الأساس المختلف للتحالف الهندي الأمريكي يجعله عقيماً
ماو كيجي ماو كيجي

الأساس المختلف للتحالف الهندي الأمريكي يجعله عقيماً

بعد أن بدأ مودي ولايته الثالثة، دخل التفاعل بين الولايات المتحدة والهند جولة جديدة من الضغط المكثّف من أجل تعزيز التعاون والتنافس المشترك مع الصين. لكن من الجدير بالذكر أنه خلف الاتصالات الوثيقة بين الولايات المتحدة والهند، استمرت الخلافات التي ظهرت إلى الرأي العام في وسائل الإعلام الغربية حول «تخطيط الهند لاغتيالات في الولايات المتحدة»، بل وحتى الخطاب الدبلوماسي. ومن المثير للاهتمام أن وسائل الإعلام الهندية بدأت أيضاً في الترويج لـ «تخطيط وكالات استخبارات أمريكية لإقامة دولة مسيحية مستقلة على الحدود بين الهند وبنغلاديش وميانمار» باعتبارها هجوماً مضاداً.

ترجمة: قاسيون

هذه الظاهرة تجعل الناس يتساءلون، إلى أي مدى تستطيع الولايات المتحدة أن تتسامح مع الهند في التأني في الذهاب إلى الحدّ الأقصى ضدّ الصين؟ للإجابة عن هذا السؤال، من الضروري توضيح أساس وحدود التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والهند. يمكن القول إن العداء المشترك تجاه الصين هو أساس التقارب الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والهند، وإن استعداد الولايات المتحدة- وليس استعداد الهند - يحدد إلى حد كبير الحد الأعلى النظري للتعاون بينهما، ولكنّ استعداد الهند هو من يحدد المستوى الفعلي للتعاون بينهما.
لاشكّ أن عامل الصين هو العامل الأساسي الذي يحدد العلاقة بين الولايات المتحدة والهند، والصراع الصيني الهندي هو القوة الدافعة الرئيسية للعلاقة بين الولايات المتحدة والهند للتقارب. بشكل عام، وفي سياق المنافسة الاستراتيجية طويلة الأمد والمكثفة بين الصين والولايات المتحدة، أصبحت الهند، كدولة ذات عدد سكان يضاهي عدد سكان الصين، وإمكانات اقتصادية لا مثيل لها، ونزاعات إقليمية قائمة مع الصين، الشريك الرئيسي الطبيعي للولايات المتحدة في التعامل مع صعود الصين. لقد شهدت الصين والهند العديد من المواجهات المسلحة على حدودهما في السنوات الأخيرة. وبالتالي، فإن الولايات المتحدة لديها الدافع والفرصة لتبني استراتيجية التوازن البحري التي سعت إليها الدول البحرية الأنجلوساكسونية دائماً في مواجهة النزاعات بين الدول القارية. وإذا دخلت الصين والهند حالة الاستهلاك المتبادل طويلة الأمد مثل «النزاع الفرنسي الألماني» في القرن التاسع عشر، فسوف تتمكن الولايات المتحدة بطبيعة الحال من جني الفوائد كما فعلت بريطانيا آنذاك.
إن «نزاع جالوان» لعام 2020 يشكل إلى حد ما نقطة تحول في العلاقات بين الولايات المتحدة والهند. بحلول الوقت الذي اندلعت فيه المناوشات الحدودية بين الصين والهند في 2020، كانت الولايات المتحدة مستعدة تماماً «لتقديم أي دعم تحتاجه الهند» في مجالات المعدات التقنية والمعلومات الاستخباراتية وما إلى ذلك. هذا يفسر أيضاً لماذا اختارت الهند عمداً تعزيز بعض الإجراءات الاستراتيجية التي لم يكن من الممكن تصورها من قبل خلال «نزاع جالوان»، بما في ذلك السماح لطائرات الاستطلاع الأمريكية من طراز بي-8 بالهبوط والتزود بالوقود في جزر أندامان الهندية، وإجراء تشكيل حاملات الطائرات الأمريكية الهندية مناورات مشتركة في خليج البنغال.
وعلى أساس حل قضية الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الولايات المتحدة والهند، وسّعت إدارة بايدن التعاون بين الولايات المتحدة والهند إلى مجال التكنولوجيا الصناعية. بعد «نزاع جالوان»، بدأت حكومة مودي فجأة في تقييد الاستثمار الصيني والتكنولوجيا الصينية والشركات الصينية، وخاصة من خلال الحظر واسع النطاق على تطبيقات الخلفية الصينية، مما أرسل إشارة قوية مفادها أن «الهند تريد الانفصال عن نظام التكنولوجيا الصناعية الصينية». وهذا يتفق إلى حد كبير مع الاحتواء والمنافسة ضد الصين التي بدأتها إدارة بايدن في مجال التكنولوجيا الصناعية، كما أدى إلى إنشاء «مبادرة التكنولوجيا الناشئة الحرجة» (iCET) بين الولايات المتحدة والهند، مما يجعلها الأجندة الأكثر اهتماماً بالتعاون بين الولايات المتحدة والهند. وفي الوقت نفسه، أدرجت إدارة بايدن الهند أيضاً في الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ (IPEF)، مما دفع الهند إلى استبدال الصين في السلسلة الصناعية العالمية وسلسلة التوريد، لتصبح ركيزة لبناء الولايات المتحدة لـ «شبكة إنتاج استبعاد الصين» في أقرب وقت ممكن.

