لوسوردو حول الصين والصراع الطبقي
«ما هو الشكل الذي تتخذه العلاقات الطبقية والصراع الطبقي في الصين؟ إنّ أيّ إجابة تتجاهل السياق الدولي والتاريخي ستكون سطحية» بحسب ما أورد المؤرّخ الماركسي الإيطالي دومينيكو لوسوردو (1941-2018) في كتابه «الصراع الطبقي، تاريخٌ سياسيّ وفلسفي».
تعريب وإعداد: ناجي النابلسي
في الثاني من أيلول 1986 نقل الصحفي التلفزيوني الأمريكي مايك والاس انتقاداتٍ إلى دنغ شياو بينغ أفادت بأنّ المستثمرين الغربيّين «يشتكون من أنّ الصين تُعسِّرُ عليهم القيام بأعمال تجارية هنا، إيجارات باهظة للمكاتب، والكثير من المشاحنات حول العقود، والعديد من الضرائب الخاصة، والعمالة باهظة الثمن».
تتجدّد مثل هذه الشكاوى كلّما سنَّتْ حكومة بكين قوانين مواتية للطبقة العاملة أو عندما تسعى إلى تقييد استغلالها. واليوم، في مواجهة الزيادة السريعة في الأجور وإدخال معايير بيئية وإيكولوجية أكثر صرامة، تتفاعل الشركات العابرة للقوميات من خلال نقل مصانعها إلى بلدان أكثر تخلّفاً وأكثر استيعاباً، بل وفي بعض الأحيان العودة إلى وطنها - خاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث انخفضت تكاليف العمالة بشكل ملحوظ في هذه الأثناء.
وبوسعنا أن نفهم لماذا كان حكام بكين، وكيما يتغلّبوا على الفقر المدقع والتفاوت النوعي المطلق المرتبط به، مهتمّين في المقام الأول بتعزيز القاعدة الصناعية والتكنولوجية.
«الرّقص مع الذئاب»
إنّ التكييف الدولي للسياسة الاقتصادية الصينية - وهو الأمر الذي يتجاهله بانتظام المنظّرون المثاليّون - لا ينتهي عند هذا الحد. دعونا نلقي نظرة على الوضع في النصف الثاني من التسعينيّات. نحن على دراية بالفعل بتهديد واشنطن المتكرر بإغلاق السوق الأمريكية أمام البضائع الصينية، واللجوء إلى إجراء كان يمثل لبعض الوقت المعادل التجاري لاستخدام «الأسلحة النووية». لقد كانت الصين قادرة على البحث عن مأوى من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. ومع ذلك، فإنّ هذه الأخيرة، والمنظمات الاقتصادية الدولية الأخرى التي تهيمن عليها الولايات المتحدة والغرب، ضغطوا من أجل تفكيك سريع وواسع النطاق لصناعة الدولة الصينية، بغض النظر عن التكاليف الاجتماعية - كزيادة البطالة وفقدان المزايا الاجتماعية (رعاية الأطفال، وتوفير الرعاية الصحية، إلخ)، والتي كانت مرتبطة تقليدياً بالتوظيف في أحد المصانع الحكومية في الصين.
وفي مناسبات أخرى، كانت تدخّلات واشنطن مباشرةً أكثر. أشارت الصحافة الأمريكية إلى التحذيرات التي أصدرها السفير الأمريكي في بكين بشأن «العواقب السلبية» للاحتفاظ بقطاع اقتصادي حكومي وجماعي واسع النطاق «وعدم تقديم التزام أقوى تجاه السوق». وهي السياسة التي «حاولت جعلها أكثر قدرة على المنافسة» بدلاً من إغلاق المؤسسات الحكومية الخاسرة، حيث اعتُبرت مثيرة للقلق الأمريكي وغير مقبولة. وقد أثار السخط الصريح ظهور «إستراتيجية» تقوم على «اقتراح» مفاده أن «المستثمرين الأجانب» سوف يتعاونون «مع زعماء الحزب الشيوعي لجلب التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الإدارة إلى الصناعات المملوكة للدولة في الصين».
