هل تتحوّل ألمانيا من رائدة صناعة السيارات إلى ورشة لقطع الغيار؟
جوناس سيمون جوناس سيمون

هل تتحوّل ألمانيا من رائدة صناعة السيارات إلى ورشة لقطع الغيار؟

توظّف صناعة السيارات الألمانيّة عشرات آلاف العمّال، وترتبط بها 1,8 مليون وظيفة بشكل غير مباشر، لكن حتّى هذه الأرقام لا تعبر تماماً عن مدى أهميتها حقاً بالنسبة لألمانيا. فحتّى لو أغفلنا حقيقة أنّ العلامات التجارية، مثل: «فولكس فاجن» معروفة في جميع أنحاء العالم، يبقى قطاع السيارات هو من يقود المعرفة الصناعية التي تعتمد عليها قوّة الاقتصاد الألماني. تواجه هذه الصناعة اليوم أزمة حادّة: تمّ تسريح الآلاف العام الماضي، ويكافح العديد من الموردين الصغار للنجاة. لكنّ اللائمة هنا لا يجب أن تقع فقط على الوباء، فحتّى قبله كانت المبيعات في حالة ركود. كتب المستشار الإداري أليكس بارتنرز: «الداروينيّة ترسخت هنا، فالشركات المصنّعة المبتكرة وذات الأمان المالي، هي وحدها التي ستنجو من هزّة السوق القادمة».

ترجمة: قاسيون

حققت شركات السيارات الألمانية أرباحاً هائلة لعقود من الزمن، لكنّها فشلت في الاستثمار في النقل الكهربائي، وهم بحاجة اليوم للتعويض عن الوقت الضائع. أصبحت السرعة التي سيحدث بها التغيير واضحة، منعكسة بتشديد الاتحاد الأوروبي مرة أخرى لأهدافه المناخية. من المقرر خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في السيارات إلى النصف بحلول 2030. تخطط الصين– أهم سوق للشركات الألمانية– لتحتلّ ربع كامل التسجيلات الكهربائيّة الجديدة بحلول 2025، لكنها أيضاً تروّج بشكل كبير لصناعة السيارات الكهربائية الصينيّة. يشير إنشاء مصنع تسلا في برلين إلى المنافسة الشديدة التي تواجهها صناعة السيارات الألمانية وعمّالها، وخاصة إذا ما أخذنا بالحسبان أنّ تسلا– كما أعُلن– لن تقبل المساومة العمّالية الجماعية، ولا نقابات العمّال ضمن مصانعها في ألمانيا.
وحتّى لو تمكنت الشركات الألمانية من اللحاق بموجة التحول إلى الكهرباء، قد يعني ذلك فقدان الكثير من الوظائف. وفقاً لتقرير حكومي ألماني، أكثر من 400 ألف وظيفة معرضة للخطر بحلول عام 2030. لكنّ هذا ليس التحدي الوحيد الذي يواجه الصناعة الألمانيّة. فتكنولوجيا المعلومات باتت جزءاً مهمّاً بشكل متزايد في السيارات– وهو الأمر الذي تعتبر فيه الصناعة الألمانية ضعيفة نسبياً. يدفع هذا شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى محاولة الاستيلاء على حصّة أكبر من القيمة التي يخلقها إنتاج السيارات.
فإذا أخذنا غوغل كمثال، فقد أطلقت «تحالف السيارات المفتوح»، الذي يضمّ عدداً هائلاً من مصنّعي السيارات الذين وافقوا على استخدام نظام أندرويد في مركباتهم. عرضت آبّل بدورها نظام تشغيلها الخاص بالسيارات. بينما بي.إم.دبليو تستثمر موارد هائلة لتطوير نظامٍ خاصّ بها. علاوة على ذلك فغوغل وآبّل وأمازون يعملون بشكل نشط على تكنولوجيا السيارات ذاتيّة القيادة. في أوائل عام 2018، حذّر «اتحاد الصناعات الألمانيّة» من أنّ شركات السيارات الألمانيّة «قد تنحدر مرتبتها لتصبح مجرّد مزوّد لقطع الغيار».

