محطات المهمات القذرة.. والعبث بأحلام الشعوب واستقرار الدول
عبد الرحمن مظهير محمد عبد الرحمن مظهير محمد

محطات المهمات القذرة.. والعبث بأحلام الشعوب واستقرار الدول

في ظل ثقافة العولمة وثورة المعلومات امتلأ الفضاء بعشرات القنوات التلفزيونية، وأصبحت مسألة البث الفضائي لا ضابط ولا رابط لها. فكل من يملك قناة من حقه أن يبث ما يريد، وتسبب غياب الرقابة في إنشاء محطات لا تنشر سوى الفتنة والتحريض، وخاصة البرامج التي يُرفع فيها شعارات دينية و(ثورية).. ذلك يؤدي إلى الإقبال الكبير عليها مما يجعلها تحقق أرباحاً خيالية على حساب مشاعر المواطن واستقراره وأمنه.

قناة «الجزيرة» مخلب العم سام؟!

إنّ فكرة إطلاق محطة «الجزيرة» جاءت بعدما تعرض وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لحملة إعلامية قاسية في الصحافة العربية عامة والخليجية خاصة ومنها القطرية، حين أطلق تصريحات تطبيعية مفاجئة مع إسرائيل. الوزير شعر بمدى ضعف موقفه الداخلي في قضية مصيرية مثل العلاقة مع إسرائيل، وفي دولة لا يزيد عدد سكانها على المائة والعشرين ألف نسمة وفق الإحصائيات الرسمية وعلى الستين ألف نسمة وفق تقديرات الجهات الدولية.

لاقت تلك الخطط استحسان ولي العهد الأمير حمد بن خليفة، إذ كان على رأسها تنحية الأمير السابق (خليفة)، وإطلاق قناة «الجزيرة». لقد تحدثت الصحافة الغربية عن سلسلة من الاجتماعات شارك فيها خبراء من وزارات الخارجية في عدد من الدول الغربية، وأضافت إليهم الصحافة الإسرائيلية خبراء إسرائيليين في مجال الإعلام حصراً، وانتهت تلك الاجتماعات إلى إطلاق قناة «الجزيرة»، وقد استندت إلى الحقائق التالية:

 أولاً: إن عدد سكان قطر نحو ستين ألف نسمة، منهم خمسة وعشرون ألفاً من آل ثاني، ويتربعون فوق ثروة نفطية هائلة.

ثانياً: لا يزيد عدد رجال الأعمال القطريين على عدد أصابع اليد الواحدة، وهم شركاء الأمير والوزير وآخرين من العائلة الحاكمة.

ثالثاُ: استخدام قناة «الجزيرة» إقليمياً وعربياً ودولياً طالما السلطة الحاكمة، غير مهددة خارجياً من خلال حمايتها إسرائيلياً – أميركياً.

إن بعض الدبلوماسيين الآسيويين الذين لا يمتلكون سوى معلومات غامضة عن المنطقة يعتقد بوجود دولة إقليمية «عظمى» اسمها «الجزيرة» وعاصمتها قطر التي لا يتعدى عدد سكانها 600 ألف نسمة، ثلثهم فقط من أصول قطرية. فقد استطاعت «الجزيرة» اختراق جميع «التابوات» العربية بما فيها «تابو» الانفتاح المجاني على إسرائيل. أن أصحاب «أجرأ» مشروع إعلامي عربي ودعاة الانفتاح الإعلامي مازالوا يمنعون مواطنيهم من تلقي المحطات التلفزيونية العربية والعالمية إلا من خلال مؤسسة «كيبل فيجن» الحكومية.

لقد سعى المشرفون على قناة «الجزيرة» إلى حصر التوظيف بأشخاص تربط بلادهم علاقات ومعاهدات سلام مع إسرائيل، لأن تنفيذ سياسة الانفتاح على الإسرائيليين عبر إجراء المقابلات حول الأوضاع الساخنة في المنطقة يتطلب كفاءة خاصة، سواءً بالتجرد أو اللامبالاة، أو القرار الصعب بالانحناء أمام العاصفة. وهذا ما تنفذه «الجزيرة» اليوم للأسف مع أبناء جلدتها من العرب، فهي تقود جيشاً إعلامياً حربياً وتسير أمام قوات التحالف الدولية لفتح المجال لها للتدخل في المنطقة العربية مثلما يحصل في ليبيا، أصبح القطريون يقودون الطائرات والإعلام وبيع النفط الليبي وتقاسمه مع حلفائها من الدول الغربية!

