ميشيل شوسودوفسكي(*) - ترجمة قاسيون ميشيل شوسودوفسكي(*) - ترجمة قاسيون

الممر الأوراسي: جيوسياسة أنابيب النفط والحرب الباردة الجديدة

ترتبط أزمة القوقاز الحالية ارتباطاً وثيقاً بالتحكم الاستراتيجي بأنابيب النفط والغاز وممرات النقل. من الواضح أنّه قد جرى تخطيط الهجوم الجورجي في السابع من آب الماضي على أوسيتيا الجنوبية بعناية. فقد أجريت استشارات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الناتو في الأشهر السابقة على الهجمات التي جرت على أوسيتيا الجنوبية بعد أسبوع من انتهاء الولايات المتحدة وجورجيا من مناورتهما العسكرية الواسعة (من الخامس عشر إلى الحادي والثلاثين من تموز 2008). كما عقدت قبل الهجمات اجتماعاتٌ هامة على مستوى القمة جرى تنظيمها تحت رعاية الغوام GUAM، وهو تحالفٌ إقليمي عسكري ترعاه الولايات المتحدة والناتو.

مراحل الحرب في جورجيا

1-2  تموز: قمة التحالف العسكري غوام في باتومي/ جورجيا.

1 تموز: «قمة بين الولايات المتحدة والغوام» على هامش القمة الرسمية للغوام.

5 - 12 تموز: وزير الدفاع الروسي يجري مناورات عسكرية في منطقة القوقاز الشمالية باسم رمزي هو «قوقاز الحدود 2008».

9 تموز: الصين وكازاخستان تعلنان بدء بناء أنبوب لنقل الغاز الطبيعي يربط بين كازاخستان والصين.

15 - 31 تموز: الولايات المتحدة وجورجيا تجريان مناورات عسكرية باسم رمزي هو «الرد الفوري». بمشاركة ألف عسكري أمريكي.

7 آب: القوات البرية والجوية الجورجية تهاجم أوسيتيا الجنوبية.

8 آب: القوات الروسية تتدخل في أوسيتيا الجنوبية.

14 آب: التوقيع على الاتفاق الأمريكي البولوني بصدد نشر نظام «الصواريخ الاعتراضية الأمريكية» على الأراضي البولونية. 

مكان انعقاد قمة تحالف «غوام» العسكري

في مطلع شهر تموز 2008، انعقدت قمة إقليمية في مدينة باتومي الجورجية برعاية الغوام.

الغوام تحالف عسكري بين جورجيا وأوكرانيا وأذربيجان ومولدافيا، اجتمع للمرة الأولى في العام 1997. منذ العام 2006، وإثر انسحاب أوزباكستان، أعيدت تسمية تحالف غوام العسكري ليصبح: منظمة الديمقراطية والتنمية الاقتصادية ـ غوام.

ليست للغوام علاقة كبيرة بـ«الديمقراطية والتنمية الاقتصادية». فهذا التحالف هو بحكم الواقع ملحق بالناتو، استخدمته الولايات المتحدة والتحالف الأطلسي لبسط منطقة نفوذها في قلب الاتحاد السوفييتي السابق.

بوصفه تحالفاً عسكرياً، يتمثل الهدف الرئيس للغوام في «حماية» الطاقة وممرات النقل، لحساب شركات نفطية عملاقة أنغلو أمريكية.

كما تستفيد البلدان الأعضاء في الغوام من مساعدة وتدريب عسكري تقدمهما الولايات المتحدة والناتو. عسكرة هذه الممرات عنصرٌ مركزي في تخطيط الولايات المتحدة والناتو. كما أنّ انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو جزءٌ من برنامج التحكم بالطاقة وبمحاور النقل التي تربط حوض بحر قزوين بأوروبا الغربية.

انعقد لقاء قمة الغوام برئاسة الرئيس ساكاشفيلي يومي الأول والثاني من تموز 2008 في باتومي، وتطرق بصورة أساسية إلى المسألة المرتبطة بأنبوب النفط وبممرات النقل. كان الهدف الرئيسي للقمة اقتصادياً واستراتيجياً وعسكرياً، عزل روسيا. 

