طاقة نظيفة للغد
نادراً ما يمر يوم دون أن تحتل مسألة تتعلق بالطاقة العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام. ويوماً بعد يوم تتزايد حاجة العالم إلى طاقة نظيفة يمكن تحّمل كلفتها لدعم النمو الاقتصادي والتنمية دون الإضرار بالبيئة. وما من شك في أن تأمين مصادر طاقة وافرة مستديمة ونظيفة هو أحد أعظم التحديات التي تواجه العالم الحديث. تحاول حكومات الدول والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية الاستجابة لهذا التحدي من خلال البناء على أساس تقليد طويل من الأبحاث المتعلقة بتأمين طاقة نظيفة لتطوير تكنولوجيات تحويلية تقلص الاعتماد على النفط، وتعود بفوائد بعيدة المدى على العالم أجمع، وكذلك عبر اللجوء إلى التكنولوجيات المُحّدِثَة لتغييرات جذرية، وإلى القدرة الإبداعية لأصحاب المشاريع، ودعم المبادرات المحلية في الدول النامية.
ترجمة: عادل بدر سليمان
تشكل الطاقة موضوعاً ملحاً للنقاش في كل اجتماع يعقده زعماء العالم، ولهذا أسباب وجيهة؛ فانقطاع الإمدادات وارتفاع الأسعار يؤثران إلى حد كبير في القرارات اليومية حول كيفية تزويد سياراتنا بالوقود، وتدفئة منازلنا، ومد مؤسسات أعمالنا ومصانعنا بالطاقة. والأكثر من ذلك هو أن ثلث مجمل سكان العالم، لايحصلون على خدمات الطاقة الحديثة اللازمة لنقل المدارس إلى القرن الواحد والعشرين، وتشغيل الصناعات، ونقل المياه، وزيادة المحاصيل الزراعية، علاوة على كونها ضرورية لإنارة وتدفئة وتبريد المرافق الصحية.
كما أنه لايمكن الفصل بين هدفي أمن الطاقة وتقليص الفقر المترابطين إلى حد التكامل وضرورة خفض تلوث الهواء الضار ومعالجة تغير المناخ. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن حوالي (4400) نسمة يموتون يومياً بسبب تلوث الهواء داخل المنازل، الذي ينجم الكثير منه عن ممارسات غير صحية في طهو الأطعمة وتدفئة المنازل. يعتقد المهتمون بشؤون الطاقة أن أفضل سبيل لتعزيز أمن الطاقة ومساعدة الدول على النمو، وحماية البيئة وتحسين الصحة العامة، هو تشجيع ابتكار تكنولوجيات لتوليد طاقة بديلة للنفط تكون نظيفة ويمكن تحمل كلفتها، الأمر الذي يُحتم تنفيذ مقاربة متنوعة تشمل تكنولوجيات ابتكار وقود بيولوجي جديد مستخرج من محاصيل زراعية غير غذائية، وتكنولوجيا الفحم النظيف، والتسويق التجاري لسيارات هجينة توصل بالكهرباء، وتكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين، وأنظمة نووية أكثر فعالية ومقاومة لانتشار الأسلحة النووية، وتكنولوجيا الاندماج النووي (المولد للطاقة). لقد حان الوقت لبلورة إستراتيجية شاملة تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط، وزيادة النسب المئوية على التمويل المخصص للأبحاث المتعلقة بابتداع طاقة بديلة، وذلك عبر زيادة الاستثمار في تكنولوجيات الطاقة الشمسية والرياح، وفي إنشاء محطات توليد الطاقة التي تعمل بحرق الفحم دون أية انبعاثات، وتكنولوجيا الطاقة النووية النظيفة. ليس المهم العمل على تطوير تكنولوجيات لتوليد طاقة نظيفة فحسب، بل والعمل على جعلها أرخص ثمناً وتوفراً ليصبح الحصول عليها أسهل.
تلجأ بعض الدول إلى نطاق عريض من الشراكات تهدف إلى التعجيل في نشر تكنولوجيات أنظف وأشد فعالية وإلى تحقيق الأهداف القومية للشركاء في تخفيض معدل التلوث.
أما المعيار النهائي لمدى نجاح الشراكات فهو تمكنها من توليد نتائج ملموسة على الأرض. وعندما نتحدث عن نتائج يمكن قياسها، تبرز قصة إيجابية من بعض الشراكات التي أطُلقت قبل حوالي خمس سنوات في مؤتمر القمة حول التنمية المستدامة الذي عقد في «جوهانسبرغ». ومن الأمثلة على ذلك الشراكة الخاصة بالوقود النظيف والسيارات النظيفة، وهي مقاربة متعددة الأوجه تهدف لمعالجة مسألة الحصول على الطاقة وتحسين كفاية استعمال الطاقة ونوعية البيئة. ففي عام 2002، كان البنزين المحتوي على الرصاص يستخدم في جميع الدول الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية باستثناء دولة واحدة. وبحلول نهاية عام 2006، وبمساعدة من الشراكة الخاصة بالوقود النظيف والسيارات النظيفة، كانت جميع الدول الـ49 الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية قد توقفت عن تكرير البنزين المحتوي على الرصاص واستيراده. وسيكون لهذا التغيير تأثير صحي على العديد من الـ(733) مليون نسمة الذين يقطنون هذه الدول.
المصدر: أي جورنال.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 386