وفي هذه الأثناء، تمّ قبول انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية. وبفضل هذا، وبفضل التنمية الاقتصادية الهائلة التي تشهدها هذه الدولة الآسيوية، تم تحييد «السلاح النووي» التجاري.
أعباء عدم المساواة المزدوجة
لكن هذا لا يعني أن ترسانة الأسلحة التجارية الموجودة تحت تصرف واشنطن فارغة. إذا كانت الصين ترغب في الاعتراف بها كدولة ذات اقتصاد سوق (وبالتالي ضمانها بطريقة ما ضد تهديد الحمائية)، خاصة إذا كانت ترغب في تخفيف الحظر التكنولوجي الذي تظلّ خاضعة له، فإنها تُحَثُّ على تقديم المزيد من التنازلات من النوع الذي أشرنا إليه من قبل. ونحن نعلم أن الصين، مثلها مثل البلدان الأخرى التي تطوّرت من ثورة مناهضة للرأسمالية والاستعمار، تجد نفسها مضطرّة إلى مواجهة نوعين مختلفين من عدم المساواة، عدم المساواة العالمية، وعدم المساواة المحلّية.
يبدو الأمر كما لو أن واشنطن تخاطب بكين على النحو التالي، إذا كنتِ ترغبين في إزالة العقبات التي تعيق التغلب على النوع الأول من عدم المساواة (مع إلغاء القواعد التي تمنع أو تعيق الوصول إلى التكنولوجيا الأكثر تقدماً)، فيجب عليكِ تقديم تنازلات وهذا يؤدّي في الواقع إلى تفاقم النوع الثاني من عدم المساواة (تفكيك قطاع الدولة من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض القدرة على التدخل لصالح المناطق الأقل نمواً، وبالتالي يجعل النضال ضد عدم المساواة الإقليمية أكثر صعوبة).
من الناحية النظرية، تستطيع الصين أن تتجنّب مثل هذه الضغوط والظروف من خلال الشروع في طريق تنمية يعتمد على الاكتفاء الذاتي. في الواقع، كما أوضح البيان الشيوعي بالفعل، لا يمكن التغلب على التأخر الاقتصادي والتكنولوجي بمعزل عن عملية مستمرة على المستوى العالمي، والتي ترى استبدال الصناعات الوطنية القديمة وإحلال الصناعات الجديدة مكانها، والتي يصبح إدخالها مسألة حياة أو موت لجميع الأمم المتحضّرة، والصناعات التي يتم استهلاك منتجاتها ليس فقط في الداخل، بل في كل ركن من أركان أنحاء العالم.
بمعنى آخر، لا يمكن تصوّر تطوّر بلد قام بثورة مناهضة للرأسمالية أو مناهضة للاستعمار إذا لم يرتبط بالسوق العالمية التي لا تزال تسيطر عليها البرجوازية إلى حد كبير، ولكن بطريقة «يراقِصُ فيها الذئاب» ريثما تقوى شوكته لمعارِك أكثر حسماً.
الصراع الطبقي السياسي-الأيديولوجي
يمكننا استخلاص نتيجة. إذا أردنا أن نفهم مصطلحات الصراع الطبقي في الصين بشكل صحيح؛ يجب أن نأخذ في الاعتبار دور البرجوازية الغربية، وخاصة البرجوازية الأمريكية. ولا يقتصر هجومها على قطاع الدولة من الاقتصاد، وبشكل أكثر عمومية، على الدور القيادي الذي تلعبه السلطة السياسية في الاقتصاد. إنه هجوم سياسي إيديولوجي يسعى إلى شيطنة ماو تسي دونغ على أساس إضفاء الطابع المطلق عليه وإخراجه من سياق السنوات التعيسة التي قضاها في السلطة. وفي حالة الزعيم الذي توفي عام 1976، والذي حكم الصين بأكملها منذ عام 1948 ومناطق واسعة إلى حد ما منذ عام 1928 فصاعداً، فإننا لا نأخذ في الاعتبار سوى سنوات «القفزة الكبرى إلى الأمام» و«الثورة الثقافية». ما يتم قمع الحديث عنه هو الشيء الأساسي، في المجمل، كانت الإنجازات الاجتماعية لعصر ماو استثنائية حقّاً. لقد اشتملت على تحسّن ملحوظ في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وزيادة كبيرة في «متوسط العمر المتوقّع» للشعب الصيني. ومن دون هذه المقدمات، لا يمكننا أن نفهم التنمية الاقتصادية الهائلة التي حرّرت فيما بعد مئات الملايين من البشر من الجوع، بل وحتى من الموت جوعاً.