إضعاف روسيا

ترتبط المواقع العسكرية التابعة للولايات المتحدة وللناتو في أوروبا الشرقية، والتي من ضمنها درعٌ دفاعي مضاد للصواريخ، ارتباطاً وثيقاً بتطور الوضع الجيوسياسي في القوقاز. فبعد أسبوع بالكاد من قصف القوات الجورجية لأوسيتيا الجنوبية، وقعت الولايات المتحدة وبولونيا اتفاقاً (في 14 آب) سيسمح للقوات الجوية الأمريكية بنشر «صواريخ اعتراضية» على الأراضي البولونية:

«... مثلما أكّد خبراء استراتيجيون أمريكيون، تمثّل الصواريخ الأمريكية في بولونيا تهديداً وجودياً حقيقياً لتواجد روسيا المستقبلي. لقد حذّرت الحكومة الروسية عدة مرات منذ كشف النقاب عن هذه المشاريع الأمريكية في مطلع العام 2007. اليوم، وعلى الرغم من الإجراءات الدبلوماسية المتعددة التي قامت بها روسيا بهدف التوصل إلى اتفاق مع واشنطن، فإنّ إدارة بوش، إثر هزيمة الولايات المتحدة المهينة في جورجيا، ضغطت على الحكومة البولونية كي توقّع أخيراً على المعاهدة. يمكن أن تكون العواقب مدمرة بالنسبة لأوروبا والكوكب بأكمله». (ويليام إنغدال، الدفاع الصاروخي: العالم يقترب من حرب بسبب واشنطن). 

قمة «الولايات المتحدة ـ غوام»

انعقدت «قمة للولايات المتحدة ـ الغوام» كذلك في الأول من تموز على هامش القمة الرسمية لتحالف غوام العسكري، لكنّ وسائل الإعلام عتّمت عليها عملياً.

التقى نائب وزير الخارجية ديفيد ميركل الوفدين خلف الأبواب المغلقة، وفد غوام ووفد الدول غير المنتمية للغوام. انعقدت عدة اجتماعات ثنائية، وبصورة خاصة اجتماع لتحالف غوام مع بولونيا (أبرمت أثناءه بقوة مسألة الدرع الدفاعي المضاد للصواريخ على الأراضي البولونية). كما جرت جلسات خاصة يومي الأول والثاني من تموز في مقر الرئيس الجورجي. 

مناورات عسكرية مشتركة أمريكية جورجية

بعد أسبوعين من قمة غوام، بدأت مناورات عسكرية مشتركة أمريكية جورجية في قاعدة فازياني العسكرية قرب تبليسي.

بدأ نحو ألف جندي أمريكي وستمائة جندي جورجي تدريباً عسكرياً في إطار عملية «الرد الفوري». كانت القوات الأمريكية تتألف من السلاح الجوي والسلاح البحري ورجال المارينز والحرس الوطني. إذا كان سيناريو حرب على إيران متوقعاً، لكانت المناورات بمثابة تمرين عام على عملية عسكرية مقبلة. انتهت المناورات في الحادي والثلاثين من تموز، أي قبل أسبوع من بدء الهجمات الجورجية على أوسيتيا الجنوبية في السابع من آب.

كما شاركت قوات من أوكرانيا وأذربيجان، وكلاهما عضو في تحالف غوام، في عملية «الرد الفوري». من جانب آخر، شاركت أرمينيا في تلك المناورات، وهي مشاركةٌ لم تكن متوقعة إطلاقاً، لأنّ أرمينيا حليفٌ لروسيا وخصمٌ عنيد لأذربيجان. خلقت هذه المناورات الشروط المناسبة للتدريب وللعمل المشترك للقوات الأذربيجانية والأرمنية: «التدريب والعمل معاً» (وذلك موجهٌ بصورة أكيدة ضد روسيا).

كان العميد وليام غاريت، قائد القوات المسلحة الأمريكية جنوب شرق أوروبا، مسؤولاً عن تنسيق المناورات المشتركة الأمريكية الجورجية. 

مناورات روسيا العسكرية في القوقاز الشمالية

أجرت روسيا مناورات عسكرية واسعة شارك فيها نحو 8000 عضو من العسكريين و700 وحدة مدرعات وأكثر من 30 طائرة (في جمهوريات القوقاز الشمالية في الفدرالية الروسية) يوم الخامس من تموز. (جورجيان تايمز، 28 تموز 2008).

كان واضحاً أنّ المناورات الروسية أجريت رداً على تهديد الأمن في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. جرت تسمية المناورات «حدود القوقاز 2008»، وشملت وحدات من الجيش الثامن والخمسين ومن جيش الجو الرابع، المتمركزة في القطاع العسكري للقوقاز الشمالية.

وقد اعترف ناطق رسمي باسم وزير الدفاع الروسي بأنّ المناورات العسكرية تمت رداً على «تصعيد التوتر في المناطق الجورجية في أبخازيا وأوسيتيا... وبأن القطاع العسكري للقوقاز الشمالية في روسيا مستعد لتوفير مساعدة لجنود حفظ السلام الروس في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في حال الحاجة».

