استفزاز روسيا من اليابان يستدعي ردّ الصين أيضاً
بعد الإعلان عن نيّة اليابان نشر صواريخ هجومية أمريكية متوسطة المدى على أراضيها، سارعت موسكو للتحذير وعدم السماح بمرور هذا الاستفزاز والوعد بالردّ عليه بشكل مناسب إنْ تحقق. لكن يبدو أنّ هذا الرد لن يقتصر على روسيا، فكما ذكرت بكين، فجمهورية الصين الشعبية لن تتسامح أيضاً مع وجود صواريخ في اليابان قادرة على ضرب أهداف على الأراضي الصينية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان إنّ الصين تطالب الولايات المتحدة بالتخلي عن خططها لنشر صواريخ أمريكية متوسطة وقصيرة المدى على الأراضي اليابانية وستدافع بقوة عن مصالحها.
ترجمة: قاسيون
بالنظر إلى تزايد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، والذي، بغض النظر عما يقولونه في طوكيو، يضم بالفعل كجزء لا يتجزأ: القوات المسلحة اليابانية والدول الأخرى المتحالفة مع واشنطن، تتخذ بكين إجراءات تهدف إلى تهدئة ميل «أحفاد الساموراي» للحرب. كان كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيماسا هاياشي قد أعلن منذ مدة قصيرة: «تعمل الصين على زيادة قوتها العسكرية بسرعة دون شفافية. هذا أمرٌ يثير قلقاً بالغاً بالنسبة لليابان والمجتمع الدولي». لكن هل يعقل أنّ السلطات اليابانية لم تتنبّه إلى أنّ مضاعفة الإنفاق العسكري الذي أعلنته الحكومة، والتي ستضعها في المركز الثالث عالمياً، هو أيضاً يثير قلقاً جدياً لدى المجتمع الدولي؟
حسناً، بما أنّ حاملي «روح الساموراي» لا يريدون احترام مصالح جيرانهم ويستمرّون بالشراكة مع الأمريكيين في اعتبار بلادهم وأمّتهم «استثنائية» مع الحقّ في «قيادة الشعوب الأدنى». علينا أنْ نذكّر طوكيو بأنّ هذه الشعوب يمكنها أن تدافع عن نفسها، وأنّ على حكومات هذه الشعوب أنْ تضمن سلامتها في مواجهة التهديد بوقوع اشتباك عسكري مع الآلة العسكرية اليابانية الأمريكية.
الآن، وعلى الرغم من أن موسكو وبكين تفسّران مرور سفنهما الحربية وتحليق طائراتهما القاذفة في المنطقة المجاورة مباشرةً للساحل الياباني، على أنّها في الفضاء المحايد وضمن خطّة مُسبقة، فإنّ طوكيو تدرك جيداً أنّ «استعراض العلم» هذا يهدف إلى إعادة الساسة اليابانيين إلى جادّة الصواب.
لكن، بعد رؤية ضبط النفس من جانب القيادة الروسية عند إجراء عملية عسكرية على أراضي جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية السابقة، بدأ البعض في اليابان بتسمية روسيا بـ «النمر من ورق». لكن فيما يتعلّق ببكين، لا أحد يقول ذلك. يقول اليابانيون بأنّ تكلفة التنمّر على «التنين الصيني» قد تكون أكثر تكلفة ممّا يُحتمل. لذا، شعرت السلطات اليابانية منذ بضعة أيام بالقلق عندما تلقت رسالة مفادها أنّ مجموعة كاملة مؤلفة من حاملة طائرات تابعة للبحرية الصينية والسفن المساعدة لها، أبحرت لأول مرة، برفقة مدمرتين، بين جزر يوناجوني اليابانية النائية، وإريوموت في بحر الصين الشرقي. بحسب وزارة الدفاع اليابانية، فإنّ السفن أبحرت جنوباً باتجاه المحيط الهادئ، ولم يتم تسجيل أيّ انتهاك لحدود المياه الإقليمية لليابان.
تتفاعل طوكيو بعصبية شديدة مع مثل هذه المقاطع. تأتي تحركات السفن الحربية في وقت يتصاعد فيه التوتر، بعد أن انتهكت طائرة تجسس عسكرية صينية المجال الجوي الياباني فوق مياه بحر الصين الشرقي في جنوب غرب اليابان في أواخر آب/أغسطس. قال نائب الأمين العام لمجلس الوزراء الياباني هيروشي موريا في مؤتمر صحفي بعد ما قيل بأنّه الحادث الرابع من نوعه للبحرية الصينية هذا العام، إنّ اليابان أعربت عن «مخاوف جديّة» لبكين بشأن مرور السفن. ووصف مثل هذه التصرفات بأنها «غير مقبولة على الإطلاق من وجهة نظر أمن بلادنا». في الوقت نفسه، تعتبر طوكيو أنّه من «الطبيعي» إجراء «مناورات» واسعة النطاق للبحرية والقوات الجوية اليابانية مباشرة قبالة سواحل الصين وروسيا، وحتّى بمشاركة سفنٍ وطائراتٍ عسكرية تابعة لدول الناتو.