ما يخفيه منظّرو الغرب
ثانياً، يلتزم المنظّرون الغربيون الصمت بشأن حقيقة أن «القفزة الكبرى» كانت، في كثير من النواحي، محاولة يائسة للتعامل مع الحصار المدمِّر. كما ينطبق ذلك جزئياً على الثورة الثقافية، التي اتسمت بالوهم بأنه من الممكن تعزيز النمو الاقتصادي السريع للغاية من خلال اللجوء إلى التعبئة الجماهيرية والأساليب المعتَمَدة بنجاح في النضال العسكري. تم القيام بكل هذا على أمل وضع حدٍّ للدمار الذي خلّفته «الحرب الاقتصادية» التي يمكن أن يُلمَح وراءَها التهديدُ بحربٍ أكثر شمولاً. وبفضل هذين التشويهين، فإنّ أولئك المسؤولين بشكل مشترك - أو ربما بشكل رئيسي - عن المأساة يتظاهرون بأنهم قضاة وينطقون بحكمٍ مُضلِّل مفاده أنّ ماو، بطل ملحمة النضال من أجل التحرير الوطني الذي هزم خطط الاستعمار والاستعباد التي اتبعها مقلّدو الرايخ الثالث الآسيويّون، يتمّ وضعه «على قدم المساواة مع هتلر!». تهدف هذه العملية إلى تقويض الاحترام الذاتي لأعضاء الحزب الشيوعي ومواطني الجمهورية الشعبية، في سياق «حملة صليبية» تسعى إلى ممارسة «سلطة الثروة» على بكين، من أجل قمع ما يعتبِره الذين يشنّون هذه الحملة «شذوذاً لا يطاق». إنّ مزيج الضغوط الاقتصادية والسياسية الأيديولوجية هو ما يمثّل الصراع الطبقي الرئيسي في الصين وما حولها.
كتب المؤرّخ الماركسي الإيطالي دومينيكو لوسوردو بأنّه «لولا التطور الصناعي والتكنولوجي الكبير للصين بطريقة أدّت إلى تحرير أكثر من 600 مليون شخص من الفقر (أو وفقاً لحسابات أخرى 660 مليون)، لما تمكّنت الصين من هزيمة الخطط الأمريكية لتغيير النظام». نتابع في هذا المقال بعضاً ممّا كتبه لوسوردو في كتابه «الصراع الطبقي، تاريخٌ سياسيّ وفلسفي».
في حال نجاح أيّ مشروع أمريكي لتغيير النظام الصيني الآن سيكون من شأنه سدّ الطريق أمام تحقيق المزيد من التقدم المطلوب في الكفاح ضد جانبين من اللامساواة، على المستوى الدولي والمحلي، بل وسوف يهدّد في الواقع الإنجازات التي تمّ تحقيقها.
البرجوازية الصينية و«الماركسيون الغربيون»
بطبيعة الحال، لا يمكن تجاهل البرجوازية المحلّية، التي تنمو بسرعة. فالعمّال الذين يناضلون من أجل أجور أعلى وظروف معيشة وعمل أفضل، والذين حقّقوا (ولا يزالون) نتائج مهمّة، غالباً ما يتعارضون مع هذه البرجوازية. لكن مثل هذه النضالات لا تهدف إلى الإطاحة بالحكومة أو تحدّيها، بل إنّها في الواقع تستدعي دعمها في كثير من الأحيان لمواجهة غطرسة ومقاومة أصحاب العمل أو أرباب العمل المحلّيين. وهو الموقف الذي كثيراً ما يُذهِل «الماركسيّين الغربيين»، وهم يدعون العمّال الصينيين إلى رفض أيّ تسوية مع سلطة الدولة في نضالاتهم الصناعية ويزاودون عليهم معتبرين أنفسهم بذلك «جذريّين» و«ثوريين».