رقمنة صناعة السيارات

قد يوازي تحوّل صناعة السيارات الألمانية إلى رقميّة تسريح المزيد من العمّال والاستغناء عن خدماتهم. في دراسة لباحثين من جامعة ريوتلنغن ومؤسسة MHP نشرت في 2017، أنّ ما بين 70 إلى 100% من الوظائف التي يقوم بها عمّال في صناعة السيارات الألمانية، قد تخضع للأتمتة بحلول 2030. هذه الأرقام مرتفعة جداً، ويجب أن نشكك بمدى واقعيتها، لكن الاعتقاد السائد على نطاق واسع: أنّ قسماً كبيراً من الوظائف المباشرة والمتصلة بهذا القطّاع ستكون عرضة للخطر.
يتعرّض خطاب الأتمتة- عامّة- للكثير من الانتقادات، فبين من يرى فيه مبالغة للضغط على العمّال واستغلالهم أكثر، ومن يرى بأننا مقبلون على عصر «الإقطاع التكنولوجي»، ومن يرى فيه فرصة لتعبيد الطريق نحو حدّ أدنى من الأجور غير المشروطة، هناك الكثير من الأحاديث المتضاربة. وقطّاع صناعة السيارات الألمانيّة ينطبق عليه ما ينطبق على غيره.
يرى المؤرخ الاقتصادي آرون بيناناف، أنّ توقعات الأتمتة وخسارة العمّال لوظائفهم مبالغ بها. فالزيادة المزعومة في الإنتاجية من خلال الأتمتة ليست موجودة. في الواقع، نمو التصنيع أكثر بطئاً ممّا كان عليه في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ففي ألمانيا، ارتفع بمعدل 6,3% سنوياً في الخمسينات والستينات، وبين عامي 2000 و2017، كان النمو بمعدل 2,4% فقط، رغم عمليات إدماج الروبوتات في التصنيع والتحوّل إلى الرقمنة.
لا يمكن إنكار وجود اتجاه نحو التراجع عن التصنيع. في البلدان الثريّة، بدأ هذا الميل من أوائل الستينات– كما اختبرت العديد من الاقتصادات الصاعدة «تراجعاً مبكراً عن التصنيع» في العقود الأخيرة. ورغم أنّ حصة العمالة الصناعية في ألمانيا لم تنخفض بذات الوتيرة التي حدثت في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، إلّا أنّها انخفضت من 29% في 1970 إلى 17% اليوم.
يرجع ذلك جزئياً إلى انحسار الطفرة الفريدة تاريخياً التي أعقبت الحرب، وإلى حقيقة أن اليابان وألمانيا بعد أن عانيا من أضرار الحرب، أعادا البناء بالكامل، وأغرقا السوق العالمية بمنتجاتهما الصناعية. منذ ذلك الحين، عانى التصنيع من فرط سعة الإنتاج الهيكلي. في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، نما الإنتاج الصناعي العالمي بمتوسط سنوي​​ 7,1%، ولكنّه انخفض إلى 4,8% في السبعينات، ثمّ إلى 3% بين عامي 1980 و2007.

الحرب الطبقيّة من أعلى!