هناك قوة نووية أخرى منزعجة
كما أنّ الرفاق من جمهورية كوريا الشمالية (الديمقراطية الشعبية)، الذين عانوا يوماً ما من مجازر «أبناء الشمس» أيضاً، لا يضيّعون الوقت في المناوشات اللفظية مع أعدائهم ووضع «الخطوط الحمراء»، لأنّ لديهم خطاً واحداً فقط: في بيونغ يانغ يقولون إن أدنى تَعَدٍّ على جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية سيؤدّي إلى توجيه ضربة صاروخية نووية فورية إلى المعتدي. ولإظهار تصميمهم على صدّ الأمريكيين وأتباعهم، تعمل هذه الدولة على تحسين ترسانتها من الأسلحة الفتّاكة.
ذكرت وكالة أنباء كيودو تسوشين اليابانية: «ذكرت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية أنّ الزعيم كيم جونغ أون أشرف أمس على اختبار ناجح لصاروخ باليستيّ تكتيكيّ جديد قادر على حمل رأس حربي تقليدي بوزن 4.5 طن، بالإضافة إلى صاروخ كروز استراتيجي متقدم». ذكرت وكالة الأنباء المركزية لكوريا الديمقراطية أنّ اختبار الإطلاق للصاروخ الباليستيّ التكتيكيّ الجديد Hwasongpho-11 Da-4.5 كان يهدف إلى اختبار قدرته على إصابة هدف بدقة على مسافة 320 كيلومتراً. وبحسب الجيش الكوري الجنوبي: «أطلقت كوريا الشمالية، الأربعاء، صواريخ باليستية قصيرة المدى في الاتجاه الشمالي الشرقي من منطقة كايتشون في مقاطعة بيونغ يانغ الجنوبية. وقد طارت الصواريخ لمسافة 400 كيلومتر تقريباً».
يبدو أنّ الإطلاق كان أحد ردود بيونغ يانغ على خطط واشنطن وطوكيو لنشر صواريخ أمريكية متوسطة المدى على الأراضي اليابانية لشن هجمات على الدول المجاورة. ونقل التقرير عن كيم جونغ أون قوله إن اختبارات الأربعاء والتحسين المستمر للأسلحة «ترتبط بشكل مباشر بالتهديد الخطير الذي تشكله قوى خارجية على الأمن القومي لكوريا الديمقراطية».
باعتبارها شريكاً استراتيجياً لجمهورية الصين الشعبية وكوريا الديمقراطية، فإنّ روسيا لديها الحق والفرصة لتنسيق الإجراءات الرامية إلى حظر استخدام أراضي اليابان المجاورة، لخلق تهديد حقيقي بهجوم صاروخي نووي عليها وعلى الدول الصديقة لها.
وحقيقة أن روسيا ستتخذ إجراءات فعالة لضمان أمن البلاد والشعب في الشرق الأقصى، أكدها نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو، مشيراً إلى أنّ موسكو تأخذ في الاعتبار في تخطيطها العسكري احتمال نشر الأمريكيين في اليابان للصواريخ المحظورة بموجب معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى. وأشار الدبلوماسي إلى أنّه إذا تم وضع مثل هذه الأسلحة في اليابان، فسيتم القيام بالردّ. وذكرت وكالة ريا نوفوستي أن الشركة الأمريكية المصنّعة للمعدات العسكرية (رايثيون) تلقت في وقت سابق عقداً لتوريد صواريخ (أمرام) متوسطة المدى. وبحسب البنتاغون، سيتم نقل المعدات إلى دول أجنبية، بما في ذلك أوكرانيا واليابان، حسبما تشير الوكالة الروسية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية تشانغ شياو قانغ: «وفقاً لخطة التدريبات السنوية، نشرت بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني مؤخراً مجموعة من السفن مع حاملة الطائرات لياونينغ لإجراء مناورات في غرب المحيط الهادئ والمياه الأخرى». وقال تشانغ شياو قانغ إنّ التدريب الذي شاركت فيه حاملة الطائرات كان يهدف إلى تحسين القدرات القتالية الفعلية لبحريّة جيش التحرير الشعبي الصيني، وختم: «ليست هناك حاجة للأطراف المعنية إلى المبالغة في تفسير هذه المناورات».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1194