(2016-2020) هكذا ستكون الصين خلال خمسة أعوام
إعداد رنا مقداد إعداد رنا مقداد

(2016-2020) هكذا ستكون الصين خلال خمسة أعوام

أسباب عديدة تقف خلف الاهتمام العالمي بالخطة الخمسية الصينية الثالثة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2016- 2020) التي خرجت مسودتها مؤخراً إلى العلن. فالصين، ليست فقط من أكبر اقتصادات العالم على صعيد حجم الناتج المحلي الإجمالي، إنما أيضاً من أهم محركات نمو الاقتصاد العالمي.

 

يعكس قيام الحكومة الصينية بترجمة نصوص الخطة الخمسية الصينية الثالثة عشرة إلى سبع لغات، بما فيها اللغة العربية، سعيها إلى إفهام المجتمع الدولي طبيعة تلك السياسات التي ستتخذها بكين خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي السياسات التي، بطبيعة الحال، سيكون لها بالغ الأثر على دول العالم كلها، سواء التي يزداد ارتباطها بالصين وحلفائها الأقوى، أو تلك التي تقودها حمية الصراعات الجيوسياسية العالمية.

خطة من صميم العالم الجديد

إذا كانت الخطة الخمسية الأولى للتنمية في الصين- والتي بدأت عام 1953- قد حملت أهمية تاريخية خاصة، حيث جرى خلالها تأسيس القواعد الصناعية، ووضع أسس صناعة الدفاع الوطني، وتحسين الزراعة والإصلاح الزراعي، وغيرها من الإجراءات التي أسست للبناء الاشتراكي في الصين، فإن الخطة الثالثة عشرة لا تقل أهمية عنها، كونها تأتي في مرحلة تواجه فيها الصين تحديات جمة، بعضها جديد، وبعضها ناتج عن مفرزات نمط التنمية الذي اتبعته الصين منذ تبني سياسة «الإصلاح والانفتاح» في عام 1978.

ومع إقرار مجلس نواب الشعب الصيني، في شهر آذار 2016، للخطة، ستقوم الوزارات والسلطات المحلية المعنية بإعلان خططها الخمسية الفرعية، والتي تعتبر كل منها بمثابة «خارطة طريق» خاصة بها، لتنفيذ الأهداف التي وضعتها الحكومة المركزية.

وتتمثل الأهداف الرئيسية للخطة الصينية الخمسية الثالثة عشرة، وفقاً لمقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في اجتماعها  الماضي خلال شهر تشرين الأول من عام 2015، بما يلي: الحفاظ على نمو اقتصادي مستقر وسريع نسبياً، ورفع دخل الفرد بشكل عام، وتعزيز البناء الاجتماعي بشكل ملحوظ، وتحسين نظام الطاقة، وتعميق التغييرات الضريبية والمالية، وتحسين القدرة التنافسية الدولية، وتعميق إصلاحات الأراضي الزراعية، واعتماد «التنمية على أسس الابتكار».

«الاصلاحات».. لمصلحة من؟

من الملاحظ أن الخطة الجديدة تضع الإبداع والابتكار على قمة أولويات التنمية الصينية خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو الأمر الذي يؤكد عزم الصين على تحويل نمط تنميتها، وتكييف الاقتصاد الصيني في وضع طبيعي جديد، يتسم بمعدل نمو أقل، لكن بكفاءة وجودة أعلى. وقد أكد نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، تشانغ غاو لي، على أهمية بذل المزيد من الجهود خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة، مؤكداً: «إن التنمية يجب أن توضع على قمة الأولويات، ويجب القيام بالمزيد من العمل لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة، من خلال تحسين السيطرة الاقتصادية الكلية، والسماح للاستهلاك والاستثمار أن يقوما بأدوارهما، مضيفاً: «ستواصل الصين استراتيجيتها لتحقيق التنمية عن طريق الابتكار، والحفاظ على نمو بسرعة من متوسطة إلى عالية. وستواصل الصين تنسيق التنمية الريفية- الحضرية، وتفتح مجالاً جديداً للتنمية، وتعزز محركات جديدة لتلك التنمية، وستواصل إزالة معوقات التنمية الاقتصادية- الاجتماعية، كما يجب إبراز الحماية البيئية، من خلال دعم التنمية المنخفضة الكربون، ومكافحة تلوث الهواء والمياه والتربة»، كما فرد تشانغ في حديثه، وقتاً طويلاً للحديث عن خطط الحكومة للقضاء على الفقر، وضمان «إعادة التفكير بالإصلاحات» بما يعود بالنفع على المزيد من المواطنين، بطريقة عادلة.