الأساس للنزاع مختلف

بناءً على التحليل أعلاه، يمكن ملاحظة أن العداء المشترك تجاه الصين يشكل الأساس لاستمرار الولايات المتحدة والهند في التقارب، لكن يجب هنا الانتباه إلى الفارق الكبير: إنّ التناقض الصيني الأمريكي هو تناقض هيكلي طويل الأمد، في حين أن التناقض الصيني الهندي هو تناقض محدد مدفوع بالأحداث، ومحدود بمتغيراتها.
بشكل عام، فإنّ الطلب الاستراتيجي للولايات المتحدة على التعاون مع الهند أكبر من طلب الهند على التعاون مع الولايات المتحدة. بالتالي، فإنّ الولايات المتحدة عادة ما تكون في حالة من التنازلات للهند من خلال «إعطاء المزيد وأخذ أقل» و«المزيد من المسؤوليات وقوة أقل»، في حين تكون الهند عادة في حالة لعبة «رفع السعر» و«استكشاف الخط السفلي» مع الولايات المتحدة.
بناءً على الإطار التحليلي المذكور أعلاه، يمكننا أن نستنتج أنه في ظل إعادة انتخاب حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي، فإن فوز الحزب الجمهوري أو الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية لن يؤثر إلا على الحد الأعلى النظري للتعاون بين الولايات المتحدة والهند، ولكن من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى تغيير التقدم الفعلي للتعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والهند على الفور، ناهيك عن الاتجاه العام للتعاون الثنائي. وبغض النظر عن الحزب الذي سيتولى السلطة في الولايات المتحدة، فإن الولايات المتحدة والهند ستواصلان تعزيز التعاون الاستراتيجي في مجالات متعددة حول «عامل الصين»، وهو ما يمكن استكشاف حدوده الدنيا والعليا على الشكل الآتي:
في المجال العسكري، لن تدّخر الولايات المتحدة أي جهد لتعزيز التعاون مع الهند، وخاصة في مجالات الاستطلاع الاستخباراتي والمعدات والذخيرة. ونظراً للنمط الاستراتيجي الجيوسياسي العالمي الحالي، فإن الولايات المتحدة تهتم بقضية «الحدود الصينية الهندية» أكثر من اهتمام الهند بها. فكلما اشتد الصراع الصيني الهندي، زاد نفوذ الولايات المتحدة للتأثير على الهند. ولهذا ستحرص الولايات المتحدة على عدم تفويت أي فرصة لإضافة الوقود إلى النار.
في مجال التكنولوجيا الصناعية، تواصل الولايات المتحدة الترويج للهند لتحل محل الصين في سلسلة الصناعة العالمية وسلسلة التوريد. وعلى الرغم من أن تجربة التعاون الصناعي بين الولايات المتحدة والهند منذ عام 2017 تظهر أن الهند لا تزال تفتقد القدرة على استبدال الصين على نطاق واسع من خلال «الاستعانة بمصادر خارجية صديقة»، فبالنظر إلى حجم سكان الهند وإمكانات السوق، لا تزال الولايات المتحدة لديها آمال كبيرة في «صنع في الهند». وفي المستقبل، ستواصل الولايات المتحدة دعم الهند بشكل أساسي من خلال تشجيع الاستثمار المباشر من قبل الشركات، وتوجيه الاستثمار في الأسهم والسندات الهندية، وتسويق سندات الحكومة الهندية، والتركيز على تشجيع الهند على تحسين البنية الأساسية وتحسين مستواها التكنولوجي، وتحسين قدرتها على القيام بالتصنيع على نطاق واسع بشكل أفضل.
وعلى الرغم من حرص الهند على الحصول على تنازلات تجارية أكبر من الولايات المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة على استعداد لاستخدام «صنع في الهند» فقط، لاستبدال حصة «صنع في الصين»، بدلاً من منح الهند تفضيلات تجارية خاصة. ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة ستعزز أيضاً التعاون التكنولوجي الجديد مع الهند، بما في ذلك أشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الفضاء، وما إلى ذلك. لكن بالنظر إلى المستوى الفعلي للهند، فإن التأثير سيكون محدوداً في الأمد القريب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1180