ميّز هذا الركود الاقتصادات المتقدمة لعقود. تلاشت وظائف التصنيع الآمنة في حقبة ما بعد الحرب لصالح وظائف قطاع الخدمات ذات الأجور الضعيفة وغير المستقرة في الغالب. من بين الاستثناءات: الصين، وألمانيا إلى حدّ ما. حافظت ألمانيا لفترة طويلة على مستوى مرتفع نسبياً من العمالة الصناعية، ويعود ذلك في المقام الأول إلى إستراتيجية التصدير القوية التي حصلت ألمانيا من خلالها على حصّة أكبر من السوق متباطئ النمو.
قيل أيضاً بأنّ ألمانيا «صدّرت» بطالتها: من خلال «تقييد الأجور»، والتخفيضات في الإنفاق على الضمان الاجتماعي، والقطاع الصناعي القوي، واليورو المقّدر بأقلّ من قيمته نسبياً، تفوقت على بقية دول العالم، وخاصة دول الأطراف الأوروبيّة.
اعتمدت هذه الإستراتيجية على خفض الاستهلاك– أي: خفض مستويات معيشة الجماهير الألمانية. نتيجة لذلك، تميل ألمانيا إلى الاستيراد بشكل أقل من البلدان الأخرى، بينما تحافظ على تصدير أكبر، ما يؤدي إلى تحقيق فوائض تجارية هائلة. مراراً وتكراراً، تمّ توجيه دعوات إلى ألمانيا لزيادة الاستهلاك من أجل تقليص الفارق في ميزان المستوردات/المدفوعات. ربّما الأكثر شهرة في فعل ذلك هو ترامب، لكنّ أوباما دعا إلى ذات الأمر، وفي عام 2017 وصف إيمانويل ماكرون الفوائض التجارية لألمانيا بأنّها «غير مستدامة».
لكنّ ألمانيا استمرّت بذات الترتيب، فهو مربح بشكل هائل لشركاتها الموجهة نحو التصدير. تدفع الطبقة العاملة الألمانية ثمن هذه الإستراتيجية، فكما وصف مايكل بيتيس وماثيو كلاين في كتابهما «الحروب التجارية حروب طبقيّة»، فالنجاح الألماني: «يعتمد على تركيزه المطلق على القدرة التنافسية للصناعات التصديرية... أي: الاستمرار في خلق عدم توازن هائل بين العمّال ومالكي رأس المال».
تعتبر صناعة السيارات جانباً رئيساً في إستراتيجيّة التصدير الألمانية. في عام 2018، تمّ بيع 75% من السيارات المصنّعة في ألمانيا إلى الخارج. في ذات العام، شكّلت السيارات 18% من إجمالي الصادرات الألمانية. مع ركود الطلب العالمي على السيّارات، هناك طريقة واحدة فقط للحفاظ على استقرار أرقام المبيعات: حجز موقع مرموق في سياق التنافس الدولي. فكما قال الرئيس التنفيذي لـ بي.إم.دبليو: «هناك الكثير من السيارات في العالم، لكن قلّة من بي.إم. دبليو».
للتغلّب على المنافسة، لجأت صناعة السيارات الألمانيّة إلى التكتيكات الرأسمالية المعتادة: تخفيض تكاليف العمالة وزيادة ظروف العمل سوءاً. صحيح بأنّ صناعة السيارات الألمانية لا تزال تؤمّن أفضل الوظائف الصناعية في العالم بشكل نسبي، لكنّ هذا مضمون للقوى العاملة الأساسية وحسب. فهي تعتمد بشكل متزايد على العمالة المؤقتة وغير المثبتة. فكما وصف أوليفر ناختوي الأمر: «يعمل العمّال المؤقتون ومن الباطن جنباً إلى جنب مع زملائهم المثبتين، والذين لا يزالون مظللين بالحماية. وعندما يتمّ تخفيض العمّال، يكونون أول من يخسر وظيفته».
في سبيل تخفيض تكاليف العمالة أكثر، تمّ نقل مكونات إنتاج كاملة إلى الخارج، وبشكل خاص إلى أوروبا الشرقية. تتم إعادة موضعة الإنتاج بظروف عمل أقسى في بلدان مثل: هنغاريا، قبل أن يتم إرساله للتجميع في المصانع الألمانيّة. فبالرغم من الخطاب القومي لحكومة أوربان في هنغاريا، تم منح رأس المال الألماني كلّ ما يريده، مثل: تشريع قانون في 2019 لإطالة ساعات العمل يسميه الهنغاريون: «قانون العبيد» أو قانون «أودي وبي.إم.دبليو».
والخطوة الثالثة في سبيل زيادة القدرة التنافسية هي: أتمتة أماكن العمل. وكذلك يتمّ الأمر بشكل رأسمالي نموذجي، فالتطوّر التكنولوجي هنا يخدم هدفاً واحداً: أداة لتقليل التكاليف لصالح أرباب العمل، ويتحكمون فيها بالعمّال بتحويلهم إلى مجرّد فائض ملحق بالآلات.

