الأحكام العرفية وعسكرة الصحة العامة.. وأنفلونزا الخنازير (ج2)
طرح الجزء الأول من هذه المقالة أسئلة خطيرة حول وباء أنفلونزا الخنازير، وبيّن كيف تصوّر الدوائر الإمبريالية الأمريكية الحاكمة وأجهزتها الإعلامية والصحية هذا الوباء كشبح مفزع لصرف النظر عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الكارثية للأزمة الرأسمالية، وركّز على اتخاذ العسكريتاريا الفيدرالية منه ذريعة لعسكرة البلاد ووضعها تحت الأحكام العرفية احترازاً من الانفجارات الاجتماعية.. وفي هذا الجزء الثاني والأخير، يتم التركيز على التنافس بين الشركات الدوائية الكبرى المرعية من رموز في الإدارة والبنتاغون والكونغرس لتحقيق أرباح ضخمة من خلال احتكار تصنيع اللقاحات.
عمليات التلقيح: من /H5N1/ إلى /H1N1/
كان برنامج لقاح الأنفلونزا في عموم الولايات المتحدة قيد الإعداد منذ العام 2005. وفق وول ستريت جورنال (ا تشرين الأول 2005)، فإنّ إدارة بوش طلبت من الكونغرس ما يتراوح بين 6 إلى 10 مليار دولار «لتخزين لقاحات وأدوية مضادّة للفيروسات كجزء من مخططاتها لتهيئة الولايات المتحدة لوباء أنفلونزا محتمل». استخدمت إدارة بوش الجزء الأكبر من هذه الميزانية، أي 3.1 مليار دولار، حيث قامت بتخزين العقار المضاد للفيروسات أوسيلتاميفير (تاميفلو)، الذي تعود حقوق ملكيته الفكرية إلى جيليد ساينس إنكوربوريشن، وهي شركةٌ ترأّسها دونالد رامسفيلد قبل أن يصبح وزيراً للدفاع في إدارة بوش.
بالتوازي مع دور إدارة بوش كـ«وكالة رئيسية»، خصصت أكثر من نصف المال لتقديمه لبرنامج تسلّمه البنتاغون. بكلمات أخرى، ما نتعامل معه هو عملية عسكرة لميزانية الصحة العامة المدنية... تتحكم وزارة الدفاع بجزء من الأموال المخصصة للصحة العامة، وفق قواعد إدارة وزارة الدفاع.
صوّت مجلس الشيوخ (3 أيلول 2005) على تخصيص 4 مليار دولار للأدوية المضادة للفيروسات وباقي الإجراءات لمواجهة وباء الأنفلونزا المرعب، لكنّ الكونغرس لم يكن متأكداً من صحة الإجراء.
ربط مجلس الشيوخ الإجراء بـ400 مليار دولار مخصصة للإنفاق العسكري للعام 2006، وفقاً للأسوشييتد برس. لكنّ نسخة المجلس للإنفاق العسكري لم تتضمن أموالاً مخصصةً للأنفلونزا، وقال أحد أعضاء مجلس الشيوخ الرئيسيين إنّه سيحاول إبقاء الأموال خارج نسخة التسوية المعروضة على مجلسي الشيوخ والنواب.
سيستخدم ما يقارب 3.1 مليار دولار لتخزين عقار تاميفلو المضاد للفيروسات، ويخصص باقي المبلغ لمراقبة الأنفلونزا عالمياً وتطوير اللقاحات والتأهّب على مستوى الولاية والمستوى المحلي. وفقاً لتقرير رويتر، لدى الحكومة حالياً ما يكفي من عقار تاميفلو لمعالجة بضعة ملايين من المصابين، وتهدف لتحضير ما يكفي لمعالجة 20 مليون مصاب.
أضاف خطر وباء أنفلونزا الطيور (H5N1) في العام 2005 إلى مداخيل الصناعة الدوائية والتقنيات الحيوية عدة مليارات من الدولارات. في هذا الصدد، استعدّ عددٌ من كبريات شركات الأدوية لذلك، ومن ضمنها غلاكسو سميث كلاين وسانوفي ـ أفنتيس، وشيرون كورب في كاليفورنيا، وبيوكريست، ونوفافاكس، وويف بيوتيك، والعملاق السويسري روش هولدينغ.
