة في أوراسيا.
ومن هنا، يُعتبَر ممرّ النقل الدولي شمال-جنوب INSTC نقطة الارتكاز لتوصيل روسيا والهند عبر دول أوراسية رئيسية مثل إيران وكازاخستان، مع دور محوري متوقع لأذربيجان. كما أن طريق البحر الشمالي NSR في منطقة القطب الشمالي يُعد مجالاً جديداً للتعاون بين البلدين، خصوصاً وأنّ موسكو تحاول موازنة علاقاتها مع الدول الغربية غير الصديقة ومع تنامي نشاط «الصين» في تلك المنطقة.
تم تقديم مشروع ممر النقل الدولي شمال-جنوب INSTC لأول مرة عام 2000 خلال المؤتمر الأوروبي الآسيوي الثاني حول النقل في سانت بطرسبورغ، ويُعَدُّ هذا المشروع فرصة حقيقية لموسكو ونيودلهي لإثبات قدرتهما على تنفيذ مشاريع طموحة في مجال الترابط، وتسريع تحقيق شراكة أوراسية كبرى أكثر تنوعاً.
باعتباره ممراً متعدد الوسائط، يتضمّن هذا المشروع ثلاثة مسارات: الغربي، والشرقي، وعبر بحر قزوين، ويُفترَض أنْ يشمل استخدام السكك الحديدية، والطرق السريعة، وخطوط الشحن البحري في وقت واحد. وهذا يفتح المجال لأكثر من مئة مشروعِ بنية تحتية في سبع دول على الأقل: روسيا، إيران، أرمينيا، أذربيجان، جورجيا، كازاخستان، وتركمانستان. ومنذ دخول الاتفاق الثلاثي بين روسيا والهند وإيران حيّز التنفيذ عام 2002، انضمت إحدى عشرة دولة أخرى للمشروع.
ورغم أهمية المشروع، فإنّ تنفيذه ظل لفترة طويلة أقرب إلى الطابع الإعلاني منه إلى الواقعي. فقد أعاقه ارتفاع التكاليف وتعقيدات البنية التحتية الناقصة، بالإضافة إلى التردد في تحديد أولويات الاستثمارات بناءً على اعتبارات جيوسياسية.
لكن بعد عام 2022، ضاعفت روسيا جهودها لدفع بناء هذا الممر، وحصلت على دعم سياسي من إيران ودول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ولا سيّما كازاخستان. كما ساهم الارتفاع المفاجئ في حجم التجارة الثنائية بين روسيا والهند في إعادة إحياء المشروع.
بذور التغيير: دور الهند في الأمن الغذائي العالمي
نال المسار الغربي اهتماماً خاصاً، إذ يحمل الآن أكثر من 70% من مجمل شحنات الممر. يمر هذا المسار عبر نقاط الحدود: سامور روسيا، ويالاما أذربيجان، وأستارا أذربيجان-إيران، ومن ثم شبكة السكك الحديدية الإيرانية إلى ميناء بندر عباس، ومن هناك إلى الهند.
ويُعد المقطع الرابط بين أستارا ورشت -بطول 165 كيلومتراً- أحد أكبر العوائق في هذا المسار، حيث يفرض على الناقلين إعادة شحن البضائع مرتين. وقد تعهدت روسيا في أيار 2023 بإقراض إيران مبلغ 1.3 مليار يورو من أصل 1.6 مليار يورو المطلوبة لاستكمال هذا المقطع، ما يعكس جدية موسكو في إزالة هذا الاختناق.
ووفقاً للجانب الإيراني، فإنّ هذا الجزء يمكن إنجازه بحلول عام 2029 «مع توفر التمويل المناسب»، مما سيزيد القدرة الاستيعابية للممر إلى 15 مليون طن سنوياً. وكان من المتوقع بدء أعمال البناء عام 2024، لكن تأجل ذلك إلى عام 2025 بسبب مشكلات فنية.
ومع ذلك، فإنّ هذا الاستثمار لا يعالج مشكلة اختلاف عرض السكك الحديدية [المسافة بين قضيبيّ السكّة] بين دول الاتحاد السوفييتي السابق (1520 مم، أيْ أكثر بقليل من متر ونصف، وهو القياس العريض) وإيران (1435 مم، ويسمّى القياسي وهو الأكثر انتشاراً عالمياً). ولهذا، فإنّ إنشاء بنية تحتية سلسة يتطلب بناء خط سكك حديدية جديد من القياس العريض (1520 مم) يصل إلى أحد الموانئ الجنوبية الإيرانية. ويجري حالياً بحث هذا الخيار بين موسكو وطهران، حيث ناقشتا إنشاء خط حديدي من بارساباد إلى بندر عباس بالعرض الروسي.