لازاريفيتش في بلاد لينين
يتابع لوسوردو، إننا نجد شبيهاً تاريخياً لعدم فهم هؤلاء «الماركسيين الغربيين» لطبيعة الصراع الطبقي في الصين، في قصّةِ حقيقية عن عامل بلجيكي اسمه لازاريفيتش، كان يعمل في روسيا السوفييتية التي دمّرتها الحرب العالمية والحرب الأهلية، وأبدى استعداده لإدانة أي محاولة من قبل الحكومة السوفييتية لإعادة تنظيم الجهاز الصناعي والاقتصادي، معتبراً ذلك مرادفاً «للاستغلال».
وكان لوسوردو قد أورد قصة هذا العامل البلجيكي في الفصل الثامن من الكتاب نفسه، وملخّصها ما يلي، إنّ الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السوفييتية لتحسين إنتاجية العمل تعرّضت منذ البداية إلى معارضة من اتجاهٍ معيَّن، كان من المتأثرين به العامل البلجيكي نيكولاس لازاريفيتش، الذي رغم تعاطفه مع الثورة البلشفية ومجيئه إلى موسكو كنصيرٍ لها، لكنه سرعان ما شجب إجراءات الحكومة السوفييتية الساعية إلى تسريع وتيرة العمل دون زيادة متناسبة بالأجور آنذاك. ففي رأي لازاريفيتش كان ذلك مرادفاً للاستغلال وحتى أنّه دعا إلى إضرابات ضدّ الحكومة السوفييتية وانتهى به الأمر بطرده من البلاد. وينوّه لاسوردو بأنّه وبخلاف موقف هذا العامل البلجيكي بشأن أنماط الصراع الطبقي، فإنّ لينين ومنذ أكتوبر 1919 شدّدَ في عدة مناسبات على أنّ «الصراع الطبقي ما زال متواصلاً ولكنه فقط قد غيّر أشكاله» وأنّ على الناس ألّا يفقدوا القدرة على رؤية أنّ ثمّة «اختلافاً جوهرياً بين الصراع الطبقي للبروليتاريا في دولة [رأسمالية]... والصراع الطبقي للبروليتارية في دولة لا تعترف بالملكية الخاصة للأرض وللمشاريع الكبيرة وحيث السلطة السياسية بين أيدي البروليتاريا».
لوسوردو، الذي يعتبر أنّ الصين قامت في ظل الحكم الشيوعي خلال النصف الثاني من القرن العشرين بنوعٍ ما من «خطة اقتصادية جديدة» (نيب) طويلة الأمد)، ينوّه بأنّ من الواضح أنّ الوضع في الصين اليوم مختلف تماماً. والعمال الصينيون، الذين غالباً ما يكونون أعضاء في الحزب الشيوعي، يهتمّون، بهذه الصفة، أيضاً بتعزيز التطور التكنولوجي للشركات التي يعملون فيها والأمة التي ينتمون إليها. ربما تعلّموا شيئاً ما، بشكل مباشر أو غير مباشر، من الدروس التي نوّه إليها لينين في كتابه «ما العمل»؟ لقد انتقد لينين سكرتير النقابات العمالية لأنه أغفل النضال من أجل التحرّر في جوانبه الوطنية والدُّولية المختلفة، لدرجة أن يصبح في بعض الأحيان دعامةً «لأمة تستغل العالم كله» (بريطانيا في ذلك الوقت). أمّا الثوري الذي يُعتَبَر «منبر الشعب» فيتبنى موقفاً مختلفاً تماماً. ويجب أن يكون قادراً على مراعاة مجمل العلاقات السياسية والاجتماعية، على الصعيدين الوطني والدولي. العمال الصينيون، على الرغم من أنهم يدركون، ولو بشكل غامض، حقيقة أن التطور التكنولوجي لبلادهم يحبط «الإلحاق الاقتصادي» لها بالإمبريالية (بتعبير لينين)، أو «العدوان الاقتصادي» «والنِّير الاقتصادي» (بتعابير غيفارا)، الذي تفرضه الإمبريالية على البلدان المتمرّدة، فإنهم أقرب بكثير إلى مقاومة هذه الأشكال من العدوان الإمبريالية على البلدان المتمردة مقارنة بالماركسيين الغربيين المنشغلين حصريّاً بالأجور. وعلى عكس المدافعين المفتَرضين عنهم، يستشعر هؤلاء العمّال أن البرجوازية الأمريكية والغربية تشكّل خصماً رئيسياً في الصراع الطبقي داخل الصين وما حولها، ولا سيّما في سياق مرتبطٍ بالتحرر الوطني...