في العام 2005، أعدّت شركة ميديمان (شركة تقنيات حيوية مقرها في ميريلاند) نفسها لتطوير لقاح مضاد لأنفلونزا الطيور. وراحت تنافسها رغم عدم وجود خبرة لديها بهذا الوباء، شركة بيوبورت، وهي شركةٌ تمتلكها جزئياً مجموعة كارليل، ذات الصلة الوثيقة بوزارة بوش، حيث يترأّس بوش الأب مجلس إدارتها.
التلقيح في ظل حالة طوارئ صحية عامة منجم ذهب من عدة مليارات من الدولارات لتكتلات التقنيات الحيوية.
كانت خديعة أنفلونزا الطيور للعام 2005 من عدة اعتبارات التمرين الأخير. أما وباء أنفلونزا الخنازير للعام 2009، فهو عمليةٌ تحقق مزيداً من مليارات الدولارات. قام عددٌ من شركات الدواء والتقنيات الحيوية بالتفاوض سراً مع منظمة الصحة العالمية والإدارة الأمريكية. الإدارتان الرئيسيتان هما مركز مراقبة الأمراض في أطلنطا وإدارة الأغذية والأدوية ذات الصلة الوثيقة بصناعة الدواء. أظهرت دراسة روبرت كيندي التفصيلية وعنوانها عمليات التلقيح: مناعة قاتلة، حزيران 2005، تنازع المصالح بين هاتين الوكالتين.
«قصة تواطؤ وكالتي الصحة الحكوميتين وشركات صناعة الدواء الكبرى وما تخفيه من مخاطر الثيمروزال عن الرأي العام، هي دراسة حالة مخيفة لغطرسة المؤسسات وسلطتها وطمعها. سألفت الانتباه إلى الخلاف بتحفظ. كمحام وعالم بيئة أمضى سنوات طويلةً في العمل على قضايا التسمم بالزئبق، قابلت مراراً أمهات أطفال مصابين بالتوحد، وهنّ مقتنعاتٌ تماماً أنّ اللقاحات مسؤولةٌ عن إصابة أطفالهن»..
«مرحلة الدراسة الابتدائية مليئةٌ بأطفال لديهم أعراض أذيات عصبية أو أضرار في جهاز المناعة». هذا ما قالته بيتي وايت، ممرضة المدرسة، للجنة الإصلاح الحكومي في مجلس النواب في العام 1999. «يفترض باللقاحات أن تجعل صحتنا أفضل، ومع ذلك وخلال 25 سنة من التمريض، لم أرَ مثل هذا العدد من الأطفال المرضى والمصابين بالأذى. أطفالنا يتعرضون لأمر بالغ الخطورة». (روبرت كيندي، عمليات التلقيح: مناعة قاتلة، حزيران 2005).
تواطؤ منظمة الصحة العالمية
منظمة الصحة العالمية تخطط لإنتاج 4.9 مليار جرعة، تكفي لتلقيح القسم الأعظم من سكان العالم. قامت شركات الدواء الكبرى، ومن ضمنها باكستر وغلاكسو سميث كلاين ونوفارتيس وسانوفي أفنتيس وأسترازينكا، بتوقيع عقود مع خمسين. وبالنسبة لهذه الشركات، فالتلقيح الإلزامي إجراءٌ مربحٌ للغاية:
رفضت منظمة الصحة العالمية نشر محضر اجتماع رئيسي لمجموعة اللقاح الاستشارية ضمّ مديرين تنفيذيين من باكستر ونوفارتيس وسانوفي، حيث أوصوا بعمليات تلقيح إلزامية في الولايات المتحدة وأوروبا وبقية البلدان، مضادة لفيروس أنفلونزا الخنازير الاصطناعي في هذا الخريف. زعم المتحدث باسم المنظمة في رسالة إلكترونية هذا الصباح أنه لا يوجد محضرٌ للاجتماع الذي انعقد في 17 تموز ووضعت فيه توجيهات ضرورة إجراء عمليات تلقيح على مستوى العالم تبنّتها المنظمة لاحقاً، حيث تمت صياغتها وشارك فيها مديرون تنفيذيون من باكستر وبقية شركات الدواء الكبرى.
في إطار أنظمة الصحة الدولية، فإن لتوجيهات المنظمة صفة ملزمة لجميع البلدان الـ194 المنضمة إليها في حالة طوارئ وبائية من النوع المتوقع هذا الخريف حين تبدأ الموجة الثانية المهلكة من فيروس H1N1 الذي أخضع لهندسة حيوية ليشابه فيروس الأنفلونزا الإسبانية.
باختصار، لمنظمة الصحة العالمية سلطة إجبار كل شخص في البلدان الـ194 على تلقي اللقاح هذا الخريف تحت تهديد السلاح، وفرض الحجر الصحي وتقييد التنقلات.