أما المسار الشرقي للممر، فهو أكثر تعقيداً من حيث عدد الأطراف المعنية، إذ يعتمد على البنى التحتية في روسيا وكازاخستان وتركمانستان وإيران. وقد شهد هذا المسار زخماً كبيراً في تموز 2022، مع إطلاق خدمة حاويات جديدة بين روسيا والهند، فاقت في حجمها التبادلات مع مسارات أخرى. ومنذ ذلك الحين، تضاعف حجم الشحنات مقارنة بعام 2021، ليصل إلى 1.2 مليون طن في عام 2023، في حين انخفضت تكاليف النقل إلى النصف تقريباً بحلول نهاية عام 2024.
يمثل هذا المسار فرصة ممتازة لنقل البضائع من سيبيريا الغربية ومنطقة الأورال إلى بندر عباس، ما يفتح آفاقاً أمام مصدّري المنتجات الزراعية والبتروكيميائية الروس. كما يعزز المسار من قدرات كازاخستان التصديرية. إلّا أنّ التحدي يكمن في زمن التوصيل الطويل نسبياً «لا يقل عن 37 يوماً»، واستخدام سكك حديدية ذات مسار واحد وغير مكهربة في بعض المناطق، فضلاً عن القدرة المحدودة في كازاخستان وتركمانستان «11 مليون طن»، واختلاف عرض السكك مجدداً عند دخول الأراضي الإيرانية. وعليه، فإنّ هذا المسار بحاجة إلى تحديثات هيكلية أكثر عمقاً من المسار الغربي.
أما مسار بحر قزوين، فيربط الموانئ الروسية الواقعة على شواطئ البحر بموانئ إيران مثل أنزلي، ونوشهر، وأمير آباد، ومنها تنقل الشحنات إلى بندر عباس. يمكن استخدام هذا المسار لنقل الأخشاب والأسمدة والمعادن والحبوب. غير أنّه يفرض إعادة شحن مزدوجة في الموانئ الروسية والإيرانية، مما يطيل وقت النقل. كما أنّ موانئ أستراخان وأوليا تتجمّد شتاءً، ما يتطلب استخدام كاسحات جليد، وهو ما يزيد التكاليف ومدة التوصيل. وتحتاج الموانئ إلى تحديث طرق السكك المؤدية إليها، وبناء مجمّعات لوجستية متعددة الأغراض. ويُضاف إلى ذلك تهالك أسطول النقل في بحر قزوين ونُدرة السفن المتاحة.
ورغم هذه التحديات، فإنّ روسيا ترى في هذا المسار إمكانية واعدة، وقد استثمرت ما يقارب 100 مليون دولار لتحديث قناة فولغا-قزوين في الفترة 2023-2024. لكن عبء التمويل سيبقى محصوراً بروسيا وإيران، ما لم تنضم دول ثالثة للاستفادة من هذا الخط.
ورغم التحديات كافة، فإنّ الممر كسب زخماً جديداً في ظل التوترات المتزايدة بين روسيا والغرب. ومع ازدياد أهمية هذا الممر للتجارة الأوراسية، والتي تجلّتْ في ارتفاع حجم النقل عبره بنسبة 27% بين عامي 2021 و2023، فإنّ الحاجة إلى الاستثمار ستستمر. وتُقدّر التكلفة اللازمة للتغلب على الاختناقات الأساسية بـ17.7 مليار دولار إضافي. وهنا تُتوقع مساهمة الهند كلاعب طبيعي في استكمال البنية التحتية للممر.
بالنظر إلى الهند، فإنّ مشروع ممر النقل الدولي شمال-جنوب يحظى بأهمية سياسية، كما ذُكر آنفاً، إلّا أنّ انخراطها المباشر في تطوير أقسام البنية التحتية للممر لا يزال محدوداً نسبياً. فعلى الرغم من كون الهند الطرف النهائي في هذا الممر، إلا أنّها لم تنخرط فعلياً في أعمال البناء أو الاستثمار في بنيته التحتية حتى الآن.
ويُعزى ذلك جزئياً إلى أنّ النقل البحري عبر قناة السويس لا يزال يشكّل أولوية للهند، كوسيلة رئيسية لتصدير بضائعها. فغالباً ما تُستخدم ممرات INSTC لنقل البضائع إلى الهند أكثر من استخدامها لنقل الصادرات منها إلى دول أخرى.
