أزمة الرأسمالية.. إنها مسألة وقت قبل موت المريض!
قدم جورج بوش مؤخراً، ضمن مؤتمر صحفي مرتجل، ما يمكن اعتباره أكثر أداء هزلي يقدمه خلال ثماني سنوات هي فترة رئاسته.. بدا مثل الربان على سطح منطاد هيندينبيرغ. حاول جاهداً أن يؤكد للشعب أن «كل شيء على ما يرام» في الاقتصاد، وأن ودائع الجميع في أمان تام في هذا النظام المصرفي المتداعي بسرعة..
متكئاً بتكاسل على المنصة الرئاسية، هز بوش كتفيه وقال:
«أملي هو أن يأخذ الناس نفساً عميقاً، ويدركوا أن ودائعهم محمية من حكومتنا. إننا لا نرى النمو الذي نتمنى أن نراه، لكن النظام المالي متين بشكل جوهري»..
صحيح. «خذوا نفساً عميقاً» واسترخوا. لا داعي للرعب.. يجب أن لا ندع الصفوف الطويلة من المودعين الذين يحاولون انتزاع ما تبقى من مدخرات حياتهم من بنك إينديماك الميت حالياً، تهز اتزاننا.. النظام البنكي آمن بشكل كامل. لقد سمعنا هذا من الرئيس صاحب سياسة التقطير الاقتصادي (Trickledown).
في الوقت ذاته الذي كان بوش يقدم فيه كلماته المهدئة على جميع شبكات التلفزيون الإخبارية الرئيسية، كان رئيس الاحتياطي الفيدرالي بن بيرنانك في الجانب الآخر من واشنطن، يعطي تخميناً مروعاً غير قابل للجدل:
«الانقباض في النشاط الإسكاني الذي بدأ عام 2006، وما ترافق معه من تدهور في سوق الرهن العقاري، والذي أصبح واضحاً في العام الماضي؛ قاد إلى خسائر ضخمة في المؤسسات المالية، وإلى تضييق حاد في الظروف العامة للائتمان. تأثيرات الانقباض الإسكاني والرياح المالية غير المؤاتية في النشاط الإنفاقي والاقتصادي تضاعفت بسبب التزايد في أسعار الطاقة وباقي السلع، وهذا ما أنهك القوة الشرائية للأسر، وزاد في معدلات التضخم. قبالة هذه الستارة، فإن النشاط الاقتصادي تقدم بخطوات بطيئة خلال النصف الأول من هذا العام، بينما حافظ التضخم على ارتفاعه»..
وسائل الإعلام المتواطئة عمدت إلى جذب الانتباه عن العاصفة النارية المالية التي على وشك أن تحدث لوقت طويل، بما يكفي لتهدئة الشعب الأمريكي وجعله يصدق أنه لا يوجد شيء خاطئ نهائياً. الوضع الاقتصادي رائع.
مرة أخرى بيرنانك رئيس الاحتياطي الفيدرالي:
«الاقتصاد يواجه باستمرار العديد من الصعوبات، من ضمنها الإجهاد الحالي في الأسواق المالية، أسعار المنازل المتهاوية، سوق العمل الذي يضعف، والأسعار المرتفعة للنفط، الغذاء، والسلع الأخرى... الأداء الفاسد للرهن الجانبي في الولايات المتحدة أثار المشاكل في الأسواق المالية الداخلية والعالمية، في الوقت الذي أصبح فيه المستثمرون أقل رغبة بشكل واضح في تحمل مخاطر الائتمان من أي نوع... العديد من المؤسسات والأسواق المالية ترزح تحت ضغط كبير، جزئياً بسبب التوقعات الاقتصادية، وبالتالي التوقعات لطبيعة الائتمان تبقى غير مؤكدة».
بينما قدم بيرنانك ضربة بعد أخرى من مطرقته، كان قائدنا الخلاب مشغولاً بتبادل القصص المضحكة والأوضاع السكنية الصعبة مع أصدقائه في المؤسسات الصحفية في واشنطن.. المسامرة الإعلامية تحولت إلى حفلة جامعية لبوش مليئة بالصفعات والقهقهة.
«لديك سؤال.. تمطمط.. (ها، ها)..».