في 19 أيار، اجتمع المسؤولون الكبار في منظمة الصحة العالمية ومديرتها العامة سراً مع ممثلي 30 شركة دوائية.
تستطيع شركات الأدوية الرائدة إنتاج 4.9 مليار جرعة من لقاحات أنفلونزا الخنازير خلال العام القادم. تلك هي آخر تخمينات منظمة الصحة العالمية. وقد اجتمعت د. مرغريت تشان مديرتها العامة مع ممثلي 30 شركة دواء، وأطلعت المراسلين على خطة المنظمة لتأمين اللقاحات للبلدان الفقيرة التي تفتقر إلى ما يكفي من البنى التحتية لمواجهة الوباء.
وفقاً للتقرير الأخير لمجلة بيزنيس ويك، فإنّ «البلدان الغنية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ستدفع أقل من 10 دولار مقابل الجرعة، وهو السعر نفسه للقاح الأنفلونزا الموسمية، في حين ستدفع البلدان النامية سعراً أقل».. (بيزنيس ويك، تموز 2009). تفترض المنظمة أنّ 4.9 مليار جرعة لن تكون كافيةً وأنّ الأمر يتطلّب تلقيحاً ثانياً.
4.9 مليار جرعة بمعدل عشر دولارات للجرعة وأحياناً أقل بالنسبة للبلدان النامية، تمثّل منجم ذهب من الأرباح لشركات الدواء الكبرى يعادل أكثر من 40 مليار دولار في عام واحد. وتزعم المنظمة أنّ جرعةً واحدةً لن تكون كافية...
لقاحٌ يعرّض الحياة للخطر: من يملك براءة اختراعه؟
في حين عهد لعدد من الشركات بالإنتاج، فإنّ حقوق الملكية تعود إلى باكستر، عملاق الأدوية، ومقرها إلينويز. كان لشركة باكستر دورٌ مركزي في المفاوضات التي جرت بين الإدارة الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية. علاوةً على ذلك، فقد حفظت باكستر لنفسها براءة اختراع لقاح أنفلونزا الخنازير قبل عام من الإبلاغ عن أية إصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير المزعوم: تطبيق براءة اختراع لقاح باكستر يو إس 2009. (انظر ويليام إنغدال، الآن حصانة شرعية لصانعي لقاح أنفلونزا الخنازير. أبحاث العولمة، تموز 2009). ينصّ التطبيق على ما يلي:
يحتوي المركب أو اللقاح على أكثر من مولد ضد... مثل أنفلونزا A وأنفلونزا B منتقاة خصيصاً من واحد أو أكثر من الفئات الفرعية للفيروسات البشرية H1N1، H2N2، H3N2، H5N1، H7N7، H1N2، H7N2، H7N3، H10N7، ومن فئات أنفلونزا الخنازير H1N1، H1N2، H3N1، H3N2، ومن فئات أنفلونزا الكلاب والخيلH7N7،H3N8 أو من فئات أنفلونزا الطيورH5N1، H1N7، H7N3، H13N6، H5N9، H11N6، H3N8، H9N2، H5N2، H4N8، H10N7، H2N2، H8N4، H14N5.
وينص أيضاً:
«يمكن انتقاء المادة المساعدة الملائمة من الهلام المعدني، أو هيدروكسيد الألمنيوم، أو مواد ذات سطوح ناشطة، أو الليزوسيتين، أو البوليولات البرونوكية، أو البوليانونات، أو المستحلبات الزيتية مثل الماء في الزيت أو الزيت في الماء، أو مزائج من ذلك. يعتمد اختيار المواد المساعدة، على طبيعة الاستعمال. مثلاً، تعتمد السمية على موضوع العضوية المستهدف، ويمكن أن يتراوح بين اللاسمية والسمية العالية».