الأمن الأوراسي كممارسة تواصلية
مع ذلك، فإنّ الممر يتيح للهند فرصة توسيع حضورها في أسواق جديدة. فحتى الآن، كانت التجارة الهندية مع آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز محدودة، ولكنها قد تشهد نمواً ملحوظاً إذا تم استكمال البنية التحتية اللازمة في إطار هذا المشروع. وينطبق الأمر ذاته على تعزيز التجارة الروسية-الهندية. إذ إنّ تحسين البنية التحتية للممر سيسمح للهند بزيادة صادراتها إلى روسيا، مما قد يقلّص فجوة التبادل التجاري بينهما.
إلا أنّ بعض الخبراء يُشيرون إلى «دائرة مغلقة» تربط بين جودة البنية التحتية وتعقيد التجارة الثنائية، ويتساءلون: هل تُعدّ التجارة سبباً لتحسين البنية التحتية أم نتيجة لها؟
تركّز مشاركة الهند حالياً على ميناء تشابهار الإيراني، وهو الميناء الذي ترى فيه نيودلهي ركيزة استراتيجية ضمن رؤيتها للترابط الإقليمي. وفي أيار 2024، وقّعت الهند وإيران اتفاقية تمنح نيودلهي حق تشغيل الميناء، إلى جانب استثمار 370 مليون دولار في تطوير بنيته التحتية.
وبالنظر إلى موقعه على سواحل المحيط الهندي، فإنّ إدراج ميناء تشابهار في شبكة INSTC سيقلّل التكاليف ويُسرّع عمليات الشحن، خاصة وأنّ طاقته التشغيلية تتفوق على ميناء بندر عباس. ويمكن أن يصبح تشابهار نقطة النهاية لجميع فروع الممر، ولا سيما الفرع الشرقي، ما يزيد من الضغوط لتحديث شبكات السكك الحديدية المرتبطة به.
فرغم محاولة روسيا الانخراط في مشروع «الحزام والطريق»، فإنّ الهند تبنّت مساراً بديلاً نحو الغرب يتمثل في مشروع ممر «الهند-الشرق الأوسط-أوروبا الاقتصادي» المعروف اختصاراً بـ IMEC. ونتيجة لذلك، فإنّ انخراط البلدين في مشاريع متباينة قد يحدّ من حجم الاستثمارات المخصصة لممر INSTC، وبالتالي يُبطئ من وتيرة تقدمه.
يتطلب تنفيذ هذا المشروع إرادة سياسية واضحة من جميع الأطراف، وعندها فقط يمكن أن يبدأ في العمل بفعالية واستقرار.
مثّل عام 2022 نقطة تحوّل في التعاون الدولي داخل منطقة القطب الشمالي. فبعد أن كانت روسيا تُفضّل التنسيق مع دول المنطقة، باتت تتبع سياسة متعددة الاتجاهات في ظل الظروف الجديدة. فمن جهة، تبقى منفتحة على الحوار ضمن مجلس القطب الشمالي، رغم تعثره. ومن جهة أخرى، تتجه نحو توثيق التعاون مع دول غير إقليمية، أبرزها «الصين» والهند.
تشارك الهند بالفعل في عدد من المشاريع الروسية في القطب الشمالي على أساس ثنائي. ويُعدّ تطوير طريق البحر الشمالي من أبرز هذه المشاريع، حيث تسعى روسيا إلى تفعيل الملاحة فيه على مدار العام. ورغم إصرار موسكو على سيادتها الكاملة على الطريق، فإنّ حجم المشروع يتطلب شراكات دولية وتدفقات استثمارية كبيرة، مما يجعل من «الصين» والهند شريكين طبيعيَّين.
وأبدت الهند اهتماماً واضحاً بهذا الطريق، لكنها لا تنظر إليه كمجرد طريق مختصر إلى أوروبا، بل كطريق بديل يُوازي في الأهمية طريقها البحري التقليدي جنوباً. وهذا ما يمنح NSR مكانة خاصة في تصور الهند الاستراتيجي.
يندرج القطب الشمالي ضمن سياسة الهند الهادفة إلى توسيع نفوذها الجغرافي والقطاعي. فمنذ نيلها صفة «مراقب» في مجلس القطب الشمالي عام 2013، أصدرت نيودلهي عام 2022 وثيقة استراتيجيتها القطبية بعنوان «سياسة الهند في القطب الشمالي: بناء شراكة من أجل تنمية مستدامة»، وتقوم على ستة ركائز: البحث العلمي، حماية البيئة، التنمية الاقتصادية والبشرية، النقل والترابط، الحوكمة والتعاون الدولي، وبناء القدرات الوطنية.
وتستند رؤية الهند إلى مصالحها الاقتصادية، وحاجتها إلى دراسة آثار تغيّر المناخ على موسِم الرياح فيها، فضلاً عن التنافس الجيوسياسي مع «الصين»، التي تتقدّم بخطوات في مشاريع البحث والعلوم في القطب الشمالي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1223