ثم استخدمت هذه الوحدات من القطاع العسكري في القوقاز الشمالية (الجيش والقوات الجوية) لتوجيه الهجوم المضاد الروسي في أوسيتيا الجنوبية يوم الثامن من آب. 

أنابيب النفط الجيوسياسية

كانت المسألة المركزية لتحالف غوام والناتو في قمة غوام التي انعقدت في تموز في باتومي طريق أنبوب النفط أوديسا برودي بلوتسك OBP (بلوتسك: مدينة بلوك في بولونيا)، الذي يسمح بنقل نفط آسيا الوسطى عبر مدينة أوديسا إلى أوروبا الشمالية، ملتفاً على الأراضي الروسية. كما أنّ هناك مشروعاً لتمديد خط الأنابيب حتى ميناء غدانسك، على ضفاف البلطيق في بولونيا.

من المناسب ملاحظة أنّ أنبوب النفط المذكور يلتقي أيضاً بأنبوب الصداقة الروسي (أنبوب نفط دروجبا) باتفاق جرى توقيعه مع روسيا.

يتمثل هدف واشنطن في نهاية المطاف في إضعاف وزعزعة شبكة أنابيب النفط الروسية ـ ومنها أنبوب الصداقة ونظام أنابيب نفط البلطيق BPS ـ ومختلف ممراتها المكرسة لسوق الطاقة في أوروبا الغربية.

يجدر بنا ملاحظة أنّ روسيا بنت ممراً في شبكة أنابيب دروجبا، يمر به أنبوب نفط عبر بيلوروسيا، متجنباً بذلك المرور عبر أوكرانيا.

كما يربط نظام أنابيب نفط قزوين الذي تستثمره أيضاً شركة ترانسنفت الروسية مدينة سمارا في روسيا بميناء بريمورسك النفطي في خليج فنلندا.

ينقل هذا الممر النفط الخام القادم من سيبريا الغربية الروسية إلى أسواق أوروبا الغربية وأوروبا الشمالية.

هنالك نظام أنابيب نفطية استراتيجية آخر، تسيطر روسيا على جزء كبير منه، هو اتحاد قزوين النفطي CPC، وهو شركة مشتركة بين روسيا وكازاخستان، بمشاركة مساهمين لمئات الشركات النفطية في الشرق الأوسط.

يرتبط نظام أنابيب نفط قزوين بأنبوب نفط أتيراو سامارا AS، الذي يضخ النفط الخام من موقع تنغيز النفطي في أتيراو (في كازاخستان الغربية) إلى ميناء CPC الروسي قرب نوفوروسيسك على شاطئ البحر الأسود.

كذلك، أقرت حكومات تحالف غوام الممثلة بقمة غوام في باتومي مواصلة تطوير ممر نقل غوام GTC الذي يكمل أنبوب نفط باكو تبليسي سيهان BTC الخلافي. يربط هذا الأنبوب حوض بحر قزوين بشرق المتوسط، مروراً بجورجيا وتركيا، ملتفاً على الأراضي الروسية، يسيطر اتحاد نفطي تديره شركة النفط البريطانية على أنبوب نفط BTC.

يقوم تحالف غوام والناتو بحماية ممرات BTC وGTC عسكرياً.

ستربط ممرات GTC العاصمة الأذربيجانية باكو بميناء بوتي / باتومي الجورجي على البحر الأسود، ما يسمح بربط ميناء أوديسا الأوكراني على البحر الأسود (وانطلاقاً من أوديسا، ربطه بالطرق البحرية والبرية بأوروبا الغربية والشمالية). 

أنبوب نفط باكو تبليسي سيهان BTC

جرى تدشين أنبوب نفط BTC، الذي تسيطر عليه شركة النفط البريطانية، في العام 2006، في ذروة حرب لبنان، وقد غيّر جذرياً جيوسياسة شرق المتوسط. وهو موصول حالياً بممر طاقة بحوض قزوين.

«يحول أنبوب نفط BTC تحويلاً كبيراً وضع بلدان المنطقة ويرسي تحالفاً جديداً موالياً للغرب. عبر مد أنبوب النفط باتجاه المتوسط، خلقت واشنطن عملياً كتلةً جديدة مع أذربيجان وجورجيا وتركيا وإسرائيل». (كومرتسانت، موسكو، 14 تموز 2006).

جيوسياسة أنابيب النفط ودور إسرائيل

أصبحت إسرائيل جزءاً من المحور العسكري الأنغلو أمريكي الذي يخدم مصالح الشركات النفطية الغربية العملاقة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ومثلما كان ينبغي توقعه، عقدت إسرائيل اتفاقات للتعاون العسكري مع جورجيا وأذربيجان.