دون مسؤولية قانونية، يمكن لباكستر أن تحضّر لبيع مئات ملايين الجرعات المحتوية على هيدروكسيد الألمنيوم عالي السمية بوصفه مادة مساعدة؟
طمأنت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الرأي العام في الولايات المتحدة بمقابلة عنوانها: ما احتمالات أن يقتلك فيروسH1N1؟ يمكن لنا أن نسأل أيضاً: ما احتمالات أن يقتلك لقاح فيروسH1N1؟
قانون تأسيس مراكز الطوارئ القومية HR645
ما من مؤشرات على أنّ إدارة أوباما تخطط في المستقبل المنظور لحالة طوارئ صحية عامة تتطلب فرض الأحكام العرفية. ما نشدد عليه في هذه المقالة وجود احتياطيات متنوعة (تشريع وأوامر رئاسية) تسمح لرئيس الولايات المتحدة بفرض الأحكام العرفية في حالة طوارئ صحية عامة. إن تمّ تبني الأحكام العرفية في سياق مثل تلك الحالة، فما سنتعامل معه هو «التلقيح الإلزامي» لمجموعات مستهدفة من السكان، إضافةً إلى إمكانية تأسيس منشآت احتجاز لمن يتعرضون للحجر الصحي.
في هذا الخصوص، من الجدير بالملاحظة أنّه في كانون الثاني 2009، تمّ تقديم أساس تشريع عنوانه: قانون تأسيس مراكز الطوارئ القومية (HR645) إلى الكونغرس. يدعو مشروع القانون لإنشاء ستة مراكز للطوارئ القومية في الأقاليم الكبرى في الولايات المتحدة تقام داخل المنشآت العسكرية القائمة، والتي يمكن أن تستخدم لحجر الناس في حالة طوارئ صحية عامة لبرنامج تلقيح إلزامي.
يمضي مشروع القانون أبعد من التشريع السابق (ومن ضمنه HR5122) الغرض المعلن لـ«مراكز الطوارئ القومية» تقديم «الإيواء المؤقت والمساعدة الطبية والإنسانية للأشخاص والعائلات النازحة بسبب كارثة كبرى أو حالة طوارئ». واقع الحال أنّ ما نتعامل معه هو معسكرات اعتقال. ينصّ مشروع القانون على أنّ المعسكرات يمكن أن تستخدم لـ«تلبية حاجات ملائمة أخرى، يحددها وزير الأمن الداخلي». (ميشيل شوسودوفسكي، التحضير لاضطرابات مدنية في أمريكا يشرعن انتشار معسكرات اعتقال في قواعد الولايات المتحدة العسكرية. أبحاث العولمة، آذار 2009)
لم يكن هنالك أية تغطية صحفية فعلية لمشروع القانون الذي تناقشه حالياً عدة لجان في الكونغرس. وما من مؤشرات على أنّه سيتم تبني مشروع القانون. هذه «المنشآت المدنية» داخل القواعد العسكرية ستقام بالتعاون مع الجيش الأمريكي.
حين يعتقل شخصٌ ويحتجز في معسكر يقع في قاعدة عسكرية، يكون على الأرجح، في ظلّ حالة طوارئ صحية عامة، خاضعاً فعلياً للقضاء العسكري. حيث لا يعود القضاء المدني وتطبيق القانون المدني بما في ذلك قانونية التوقيف قائماً.
يمكن استخدام مشروع القانون، في حال إقراره، في حالة الطوارئ الصحية العامة. من الواضح أنّ ذلك على صلة مباشرة بالأزمة الاقتصادية واحتمال قيام احتجاجات جماهيرية عبر البلاد. يشكّل ذلك تحركاً إضافياً لعسكرة تطبيق القانون المدني وإبطال قانون بوس كوميتاتوس. وبكلمات النائب رون بول:
«.. مراكز الدمج والشرطة المعسكرة وكاميرات المراقبة والقيادة العسكرية المحلية غير كافية.. وعلى الرغم من معرفتنا أنّ مراكز الاعتقال موجودةٌ مسبقاً، فهم يريدون الآن شرعنة معسكرات الاعتقال في المنشآت العسكرية، باستخدام ذريعة شعبية، أنّ هذه المراكز هي لأغراض الطوارئ القومية. مع اقتصاد زائف قائم على الدين يسوء يوماً إثر يوم، تصبح إمكانية حدوث اضطرابات مدنية أكثر تهديداً للمؤسسة. يحتاج المرء أن يلقي نظرةً إلى أيسلندا واليونان وبقية البلدان فحسب ليعلم ما الذي سيحدث لاحقاً في الولايات المتحدة». (ديلي بول، أيلول 2008، التشديد من المؤلف).
يتوجب النظر إلى معسكرات الاعتقال المقترحة بالصلة مع عملية أوسع لعسكرة المؤسسات المدنية. إنشاء معسكرات الاعتقال سبق تقديم مشروع القانون في كانون الثاني 2009.