قاعدة العديد

دأبت قناة «الجزيرة» تحت ستار الحرية على محاربة حرية واستقرار الآخرين، وأعطت لنفسها هامشاً هي التي رسمت حدوده، ووسعت هذه الحدود بما يلائم سياستها وسياسة من يقف وراءها. إن الغطرسة الإعلامية والانتفاضات الكاذبة ليست هي التي تصنع رجالاً، وزرع الفتن واللعب بالنار ليس هذا هو الذي يصنع تاريخاً وحضارة، فالحرية التي تتمتع بها «الجزيرة» تفوق عشرات المرات تلك المسموح بها لوسائل الإعلام القطرية الأخرى. و«الجزيرة» ليست مستقلة بشكل كامل، ولعّل الدليل على ذلك هو تجاهلها لما تناقلته وسائل الإعلام البريطانية بشأن تورط الشيخ حمد بن جاسم في قضية رشوة بخمسة ملايين جنيه إسترليني تسلمها من إحدى الشركات البريطانية لتحصل على عقد بقيمة خمسمائة مليون بدولة قطر. وفي النهاية اضطر الشيخ حمد لدفع خمسة ملايين كتعويض لإغلاق ملف الدعوى القضائية التي أُقيمت ضده. لماذا تريد الدوحة القفز على حقائق التاريخ وحتميات الجغرافيا للعب دور خليجي وإقليمي يفوق عدة مرات الحجم والنفوذ الحقيقيين لقطر التي مساحتها بالكاد تساوي حجم عباءة أحد أمرائها؟ إن التعملق ومناطحة الآخرين ليست هي الطريق الصحيح لإقامة كيان قوي!. لقد فتحت قطر التواجد الأميركي على مصراعيه في المنطقة العربية، لدرجة دفعت صحيفة «الواشنطن بوست» قائلةً إنه «يجد مسؤولو البنتاغون أن الحكومة القطرية أكثر تفهماً بصورة تدعو للدهشة».

موظفو الجزيرة: التطرف والأصولية!

بخلاف المحطات العالمية الشهيرة، يقتصر دور المذيع في قناة «الجزيرة» على قراءة الكلام الذي يظهر أمامه على الشاشة، ولدى إجراء المقابلات الحية على الهواء أثناء نشرات الأخبار، يتم كتابة الأسئلة من منتج النشرة الذي يسمى بالعربية «رئيس التحرير»، وبات المشاهد يلاحظ مدى تخبط مذيعي القناة أثناء اتصالهم مع ما يسمون أنفسهم بـ«الشهود العميان» أو «شهود الزور»، حيث يبدو المذيع في حيرة من أمره لأن من يوجه ويطرح الأسئلة على هؤلاء هم من يتواجدون في غرفة التحكم! ويعتبر «منتج النشرة» المسؤول الأول والأخير عن كل كلمة تقال من قبل المذيع، ويجب على المذيع أخذ أذن «المنتج» في طرح أي سؤال من بنات أفكاره. وحتى الصور التي تبث أثناء نشرات الأخبار هي من اختصاص «منتج النشرة»، وهذا على الجزيرة وزميلاتها من القنوات التحريضية. لذلك يقتصر دور المذيع على الناحية الجمالية فقط، وقد تردد مؤخراً عبر تقارير نشرتها الصحف العربية من أن بعض المذيعات تقدمن باستقالة جماعية إلى مدير عام القناة وضاح خنفر يتهمن فيها البعض في القناة بالتحرش بهن، وذكرت تقارير أخرى أن سبب الاستقالة يعود إلى الطلب منهن بوضع الحجاب. أما مذيعوها فهم كوكتيل من اليمين المتطرف إلى اليسار إلى الأصولي، فتلك الصفات حسب مسؤولي القناة هي الأكثر قدرة على مواجهة الأنظمة العربية الراديكالية والقومية.

ضيوف من الموساد!

إن معظم ضيوف قناة «الجزيرة» سواءً في نشرات الأخبار أو البرامج الحوارية أمثال (مائير كوهين من التلفزيون الإسرائيلي، شاؤول منشيه: محلل سياسي، وهو ضابط متقاعد عمل مع الموساد، شلومو غانور) وغيرهم من الإسرائيليين، هم من كبار قادة الموساد الملطخة أيديهم بالدماء العربية. لقد زار بنيامين نتنياهو مكاتب قناة الجزيرة (كانون الثاني- يناير2010) للاطلاع عل كيفية العمل في مصر أثناء الإطاحة بمبارك)، ويتحدث هؤلاء باللغة العربية بطلاقة مدهشة، حيث يقومون بتزويد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالمعلومات المختلفة عن الشعوب العربية السياسية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتي تهدف إلى إحداث مزيد من التفكك والتغلغل داخل المجتمعات العربية بهدف السيطرة عليها. وهم يعرفون كيف يستثمرون ظهورهم على قناة «الجزيرة» للتأثير على عقل المشاهد العربي. إضافة لذلك يوجد ما يسمى بـ«هيئة أصدقاء الجزيرة» المؤلفة من عرب ويهود وغربيين، على رأسهم مارتن إنديك نائب الرئيس السابق للبحوث في إيباك والسفير الأميركي السابق في إسرائيل، والمؤسس المشارك لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والمناصر لإسرائيل؛ والملحق التجاري الإسرائيلي في الدوحة القطرية، والذي يشاهد دائماً وهو يدخل بوابة المجمع السكني الذي لا يقطنه سوى العاملين في «الجزيرة» وبعض العاملين في الديوان الأميري ووزارة الخارجية، وهو الذي يتنافى دوره مع صفته التجارية، بل هو الموجه للعمل الإعلامي لـ«الجزيرة».