مشروع الخطة.. شامل وتدريجي

من بين الصفحات الكثيرة التي حملها مشروع الخطة الخمسية الصينية الثالثة عشرة، نعرض هنا بعضاً من أهم ما جاء في مشروع الخطة، على شكل مقتطفات توضح الاتجاه العام للسياسة الصينية اتجاه عدد من الملفات: 

في مجال الحوكمة: تحديث أنظمة إدارة الحكم (الحوكمة) على المستوى الوطني، وتعزيز الجهود الرامية إلى تحسين آليات الديمقراطية، وسيادة القانون، والمصداقية القضائية، وحماية حقوق الإنسان وحقوق الملكية، وتعزيز التنسيق الدولي لسياسات الاقتصاد الكلي، والقيام بدور نشط في وضع القواعد في مجالات جديدة، مثل الإنترنت، وأعماق البحار والمناطق القطبية والفضاء الخارجي.

في مجال التعليم: إعطاء الجامعات ومعاهد البحوث مزيداً من الاستقلالية، وتعزيز القدرات في مجال التدريس المبتكرة لضمان أن يستوفي عدد متزايد من الجامعات المعايير العالمية، وإنشاء نظام المدارس المهنية الحديثة، وتشجيع بعض الجامعات لتصبح مؤسسات للتعليم المهني، وتشجيع التعاون بين المدارس والمؤسسات لتدريب العمال المهرة، ورفع رواتب العمال المهرة.

في المجال الاجتماعي: طرح وتعزيز نمط جديد للتحول الحضري، يركز على تحسين سبل العيش، وتعميق إصلاح نظام القيد العائلي، وتحسين نظام الضمان الاجتماعي ليشمل جميع المقيمين بصفة قانونية، وخفض أسعار التأمين الصحي، وإجراء تعديلات تخفيضية لصندوق التقاعد، وزيادة قنوات الاستثمار للصندوق، ورفع العائد على الاستثمار، وتحقيق تقدم في التأمين التجاري للرعاية الصحية لكبار السن وخطط التقاعد للشركات، وزيادة الاستثمارات من الحكومة المركزية والحكومات المحلية لدمج قنوات تخفيف الفقر، واستكشاف المزيد من القنوات المالية لمكافحة الفقر.

في مجال الرعاية الصحية: الدعوة إلى التنفيذ الكامل لسياسة تنظيم الأسرة، والسماح للزوجين بإنجاب طفلين، وتحسين الخدمات الصحية، والصحة الإنجابية للمرأة، والرعاية الصحية للأطفال وخدمات التمريض، وإصلاح شامل في المستشفيات العامة، والتركيز على إنهاء النظام الذي يقوم على الربح، وإنشاء نظام للعاملين وأجور مناسبة في قطاع الرعاية الصحية يقوم على التوزيع الأمثل للموارد.

في مجال التكنولوجيا: توسيع اقتصاد الانترنت، وتطبيق خطة «الانترنت بلس»، وزيادة سرعة الشبكة العنكبوتية، وتخفيض الرسوم إلى حدود دنيا، وزيادة الدعم لابتكارات الفضاء الالكتروني في الصناعات وسلاسل الإمداد والتوريد والخدمات اللوجستية، وتنظيف بيئة الانترنت وتشجيع ثقافة الفضاء الالكتروني، وتعزيز التنمية المختلطة لوسائل الإعلام التقليدية والجديدة، وتسريع الرقمنة.

في مجال البيئة: تعميق نظام التحقيق والمحاسبة للمسؤولين الذين تنتهي فترة عملهم، أخذاً في الاعتبار حماية البيئة، وجعل حماية الموارد الطبيعية جزءاً من تقييم أداء المسؤول، وتعزيز الإنتاج النظيف، وإقامة نظم الصناعة الخضراء منخفضة الكربون، وتعزيز التمويل الأخضر، وإنشاء صندوق للتنمية الخضراء، وتشجيع استخدام السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة، ومواصلة بناء قطاع السيارات الكهربائية، وإقامة نظام وطني للرصد البيئي على الإنترنت، ونظام الانبعاثات المسموحة والذي يجب أن يغطي الشركات ذات مصادر التلوث الثابتة بشكل إجباري.

في مجال الزراعة: تعزيز نمط جديد من المزارعين المهنيين، وإصلاح نظام الأراضي في المناطق الريفية، وتشجيع الانتقال المنظم لحقوق إدارة الحقول الزراعية.

في المجال العسكري: تسريع الإصلاحات العسكرية، وإقامة جيش حديث ذي خصائص صينية.