دور القيادة الشمالية في حالة وباء الأنفلونزا
فضلاً عن الدفاع عن الأمة، تقدم القيادة الشمالية الدعم للسلطات المدنية بموجب قوانين الولايات المتحدة، وبحسب توجيهات الرئيس ووزير الدفاع. تساند المساعدة العسكرية دوماً الوكالات الفدرالية الرئيسية، مثل الوكالة الاتحادية للتعامل مع ضحايا الطوارئ.
يتضمن الدعم المدني العسكري عمليات الإغاثة في الكوارث المحلية التي تحدث خلال الحرائق والأعاصير والفيضانات والزلازل. يتضمن الدعم أيضاً عمليات مكافحة المخدرات والمساعدة المقدمة في التعامل مع العواقب، مثلما يحدث بعد حادثة إرهابية تستعمل فيها أسلحة دمار شامل.
عموماً، يجب أن تفوق حالة الطوارئ قدرات الوكالات المحلية أو وكالات الولاية أو الوكالات الفدرالية، قبل أن تتدخل القيادة الشمالية. في تقديم الدعم المدني، تعمل القيادة من خلال قوة مشتركة ملحقة.
لعبت كارثتا إعصاري كاترينا وريتا دوراً أساسياً في تشكيل دور القيادة الشمالية في نشاطات «الدعم المدني العسكري». قامت القيادة الشمالية بتنسيق إجراءات الطوارئ من قاعدة باترسون الجوية بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي، التي تشرف على الوكالة الاتحادية للتعامل مع ضحايا الطوارئ.
خلال إعصار ريتا (أيلول 2005)، كان مقر القيادة الشمالية يتحكم مباشرةً بتحركات العسكريين والعتاد العسكري في خليج المكسيك. وفي بعض الحالات، كما في حالة الإعصار كاترينا، هيمن على أعمال الهيئات المدنية. وكانت العملية برمتها في عهدة القضاء العسكري أكثر مما كانت في عهدة الوكالة الاتحادية.
ستشرف القيادة الشمالية، كجزء من تخويلها في حالة الطوارئ القومية، على عدد من الأعمال المدنية. وبكلمات الرئيس بوش في أوج إعصار ريتا: «احتاجت الحكومة والجيش إلى سلطة أوسع للمساعدة على معالجة أزمات محلية كبرى مثل الأعاصير». لاحقاً، صنّف مايكل تشيرتوف وزير الأمن الداخلي إعصار ريتا بأنّه «حدثٌ قوميٌ بالغ الأهمية»، ما يسوّغ تفعيل ما يدعى «خطة الرد القومي».
ضمن إطار أوسع من «إغاثة الكوارث»، تحدد القيادة الشمالية، خلال العامين السابقين، تفويضها في حالة طوارئ صحية عامة أو وباء الأنفلونزا. التشديد هو عسكرة الصحة العامة وبذلك تهيمن القيادة الشمالية على أنشطة المؤسسات المدنية، متدخّلةً في الخدمات الصحية ذات الصلة.
وفقاً للجنرال روبرت فيلدرمان، معاون مدير هيئة الاستراتيجية والسياسة والتخطيط في القيادة الشمالية: «القيادة الشمالية منسّقٌ عالمي لوباء الأنفلونزا من خلال الأوامر العسكرية».
العدد المحتمل للضحايا في الولايات المتحدة في حالة تفشي وباء أنفلونزا معاصر قد يصل إلى مليوني شخص، وفق فيلدرمان: لن يعاني اقتصاد الأمة فحسب، لكن يتوجب على وزارة الدفاع أن تظل على أهبة الاستعداد وقادرةً على حماية البلد والدفاع عنه وتقديم الدعم للسلطات المدنية في حالات الكوارث.
في الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس بوش، أمرت وزارة الدفاع باستدعاء لواء المشاة الثالث من الفرقة الأولى المقاتلة من العراق.
وحدة الفرقة الأولى المقاتلة ترتبط بجيش الشمال، المكوّن العسكري للقيادة الشمالية. ستستدعى هذه الوحدة وغيرها من الوحدات المقاتلة للقيام بمهام عسكرية خاصة في حالة طوارئ قومية أو كارثة طبيعية تتضمن حالة طوارئ صحية عامة:
ذكرت ذي أرمي تايمز أنّ لواء المشاة الثالث من الفرقة الأولى المقاتلة يعود من العراق للدفاع عن الوطن، بوصفه «قوة رد فدرالية تحت الطلب لحالات الطوارئ الطبيعية أو التي يتسبب بها البشر والكوارث، ومن ضمنها الهجمات الإرهابية»..
ميشيل شوسودوفسكي: أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا كندا