روسيا تصبح المصدّر الرئيس للغذاء لأكثر من 70 دولة

ترجمة: قاسيون

أصبحت هذه الديناميات للصادرات ممكنة بسبب النمو المطرد لإنتاج الغذاء في الاتحاد الروسي، وخاصة في السنوات الثلاث الماضية. نتيجة لذلك، تجاوز الاكتفاء الذاتي للبلاد بحلول بداية عام 2024، بحسب وزارة الزراعة ووزارة التنمية الاقتصادية في الاتحاد الروسي، 90%. وبالنسبة للحبوب ومنتجاتها المصنّعة فإنّ هذا المؤشر يتجاوز 100%. كما أنّ المؤشرات مرتفعة أيضاً فيما يخصّ الاكتفاء الذاتي للاتحاد الروسي في منتجات اللحوم والفواكه والخضروات والزيوت النباتية... بعبارة أخرى، إنّ روسيا تعمل على زيادة إمداداتها الغذائية للخارج، ولكن ليس على حساب استهلاكها المحلي.
صرّح رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين مؤخراً لوسائل الإعلام بأنّ صادرات المنتجات الزراعية الروسية وصلت إلى ما يقرب من 4 تريليونات روبل في عام 2023، وهو رقم قياسي تاريخي لهذه الصناعة. علاوة على ذلك، فإنّ حصّة الدول الصديقة لروسيا، مثل الصين والبرازيل وغيرها. في هذه التسليمات تقترب من 90%. بشكل عام، زادت صادرات المواد الخام الزراعية والأغذية المصنّعة الجاهزة من روسيا بنسبة 70٪ تقريباً في العام الماضي.
إن أيّ عقبات وضعها الغرب الجماعي لسنوات عديدة باءت بالفشل. كما أنّ نمو الطلب العالمي على الغذاء، خاصة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، يزيد من القدرة التنافسية للمنتجات الروسية.
وفقاً للاستطلاعات التي أجرتها وكالات الأنباء المحلية والإدارات الزراعية للشركات التي تستورد المنتجات الزراعية في أكثر من 40 دولة مستوردة للأغذية «2022-2023»، مقارنة بالدول الأجنبية، تعدّ المنتجات الغذائية الروسية أكثر جاذبية نظراً لجودتها العالية ونطاقها الواسع وتنوّعها، وكذلك يعود جزء كبير من الفضل إلى سياسة التسعير المرنة للمؤسسات الزراعية الروسية.
وهكذا، تضاعفت صادرات المنتجات الزراعية الروسية إلى الصين في عام 2023 ثلاث مرات «أكثر من 3 آلاف شركة من مجمّع الصناعات الزراعية الروسية تصدّر المنتجات الزراعية إلى الصين»، وإلى تركيا بمقدار ثلاثة أضعاف تقريباً، وإلى إيران بمقدار ستة أضعاف تقريباً. ووفقاً لوزارة الزراعة في الاتحاد الروسي، أصبحت روسيا المورّد الرئيسي للقمح ودقيق القمح إلى الجزائر والمملكة العربية السعودية. تمّ إتمام عمليات تسليم منتجات الدواجن المختلفة إلى الصين ودول الخليج العربي بأكملها تقريباً. يتمّ إرسال كميات كبيرة من لحم الخنزير والدواجن والزبدة ومنتجات الألبان إلى جميع دول الهند الصينية «فيتنام ولاوس وكمبوديا»، والهند، وإندونيسيا. تقوم روسيا بتوريد الزيوت النباتية ومنتجات الحلويات بكميات متزايدة اعتباراً من عام 2023 إلى أكثر من 50 دولة.