التخمين الصريح والمخيف حقاً الذي قدمه بيرنانك للاقتصاد والذي قزّمه بوش عن طريق اللغو المخادع والتظاهر بالشجاعة، انتصار آخر للمتحكمين في البيت الأبيض، ومع ذلك يجب التنقيب وراء شهادة رئيس الاحتياطي الفيدرالي وتفحصها من أي شخص مهتم بمعرفة حجم السوء الذي أصبحت عليه الأمور، ليستطيع التهيؤ للأوقات الصعبة القادمة.
(يمكن إيجادها هنا: التقرير نصف السنوي عن السياسة النقدية الذي قدمه بيرنانك للكونغرس)..
بيرنانك مرة أخرى:
«في القطاع الإسكاني، النشاط يستمر بالضعف... أسعار المنازل تتهاوى، خاصة في المناطق التي شهدت أكبر تزايد في بداية هذا العقد. الانحدار في أسعار المنازل ساهم في المد الذي أصاب إجراءات حبس الرهن. بزيادة كم المنازل المهجورة المعروضة للبيع أدت هذه الإجراءات إلى زيادة الضغط على أسعار المنازل في بعض المناطق.. نظرة عامة إلى مخططات إنفاق رأس المال تشير إلى أن الشركات ماتزال قلقة بشأن الأجواء الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في تكاليف الإدخال وعلامات الضيق التي أصابت الائتمان. وهذه الشركات تتوخى الحذر في إنفاقها في النصف الثاني من هذا العام».
السماء الاقتصادية أظلمت بسرعة، ولم يبذل بيرنانك جهداً لإخفاء قلقه.. شهادته كانت قريبة إلى الحقيقة في الوقت الذي تجتث فيه الحقيقة في واشنطن كأنها ورم خبيث.
في جميع الأحوال، فمن الجدير الخوض في خطاب بيرنانك كلمة كلمة، حتى لو لمجرد تعزيز الثقة بأن الاقتصاد على وشك أن يركب المزلجة خارجاً من الفرن العالي الذي سوف يثمر في النهاية إلى زوال بريتون وودز.. الاستبدال غير النظامي للدولار على أنها العملة العالمية للادخار، ونهاية الهيمنة الأمريكية قصيرة الأمد على أنها القوة العظمى كلية السيطرة.
الطرح الذي قدمه بيرنانك أكد ما كان يقوله المدونون الاقتصاديون خلال السنوات الثلاث الماضية: النهاية قريبة، أعيدوا ترتيب أموركم.. الاستهلاك الشخصي ينخفض، سوق العمل يضعف، وأسعار الطعام والوقود تحلق عالياً.. قيمة السكن تهبط بشكل عمودي، الأجور راكدة، والبيوت معروضة بشكل كبير، والأسعار المعروضة أقل من الطبيعي.. كل شيء سيئ، ولا عجب أن ثقة المستهلكين في الدرك الأسفل.
«صيف 1931».. الحذاء الآخر الذي يجب نزعه هو سوق الأسهم.
عندما ترتفع أسعار البيع بالجملة للإمدادات والمواد الخام، ولا يستطيع قطاع العمل أن يمرر التكاليف لأن جميع المستهلكين قد وصلوا إلى حدهم الأعلى، عندها تسقط أرباح الشركات بشكل عمودي، وتتحطم أسواق الأسهم بفعل قوة الانهيار.
الصحفي أمبروس إيفانز ريتشارد لخص القضية كما يلي:
«إنه الشعور نفسه في صيف 1931، حيث أصيبت أكبر مؤسستين ماليتين في العالم بالذبحة الصدرية.. النظام النقدي العالمي يتحطم. لائحة المبادئ التي أدخلتنا في هذه الفوضى أفلست، لا يبدو أن هناك قائداً في العالم يستطيع إدراك المشكلة، ناهيك عن صياغة حل. صندوق النقد الدولي أصيب بالانفصام. وبنظري فإنه سيتم تجنب انهيار الدولار بما أنه أصبح من الواضح أن العدوى قد انتشرت عبر العالم، لكننا الآن عند نقطة الخطر القصوى».. (الاقتصاد العالمي في أقصى نقطة للخطر، UK تلغراف)..
«أقصى نقطة للخطر» حقاً.. التشويه المستديم لسوق الأسهم على وشك الحدوث.. تخيل مؤشر داو عند 6،000 وانتظر الحياة الرغيدة! المؤشرات سوف تدخل في الفوضى، ووول ستريت ستصبح شبيهة بأطلال مدينة دريسدن، حيث لا شيء إلا الدخان السام والحديد الملوي.