على الرغم من أنّ التقارير الرسمية تشير إلى أنّ BTC «ينقل النفط إلى الأسواق الغربية»، فنادراً ما يشار إلى أنّ جزءاً من نفط قزوين سيحوّل إلى إسرائيل مباشرة. في هذا الصدد، هنالك خطة لإنشاء أنبوب نفط إسرائيلي تركي تحت البحر لربط سيهان بميناء عسقلان الإسرائيلي، ومن هناك، عبر النظام الرئيسي لأنبوب النفط الإسرائيلي، حتى البحر الأحمر.

لا يقتصر هدف إسرائيل على الحصول على نفط بحر قزوين لحاجاتها الاستهلاكية فحسب، بل كذلك لعب دور مركزي في إعادة تصدير هذا النفط إلى الأسواق الآسيوية عبر ميناء إيلات على البحر الأحمر. والعواقب الاستراتيجية لإعادة تحويل نفط بحر البلطيق هذه عواقب كبرى.

هنالك خطة تتمثل في ربط BTC مع ترانس إسرائيل إيلات عسقلان (الذي يعرف باسم أنبوب تابلاين الإسرائيلي) من سيهان حتى ميناء عسقلان. 

استراتيجية طريق الحرير: نظام الأمن العابر لأوراسيا

تمثل استراتيجية طريق الحرير SRS حجر الأساس في السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحرب الباردة.

جرى تشكيل استراتيجية طريق الحرير على شكل مشروع قانون جرى تقديمه إلى الكونغرس الأمريكي في العام 1999، ويتضمن إقامة شبكة لنقل الطاقة، تربط أوروبا الغربية بآسيا الوسطى، وربما بالشرق الأوسط.

تعرّف استراتيجية طريق الحرير بأنها نظام أمن عابر لأوراسيا. تدعو استراتيجية طريق الحرير إلى «عسكرة الممر الأوراسي» بوصفه جزءاً لا يتجزأ من «الاستراتيجية الكبرى». ويتمثّل الهدف، مثلما جرت صياغته في إطار مشروع القانون الخاص باستراتيجية طريق الحرير لآذار 1999، في تطوير إمبراطورية اقتصادية أمريكية على طول الممر الجغرافي الواسع.

أصبحت استراتيجية طريق الحرير في ظل إدارة بوش أساس النزعة التدخلية لدى الولايات المتحدة والناتو، وذلك بهدف إدماج جمهوريات جنوب القوقاز وآسيا الوسطى السوفييتية السابقة في دائرة نفوذ الولايات المتحدة.

يتطلب التطبيق الناجح لاستراتيجية طريق الحرير «عسكرة» مجمل الممر الأوراسي، انطلاقاً من شرقي المتوسط وحتى الحدود المشتركة للصين الغربية وأفغانستان، كوسيلة لضمان التحكم باحتياطيات النفط والغاز الكبيرة، وكذلك لـ«حماية» أنابيب النفط وممرات التجارة. وقد أفاد غزو أفغانستان في تشرين الأول 2001 في دعم الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في آسيا الوسطى، بما في ذلك التحكم بالممرات.

إنّ عملية العسكرة في إطار استراتيجية طريق الحرير هي موجهةٌ إلى حدّ كبير ضد الصين وروسيا وإيران. تتطلب استراتيجية طريق الحرير ما يلي:

النفاذ الاستراتيجي لنفط وغاز جنوبي القوقاز وآسيا الوسطى عنصرٌ أساسي في استراتيجية طريق الحرير، وذلك لمنع الجمهوريات السوفييتية السابقة من تطوير صلات تعاون اقتصادي وسياسي وعسكري خاصة بها، وكذلك منعها من عقد صلات أوثق مع الصين وروسيا وإيران.

في هذا الصدد، هدف تشكيل غوام في العام 1997 إلى إدماج الجمهوريات السوفييتية السابقة في اتفاقات التعاون العسكري مع الولايات المتحدة والناتو، بهدف منعها من إعادة صلاتها مع الفيدرالية الروسية.

لم تتلاقَ استراتيجية الولايات المتحدة مع هدفها المعلن: فقد أصبحت أوكرانيا وأذربيجان وجورجيا بحكم الواقع محميات للولايات المتحدة، في حين انحازت قرغيزيا وكازاخستان وطاجاكستان وأرمينيا وبيلاروسيا إلى موسكو من وجهة نظر جيوسياسية. 