1023-5

تنافس مواقع الإنتاج

تهدف جميع هذه الإجراءات إلى ضمان التفوق النسبي للشركات الألمانية، لكنّها أيضاً تعكس المنافسة الشرسة بين مواقع الإنتاج، حيث تكافح الدول الصناعية الرائدة للبقاء في القمّة.
وفقاً للباحث والنقابي بيتر شاد، تركّز الولايات المتحدة على تطوير القيادة الذاتية، وهي تسمح بموجب القانون بأكبر مسافة كيلومترات كي يطوّر رأس المال التكنولوجيا الجديدة، في ذات الوقت الذي تنشئ فيه نمذجة موحدة للصناعة الرقمية من خلال «اتحاد الإنترنت الصناعي».
المنافس الرئيسي للولايات المتحدة في هذا المجال هي الصين. تسعى الصين جاهدة لتكون على قدم المساواة مع الولايات المتحدة بحلول عام 2035. تستثمر الدولة الصينية لهذه الغاية مبالغ هائلة في البحث والتطوير والبنية التحتية الرقمية. تركز الصين في مجال صناعة السيارات على الكهرباء– ويعود ذلك بجزء كبير لأسباب بيئية، وبجزء آخر لأنّ صنّاع القرار الصينيين يرون بأنّ بلادهم يمكن أن تصبح رائدة عالمياً في مجال النقل الكهربائي أسرع من الجميع.
تبذل الدولة الألمانية أيضاً كل ما بوسعها لتجهيز صناعتها المحلية للمنافسة العالمية. ففي حين أنها لا تزال تؤدي بشكل جيد في الإنتاج التقليدي، فمركزة تكنولوجيا المعلومات الكفؤة ستزداد فقط عبر مسار الرقمنة– وتتفوق البلدان الأخرى على الألمان في هذا المجال. لهذا السبب تروّج برلين للرقمنة الخاصة بها تحت عنوان «الصناعة 4,0». حذّرت أنجيلا ميركل من كونهم بحاجة لإتقانها بسرعة، «وإلا فإنّ أولئك الذين يقودون المجال الرقمي سيأخذون منّا الإنتاج الصناعي».
يتم دعم صناعة السيارات كذلك في التحول إلى الكهرباء من خلال أقساط الشراء للمستهلكين، والتوسّع المموّل من الدولة للبنية التحتية لصناعة البطاريات. تتمثّل إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه صناعة السيارات الألمانيّة في إنتاج البطاريات، حيث يهيمن المنافسون الآسيويون على السوق. للحاق بالركب، تتعاون ألمانيا مع دول أخرى في «تحالف البطاريات» الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف لتوحيد جهود الشركات الخاصة تحت إشراف الحكومة لتشكيل اتحادات صناعية ضخمة، مدعومة بشكل كبير من الدولة. في موازاة ذلك، أطلق الاتحاد الأوروبي تحالفاً للمواد الخام في تشرين الأول الماضي بمشاركة مئات الشركات الأوروبية.
كما تقدّم الدولة يد العون للشركات الألمانية من خلال ضمان استمرار وصولها الإيجابي إلى الأسواق الدولية، وخاصة السوق الصينية الحيويّة متزايدة النمو. أظهرت دراسة أجراها «مركز أبحاث السيارات» أنّ فولكس فاجن ومرسيدس وبي.إم. دبليو باعت 14,16 مليون سيارة العام الماضي، من بينها 5,6 ملايين إلى الصين. قال رئيس المركز معلقاً، بأنّ «حصّة الصين من مبيعات شركات صناعة السيارات الألمانية لم تكن بهذا الارتفاع مطلقاً، وستستمرّ في الارتفاع».
لكنّ الصين بالنسبة لرأس مال صناعة السيارات الألماني سيفٌ ذو حدين: فهي ليست مجرّد موقع تصنيع منخفض الأجور مثل هنغاريا. تحرص الدولة الصينية بشكل صارم على ضمان مساهمة الشركات الغربية التي تنتج عندها في تعزيز الصناعة الصينية. مثال: إلزامها بالدخول في مشاريع مشتركة مع الشركات الصينية.
من هنا تأتي مشكلة رأس المال الغربي، ففي حين أنّه حقق أرباحاً طائلة من الإنتاج في الصين في العقود الأخيرة، فقد كان يعزز أيضاً منافسي الغد. تبنّت الولايات المتحدة مسار المواجهة، وتسير في طريق «الفصل» كي تمارس ضغطاً أكبر على الصين. بينما قام الاتحاد الأوروبي بوضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية الاستثمار الشاملة مع الصين العام الماضي، حيث كانت ألمانيا هي القوة الدافعة الأساسية في تأمين هذه الصفقة.