مع نهاية 2009 الثيران الكبيرة سوف تخرج من البورصة إلى الشوارع، حيث سيتم ذبحها واحداً بعد آخر.. لن يكون هذا منظراً جميلاً.
وفقاً لـ«ومبرغ نيوز»: «المستثمرون حول العالم يراهنون بأكثر من تريليون دولار على انهيار في أسعار الأسهم».. لكن ليس من المهم حجم الضرر الذي يحصل، فالإعلام سوف يستمر بإطلاق تنبؤاته الدعائية حول الأسواق، بينما يكرر كل العبارات المشوهة والأفكار المشوشة من قائدنا العزيز الذي أفسده الخمر.
الطوابير من الملاجئ، محلات الرهن ومطابخ الحساء.. قد تمتد من غولدن غيت حتى تمثال الحرية، لكن النبوءات الخالدة المبتهجة عن «قاعدة الإسكان» أو «التحول الاقتصادي»، سوف تستمر في الاندفاع عبر كل بوق إعلامي في الأمة. الإعلام المالي الأمريكي هو مصدر لا ينضب للتفاؤل الفارغ والكلام التافه.
هذا مضحك، ففي الوقت الذي كان بوش يستضيف مؤتمره الصحافي المزيف، ظهرت على وسائل إعلامية أخرى صور حية لرجال شرطة لوس أنجلس بالسلاح الكامل يتجهون إلى عدة مواقع لبنك إنديماك، ومهمتهم هي تذكير النساء العجائز «ذوات الشعر الأزرق»، والرجال البيض الذين في منتصف العمر الذين يلبسون قمصان تومي باهاما، أن أي إظهار علني للاستياء سوف يقابل بسرعة بنموذج «رودني كينغ للعدالة»: همممممم!!
هذا يعني أن سحب المدخرات من البنك ليس محفوفاً بالمخاطر فقط، بل هو مساو لارتكاب جريمة.. يا إلهي كم تغيرت أميركا!! أنت ذاهب إلى البنك؟ لا تنس خوذة الحماية؟
الحقيقة هي أن النظام البنكي مبني على قاعدة من الرمال المتحركة، والمسألة هي فقط مسألة وقت قبل يبدأ رجال شرطة بوش الآليون المزودون بالهراوات باستخدام الصاعق الكهربائي ضد النساء العجائز والغاز ضد الرجال، بسبب تجمعهم أمام الأبواب المغلقة بألواح الخشب لبنكهم المحلي: «تحركوا من هنا، الآن»!!.
كاتب «مؤشر السوق» «دينينغر» تنبأ بظروف النظام البنكي الحالية: «لماذا يستمر «باولسن» بإخبارنا أن النظام البنكي سليم كلما صادف مايكروفون ضمن مجال 200 متر؟ ربما لأن النظام البنكي على حدود الانهيار الكامل، وهو يعلم أنكم تستطيعون تحطيمه باستخدام ريشة»!
الإفلاسات البنكية ستستمر!
إن زوال أنديماك من المتوقع أن يكلف الشركة الفيديرالية لتأمين الودائع مبلغ 8 بليون دولار من مدخراتها الهزيلة البالغة 53 بليون دولار!! 4 أو 5 إفلاسات بنكية من قياس مشابه سيجعل الشركة الاتحادية لتأمين الودائع تحت الماء، وهذه مشكلة خطيرة لأن التقديرات حتى المتحفظة منها، تتوقع أن عدد الإفلاسات البنكية سيصل إلى عدة مئات.
إنديماك هي بطاطا صغيرة مقارنة بالدين العالق على فرسي نهر الرهن، «فاني ماي»، و«فريدي ماك».. سنوات من الحسابات السطحية، الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر، الإقراض التعسفي، والمحسوبية السياسية أدت إلى تآكل أوراق الميزانية لكلا المؤسستين المدعومتين من الحكومة ودفعهما نحو حافة الإفلاس، فإذا سقطا، سيؤدي هذا إلى كارثة لدافع الضرائب الأمريكي الذي سيتوقع منه أن يضمن 5.2 تريليون دولار من الرهونات السكنية الأمريكية، ومئات البلايين التي أعطيت للمستدينين الذين سيتخلفون عن السداد في السنوات القليلة القادمة.