اهتمام متزايد وأرقامٌ تثير الغيرة

في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى تقييم نائب وزير الزراعة في الاتحاد الروسي أندريه كوتشيروف «منذ بداية عام 2024، يتمّ توريد المنتجات الزراعية الروسية إلى 150 دولة. لقد حوّلنا تركيزنا إلى البلدان الصديقة، مما سمح لنا بتوسيع إمداداتنا حتى إلى تلك البلدان التي كانت في السابق غير مألوفة من حيث صادراتنا الزراعية». على سبيل المثال، قال نائب الوزير إنّ الإمدادات الزراعية الروسية إلى تنزانيا في شرق أفريقيا قد زادت بمقدار أربعة أضعاف، وإلى البرازيل بأكثر من ضعف ونصف. وقد تضاعفت شحنات المنتجات الزراعية إلى كينيا.
كما تمّ تأكيد الاهتمام المتزايد للعديد من البلدان بالمنتجات الزراعية الروسية من خلال حقيقة أنه في 3 فبراير/شباط من هذا العام، وقّع المجلس الحكومي الدولي لدول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي اتفاقية «بشأن مواصلة تطوير الصادرات في إطار مشروع AgroExpress».
علينا أن نتذكر أنّه في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ورابطة الدول المستقلة ككل، منذ بداية عام 2020، كان نظام AgroExpress يعمل على النقل بالسكك الحديدية عالية السرعة لأكثر من 30 فئة من البضائع الغذائية التي يتمّ تبادلها بين روسيا وأذربيجان وأوزبكستان. في عامي 2022 و2023 انضمّت إيران وكازاخستان والصين إلى هذا النظام.
مثل وسائل النقل هذه يمكن أن تقلل من خسارة وتلف المنتجات بأكثر من الثلثين، وتسريع تسليمها إلى سلاسل البيع بالتجزئة أو إلى أماكن المعالجة. لذلك تضاعفت عمليات التسليم المتبادلة بوساطة AgroExpress تقريباً بين عامي 2021 و2023. وفي هذا العام 2024 والمقبل 2025 وسوف تزيد عمليات التسليم بمقدار النصف على الأقل مقارنة بعام 2023. كما سيتم توسيع نطاق المنتجات المنقولة إلى نحو النصف.
وفقاً للاتفاقية المذكورة أعلاه، ستنضم الإمارات العربية المتحدة وعمان والهند إلى هذا النظام هذا العام، حيث تتزايد عمليات التسليم المتبادلة للمنتجات الغذائية بين هذه البلدان ودول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ورابطة الدول المستقلة. وبموجب العقود الموقّعة والمقررة، فإنّ العرض المتبادل للمواد الخام الزراعية والأغذية الجاهزة بين هذه الدول وروسيا مقارنة بعام 2023 سيزيد بشكل عام إلى أكثر من النصف في 2024-2025. وعلى وجه الخصوص، فإنّ الصادرات الزراعية الروسية إلى هذه البلدان الثلاثة سوف تتضاعف تقريباً. ونظراً للعامل الجغرافي، سيتمّ وصل خطوط السكك الحديدية الزراعية السريعة بطرق السفن البحرية المبرّدة مع الإمارات وعمان والهند.
أما عن الاتجاهات السابقة لمثل هذا النقل، فيوضّح وزير التجارة في اللجنة الاقتصادية الأوراسية أندريه سليبنيف «كانت إحدى نتائج 2023 هي استئناف عمليات تسليم المنتجات عبر السكك الحديدية المنتظمة من روسيا إلى الصين، والتي قيّدها الصينيون سابقاً بسبب تدابير مكافحة كوفيد». سيتمّ نقل منتجات اللحوم ومنتجات الدواجن والحلويات ومنتجات الألبان الروسية «بالسكك الحديدية إلى الصين وعبر كازاخستان اعتباراً من عام 2023». والافتتاح المرتقب لـ «ثلاثة معابر حدودية روسية صينية أخرى سيسمح لبلداننا بزيادة إمدادات المنتجات الغذائية المختلفة لبعضها بعضاً بشكل كبير».
أمّا بالنسبة لتسوية هذه الشحنات، فإنّ حصّة العملات الوطنية تصل حالياً إلى نحو الثلث. ولكنّ عدداً متزايداً من البلدان الشريكة يقترح زيادة حصة العملات الوطنية في المدفوعات مقابل الإمدادات المتبادلة من المنتجات الزراعية. وبناءً على ذلك، فإن الحكومة الروسية، كما قالت نائبة رئيس الوزراء فيكتوريا أبرامشينكو لوسائل الإعلام، تستكمل تطوير الوثائق الخاصّة بتحويل المدفوعات إلى الروبل والعملات الوطنية للدول المستوردة/المورّدة. سيتمكّن المشترون الأجانب من فتح حسابات خاصة بالروبل من النوع «Z» وحسابات خاصة بالعملة الوطنية لدفع تكاليف توريد المنتجات الزراعية الروسية. وبالمثل، تُستخدم الفواتير ذاتها لدفع ثمن الواردات الزراعية من الدول الصديقة.
من المقرر إطلاق نظام التسوية هذا في العام الحالي. ووفقاً لنائب رئيس الوزراء، فإنّ آليّة التسوية المتبادلة الجديدة «ستصبح أداة لحماية المصدّرين الزراعيين الروس والدول الصديقة لنا من ضغوط العقوبات الطائشة من الغرب. وعلاوة على ذلك، فإن هذه الآلية مفيدة لنا ولشركائنا».
باختصار، تعمل روسيا على تعزيز مكانتها في سوق الغذاء العالمية حتى تحت ضغط العقوبات التي يفرضها الغرب الجماعي وتنجح بذلك، محققة أهدافاً استراتيجية وجيوسياسية.