أنبوب الغاز بين كازاخستان والصين (KCP)

بعد بضعة أيام فقط من قمة غوام في باتومي، أعلنت الصين وكازاخستان (في التاسع من تموز 2008) بدء أعمال بناء أنبوب غاز يبلغ طوله 1300 كيلومتر. وجرى حفل التدشين قرب «آلماأتا»، عاصمة كازاخستان.

طريق النقل الجديد جزءٌ من مشروع أكبر لبناء أنبوبي نفط يربطان الصين باحتياطيات الغاز الطبيعي الكبيرة في آسيا الوسطى. ستمتد الأنابيب على مسافة تزيد على 7000 كيلومتر من تركمانستان، عابرةً أوزباكستان وكازاخستان، لتدخل منطقة شمال غرب سينجيانغ في الصين..

يؤثر مشروع أنبوب الغاز KCP على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في أوراسيا. وهو يخرّب منطق استراتيجية طريق الحرير التي أقامتها الولايات المتحدة. إنه جزءٌ من منافسة أوراسية على استراتيجية نقل الطاقة، التي تسيطر عليها روسيا وإيران والصين إلى حدّ بعيد.

الممرات الأوراسية التنافسية محمية (ضد تطاول الولايات المتحدة والناتو) بتحالفين عسكريين إقليميين: منظمة تعاون شانغهاي (OCS) ومنظمة الاتفاق الأمني الجماعي (OTSC).

منظمة تعاون شانغهاي تحالفٌ عسكري بين روسيا والصين وعدة جمهوريات سوفييتية سابقة في آسيا الوسطى، من ضمنها كازاخستان وقرغيزيا وطاجاكستان وأوزباكستان، تتمتع فيه إيران بوضع مراقب.

أما منظمة المعاهدة الأمنية الجماعية (OTSC) التي تلعب دوراً جيوسياسياً أساسياً في ما يخص ممرات نقل الطاقة، فهي تعمل بتعاون وثيق مع الـOCS. تضم OTSC الدول الأعضاء التالية: أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزيا وروسيا وطاجاكستان وأوزباكستان.

الأهم أنّ البلدان الأعضاء في المنظمتين أجرت منذ العام 2006 مناورات عسكرية وأنها تتعاون بنشاط مع إيران.

في تشرين الأول 2007، وقّعت المنظمتان مذكّرة اتفاق، تضع أسس تعاون عسكري بينهما. يمثّل هذا الاتفاق، إقامة تحالف عسكريّ حقيقي بين الصين وروسيا والدول الأعضاء في المنظمتين. 

الحلقة الكاملة

تنوي الولايات المتحدة والناتو، اللذان يحميان ممرات الطاقة والنقل الأوراسية في استراتيجية طريق الحرير، ربط آسيا الوسطى بالشرق الأقصى، مثلما تشير إليه تلك الاستراتيجية. حالياً، توفر منظمتا OCS وOTSC حمايةً عسكرية للممرات الشرقية التي تربط آسيا الوسطى بالصين.

وفق استراتيجية واشنطن العالمية العسكرية، لابد أن تؤثر الممرات الأوراسية في إطار استراتيجية طريق الحرير على سيادة الصين على أراضيها. فممرات النقل وأنابيب النفط التي تقترحها الولايات المتحدة والناتو وتحالف غوام مكرسة لتربط في وقت لاحق مع مشروع ممرات نقل الطاقة وأنابيب نفط نصف الكرة الغربي، بما في ذلك تلك المخطط لإنشائها في إطار الشراكة الأمريكية الشمالية للأمن والازدهار (PSP).

تمثل هذه الشراكة في أمريكا الشمالية ما تمثله استراتيجية طريق الحرير في بلدان القوقاز وآسيا الوسطى. إنها منشآت استراتيجية إقليمية للإمبراطورية الأمريكية. وهي تمثّل حجر الأساس في «النظام العالمي الجديد».

الشراكة من أجل الأمن والازدهار هي نتاج عملية مشابهة للتخطيط الاستراتيجي والعسكرة والاندماج الاقتصادي في السوق الحر، المستند بصورة أساسية إلى التحكم بالموارد الاستراتيجية، ومن بينها الطاقة والمياه، وكذلك «حماية» الطاقة وممرات النقل (الطرق البرية والبحرية) من ألاسكا والمحيط المتجمد الشمالي الكندي إلى أمريكا الوسطى وحوض الكاريبي.. 

• ميشيل شوسودوفسكي أستاذ الاقتصاد في جامعة أوتاوا / كندا، ومدير مركز أبحاث العولمة.

آخر تعديل على السبت, 26 تشرين2/نوفمبر 2016 23:10