فيما يستمر إخفاق فقاعة الإسكان، «فاني» و«فريدي» سيواجهان خسائر تقدر بـ500 بليون دولار أو أكثر، مما سيجبر المستثمرين الأجانب الساخطين على نبذ تعهداتهم والبحث عن مخرج، وعندما يحدث ذلك، فأسعار الفائدة طويلة الأجل سوف تحلق في السماء، والدولار المريض سوف يتحطم.
إدارة بوش لن تسمح لهذا بالحدوث، مما يعني أن هنري باولسن سوف يضغط باتجاه تمويل طارئ من الكونغرس، ليستطيع إعادة بناء ثقة المستثمر، ويوقف نزف رأس المال الأجنبي.
فيما إذا تم إنقاذ «فاني» و«فريدي» أم لا، فسيضعف ذلك الدولار أكثر بسبب العجز المتزايد في الميزانية، والثقة المتضائلة.
هناك فرصة ضئيلة حقا أن يستمر الدولار كـ«عملة عالمية» لخصها رجل الاقتصاد نوريل روبيني:
«وجود الـ (GSEs) المؤسسات المدعومة من الحكومة.. هو جزء كبير من الدعم الحكومي الأمريكي الكلي لرأس المال الإسكاني الذي سيقود في نهاية الأمر إلى إفلاس الاقتصاد الأمريكي. خلال الـ70 سنة الأخيرة الاستثمار في الإسكان – أكثر صيغة غير مربحة لتكديس الأموال- تم دعمه من الحكومة بـ100 طريقة مختلفة في الولايات المتحدة: أرباح الضرائب، الحسم الضريبي على أسهم الرهن، استخدام الـ FHA (إدارة الإسكان الفدرالية)، دور هائل لفاني وفريدي، دور لنظام بنك الإقراض المحلي الاتحادي، ومجموعة من التدابير التشريعية والتنظيمية.
الواقع هو أن الولايات المتحدة استثمرت أكثر مما يجب في بناء أسهمها في رأس مال الإسكان المبدد للمال، ولم تستثمر بما يكفي في تراكم رأس المال المادي (معدات، آلات..إلخ) التي تؤدي إلى تزايد إنتاجية العمل، وتزيد في نمو الاقتصاد على المدى الطويل».
فاني وفريدي ارتكبا خطأ جسيماً بانتقالهما إلى سندات الرهن المدعومة في التسعينات.
منذ عام 1997 حتى 2007، قفز ملف التهرب في سندات الرهن المدعومة لـ«فاني» من 18.5 بليون دولار إلى 127.8 بليون دولار مع نهاية 2007. والأرقام في «فريدي» أعلى من ذلك.
لقد علقوا في الدوامة نفسها التي تسحبهم نحو الأسفل مثل بنوك الاستثمار، مع بليونات الدولارات من الأصول المالية التي تستمر في فقدان قيمتها شهرياً.
إنه الموت نتيجة ألف جرح..
الخسائر تركت كلا الشركتين المدعومتين من الحكومة تتضوران للمال، تفتشان بجنون عن مصادر جديدة لرأس المال لإعادة بناء الوسادة.. من المؤسف أن الثروات الأساسية الأجنبية تشعر أنها احترقت في عملية إنقاذ سيتيغروب ولم تعد موجودة في السوق من أجل بنوك الاستثمار الأمريكية المعدمة.
«ذا إيكونوميست» تسلط القليل من الضوء على مسك الدفاتر المبدع لفاني وفريدي:
«الشركات أصبحت غير راغبة في تقبل ألم أسعار السوق في القروض المقصرة المعترف بها، عندما يفشل المستدينون في الحفاظ على مواعيد التسديد للرهونات في الصندوق المشترك الذي يدعم القروض المدعومة بأصول مالية، فيجب على فاني وفريدي شراء القرض من جديد، لكن هذا يتطلب شطباً فورياً في الوقت الذي تعاني أسعار السوق للقروض المدعومة بأصول مالية من الكساد، بدلاً عن هذا، فالتوءمان يدفعان أحيانا الفوائد للصندوق المشترك لإبقاء القرض عائماً»..
هذا لطيف، أليس كذلك؟ ألن يكون رائعاً ألا يضطر الرجال للتفسير لزوجاتهم لماذا ضيعوا رواتبهم على مضمار السباق؟
من الواضح أن هذا جيد بالنسبة لفاني وفريدي: الاستمرار في دفع الفوائد على القروض المعدومة ولا داعي للحيرة.. هذا هو نوع الحسابات اللاأخلاقية التي تحدث في واشنطن دون أن يعترض طريقها أحد، حيث الجميع يتلاعب بالأرقام لإخفاء الخسائر عن حاملي الأسهم أو دافعي الضرائب..