أفضل للبيئة؟

يحاول رأس مال صناعة السيارات الألمانية وسياسيوه التسويق لمسار عمله بطرق كثيرة، منها: حماية البيئة، وحماية القدرات التنافسية. لكن ما لم نرغب في أن نكون كمهللي «الخضر»، علينا أن ندرك بأنّ الرأسمالية غير قادرة هيكلياً على التغيّر بما يحمي البيئة. فإنفاذ «صفقة خضراء» فاعلة يحتاج إلى شروط ليست قريبة حتّى مما هو موجود اليوم، ومن أهمّها: أن يكون هذا التحوّل لصالح الطبقة العاملة الصناعية المتضررة ويقنعها بدعمه.
يدعو البعض في ألمانيا إلى تحويل الإنتاج بشكل كلي عن صناعة السيارات، مثل: زعيم حزب «دي.لنكه» بيرند رايكسنغر الذي دعا إلى «صفقة خضراء جديدة» تأخذ في حسبانها «الابتعاد عن مجتمع السيارات». لكنّ الترويج لهكذا برنامج عمل بشكل مجتزأ، يعني: أنّ هناك أكثر من مليون عامل في صناعة السيارات– لديهم مصالح مفهومة في رؤية شركاتهم تحقق الربح ليحافظوا على أعمالهم– سيقفون ضدّ هكذا برنامج.
يفسّر هذا سبب تشكك بعض النقابات في التدابير المناخية الطموحة. مثال: نقابة عمّال الصلب الألمان: IGMetall التي ضمّت جهودها إلى الجمعيات البيئية لإحداث نقلة نوعية في المناخ، لكنّها رفضت بشكل مطلق أيّ تفكيك جذري لصناعة السيارات «لعدم تركيز هكذا دعوات على العمل والبطالة والإنتاج».
يفهم العمّال وممثلوهم، أنّ ذات المنافسة التي يحاولون تعزيزها لدى شركاتهم قد تقود إلى خسارتهم لأعمالهم أو لضغط أجورهم وزيادة شروط عملهم سوءاً، أو لاستبدالهم بآلات روبوتيّة يصبحون ملحقين بها بأجور أزهد. لكن إذا كانت الحركات البيئية تريد من العمّال الوقوف إلى جانبها ودعمها وتبني قضاياها، فعليهم أن يوسعوا مداركهم ومفاهيمهم الجذريّة لتشمل تخطي الإنتاج الرأسمالي بأكمله. والفشل في ذلك يعني بأنّ حركات يمينية مثل: حزب «AfD» الذي حاول الاستفادة من هذا الأمر وفشل غير مرّة، قد ينجح في المرات القادمة.
سيكون الخروج من سباق الفئران الرأسمالي العالمي هذا نعمة بالنسبة للعمّال، لأنه سيسمح بتنصيب نمط إنتاج أكثر لطفاً وإنسانية وأكثر استدامة. لكن في الوقت الحالي، لا يوجد ما يشير إلى أن الألمان مستعدون لاتخاذ مثل هذا المسار، ولا توجد وجهة نظر في ألمانيا غير مثيرة للجدل وراسخة بقوة في جميع المعسكرات السياسية، مثل: الاقتناع بأن البلاد يجب أن تظل قوة صناعية رائدة بأي ثمن.

بتصرّف عن: Germany Auto Is Going Electric — But It’s Not Helping Workers

معلومات إضافية

العدد رقم:
1023
آخر تعديل على الإثنين, 21 حزيران/يونيو 2021 11:40