ويرى لوسوردو بأنّ الرأسماليين الصينيين مضطرّون إلى التصالح مع السياسة التي وصفها ماو «بالمصادرة السياسية» للبرجوازية، هذه المصادرة السياسية لا تعني ببساطة استحالة تحويل القوة الاقتصادية إلى قوة سياسية، بل إنّ القوة الاقتصادية للبرجوازية نفسها هي التي تخضع لتكييف سياسي قوي؛ يكفي أن تدخل شركة صينية مملوكة للقطاع الخاص لتدرك النفوذ الذي يمارسه فيها الحزب الشيوعي والعمال الشيوعيون المنظَّمون. فهي تشجّع المالكين إما على إعادة استثمار حصة كبيرة من الأرباح في التطوير التكنولوجي للمؤسسة، وذلك لتعزيز نمو القوى الإنتاجية وتحديث البلاد، أو للحد من النوع الأول من عدم المساواة أو القضاء عليه؛ أو استخدام جزء من الأرباح لمبادرات اجتماعية. ولأن الشركات الخاصة تعتمد إلى حدّ كبير على الائتمان الذي يقدّمه النظام المصرفي الذي تسيطر عليه الدولة، فإن الاستنتاج يفرض نفسه، في الشركات الخاصة تكون قوة الملكية الخاصة متوازنة ومحدودة بنوع من القوة المضادة. الرأسماليون الصينيون الذين لا يستطيعون التكيف مع هذا الوضع يغادرون البلاد ولكنهم يجدون صعوبة في نقل ثرواتهم.
أيُّ «ديمقراطية» يريدها الغرب للصين؟
يدرك الحزب الشيوعي أيضاً ضرورة المضي قدماً على طريق التحول الديمقراطي، على الرغم من استمرار التطويق العسكري والتهديد، بل وتفاقمه في بعض النواحي. ولكن حتى في ظل غموض سماتها، فإن الديمقراطية التي تنتهجها بكين ليست تلك التي يستحضرها الغرب، حيث تعني الديمقراطية بالنسبة للغرب، إمكانية قيام البرجوازية الصينية في نهاية المطاف بتحويل قوتها الاقتصادية إلى قوة سياسية، وهو بالضبط الجوهر الطبقي للمطالبة الغربية بـ«الديمقراطية» في الصين.
الصراع داخل الشيوعي الصيني
في الوقت نفسه، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن هناك صراعاً داخل الحزب الشيوعي الصيني بين تيار «قوميّ بحت»، يرى أن العملية الثورية قد انتهت إلى تحقيق الأهداف الوطنية (التحديث، واستعادة السلامة الإقليمية، والإصلاح السياسي، ونهضة الصين)، وتيار ذي أهداف أكثر طموحاً تتعلق بتاريخ الحركة الشيوعية ومُثُلها.
يختتم لوسوردو الفصل بشأن الصراع الطبقي في الصين باعتباره أنّ هناك شيئاً واحداً مؤكَّداً، مع تطور الصين، الذي لا يزال يتم توجيهه إلى حد كبير من قبل السلطة السياسية، والذي يسعى حتى الآن إلى إخضاع السعي إلى الربح من قبل القطاعات الخاصة في الاقتصاد إلى غايات عامة، فإنّ الصين هي الدولة التي تتحدى أكثر من أي دولة أخرى التقسيم الدولي الاقتصادي للعمل، الذي فرضه الاستعمار والإمبريالية، وهي تعزّز بذلك نهاية العصر الاستعماري، وهي حقيقة ذات أهمية تاريخية تقدمية هائلة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1154