الطريق إلى الخراب:
رأسمالية باولسن الغافلة
شيء ما شديد الخطورة يحدث في الاقتصاد، لكن لا أحد يريد أن يقول ما هو. إنه مجرد انخفاض نمطي في دورة الطلب أو «رقعة خشنة» مؤقتة.
في الحقيقة إنه ليس ركوداً على الإطلاق، إنه انصهار للنظام المالي. والأمر واضح. الاحتياطي الفيدرالي ذو «الجيوب العميقة» يوفر مئات بلايين الدولارات من خلال منشآت البيع بالمزاد العلني من أجل أكثر المضاربين جبناً على سطح الكوكب، بنوك الاستثمار. البنوك نفسها التي لاتملك القدرة على تسديد النقود.
لجنة الأوراق المالية والتبادل الأمريكية غيرت القواعد بغش أسهم البنك قبل أيام من تقديم تقرير الأرباح. موهبة أخرى من العم سام في إخفاء الغسيل القذر.
بعض البنوك بدأت بتمديد «تخفيض قيم» من 120 يوماً إلى 160 يوماً، لكي يكسبوا بعض الوقت، لخداع المساهمين بخصوص حجم خسائرهم.
لقد تصاعدت الرائحة النتنة للأعمال حتى السماء، وإدارة بوش في السرير معهم، تحضنهم وتمسك بأيديهم.
الشيء المهم أن الاحتياطي الفدرالي اعترف أن المضاربين قد لوثوا النظام المالي إلى حد كبير بسمومهم ونفاياتهم العشوائية، بعبارة أخرى، «الاقتصاد العقاري» الشرعي قفز بشكل لا سبيل إلى الخلاص منه نحو 500 تريليون دولار، في ظل نظام بنكي غير منظم يعمل دون قواعد ودون إشراف، وحتى دون رأسمال كاف.
إنها مسألة وقت قبل موت المريض. النظام البنكي مفلس، متأزم، ولايملك فلساً واحداً. والاحتياطي الفيدرالي ومجموعة السبع سمحوا لهذه المهزلة بالاستمرار، كأنما لا يوجد ما هو خاطئ.
متى سوف يستيقظ الشعب الأمريكي؟
«أنت تدفع نقودك وتحصل على فرصك».. هذه هي رأسمالية السوق، تعاملْ معها!.
ما نراه هو أنواع هجينة من الرأسمالية. «رأسمالية باولسن الغافلة»، خليط من سياسات إنقاذ دافعي الضرائب، تدخل حكومي وسوق حر مرتبك.. إنه خليط سام في أوراق العمليات غير المتضمنة في الموازنة. التجارة المباشرة للمشتقات غير المضبوطة، تجارة شبكات تمويل الصناديق المخفية (dark pool)، التمويل الوقائي المبهم، المحاسبة المراوغة على طريقة «إرنون»، والسندات التي يصعب التلفظ بها والتي تم رزمها في لعبة أصداف رديئة، والتي أدارها رجال الترهات من خريجي هارفرد والمضمونة من الحكومة بنسبة 100 %.
هذا هو النظام الذي ندعمه بدولارات ضرائبنا، وذلك هو النظام الذي يسحبنا باتجاه الدمار.
هذه ليست رأسمالية يا صديقي.. إنه نظام ملتو يسيّره الشحاذون وأوغاد البنوك الذين قتلوا البطة التي تبيض ذهباً على أمل الحفاظ على خزانة اللحوم في الكوخ في ساحل نيو جرسي طافحاً بخمر «دوم بيريغنون» وفيليه سمك الهيلبوت.
لقد خلقوا هذا الكابوس، وحكموا بالهلاك علينا جميعاً.
طالما أننا ندعم النظام القائم سيستمر الاقتصاد بالتخبط، البطالة سوف تستمر بالارتفاع، حبس الرهن سوف يرتفع، البنوك ستستمر بالارتجاف، الدولار المتذبذب سوف يستمر بالانحدار العنيد نحو الهاوية.
لقد آن أوان ترتيب المنزل.. ويمكننا البدء بحرق باولسن!!