الجزيرة: تقود «حرب» الغرب على العرب

بدأت قطر بحرب إعلامية ترافقت مع انقلاب ولي العهد حمد على أبيه بالتعاون مع الوزير حمد بن جاسم، وأول الغيث ضد السعودية الجارة ذات الثقل السكاني والمالي، فقد وصل بالجزيرة إلى التشهير بالعائلة المالكة السعودية وأبرز رموزها مؤسس السعودية الملك عبد العزيز، ومن ثم الكويت حيث غرمت محكمة كويتية قناة الجزيرة مبلغاً مقداره (16400) دولار أميركي، لأن القناة كانت قد بثت في أحد برامجها ما اعتبر تهماً لكويتيين بقتل فلسطينيين، وعراقيين، بحامض كيميائي بعد تحرير الكويت عام 1991، وتم إغلاق مكتب «الجزيرة» عام 2001 على خلفية محاولة الجزيرة إحداث شرخ داخل المجتمع الكويتي. ووصل الاعتراض إلى الأردن حيث تم إغلاق مكتب القناة في العاصمة عمان على خلفية اتهام القناة بالتحريض في الأردن على نظام الحكم. وأيضاً لم تكن مصر وتونس والجزائر والمغرب وسورية بعيدة عن نيران «الجزيرة»، وقد اتخذت تلك الدول قرارات بسحب اعتماد مراسلي الجزيرة فيها. ولكن المحطة القطرية التي ترفع شعار (الرأي والرأي الآخر) لم تحرك ساكناً وتناقش كيفية انقلاب الابن ولي العهد «الأمير» على أبيه الذي كان في رحلة استجمام في بلاد الغرب؟!. ولم تناقش قضايا البدون القطريين من آل «المري»، وهي التي تطوعت وناقشت قضايا البدون في دول خليجية أخرى.

منذ نشأتها، أخذت «الجزيرة» على عاتقها مهمة الاصطدام بمعظم الدول العربية، وقد نجحت في ذلك إلى حدٍ بعيد، وكان الاصطدام ضرورياً لها لتثبت أنها جزيرة (حرة). وقد حظيت الدول العربية بالنصيب الأوفر من النار، فمنذ اللحظة الأولى فتحت القناة التابعة لدولة لا تتعدى مساحتها إحدى مزارع أحد الأمراء، أو بحجم عباءة مؤسسها الشيخ حمد بن جاسم! حملة قوية ضد الحكام العرب، ولم توفر القناة الهجوم على بعض الرموز العربية. وفي الفترة الأخيرة تدخلت «الجزيرة» في تأجيج المشاعر ضد نظام حسني مبارك ليس حباً بالشعب المصري بل لتصفية خلافات قديمة مع نظام حسني مبارك، وقامت بافتتاح قناة فضائية خاصة بمصر «الجزيرة مباشر مصر». وفي ليبيا بدت متحمسة للتدخل في ليبيا والاستفادة الاقتصادية والإعلامية والدعائية. وفي اليمن كانت «الجزيرة» هي التي تقود المواطنين ضد نظام الحكم هناك إلى أن تم طرد مراسليها من اليمن.

يقول الإعلامي في قناة «الجزيرة» سامي كليب معلقاً على استقالة غسان بن جدو من المحطة: «لعل في استقالة غسان ما يؤكد أن كل الإعلام العربي اليوم يحتاج إلى إعادة نظر». ويضيف عن الانتقادات التي طاولت الجزيرة: «أنا أقرأ انتقادات كثيرة عن الجزيرة، خصوصاً أنها غير قادرة على بلوغ أماكن الصراع في عدد من الدول العربية، مما يجعل الشاشة كأنها متحيزة لطرف ضد آخر».

بدأت «الجزيرة» تلقي مزيد من الوقود بما تقدمه من برامج وتقارير، ضد الأنظمة العربية التي تدعم التيار المقاوم في المنطقة ومنها سورية، ويبدو للأسف أن القناة القطرية قد استهلكت ما استهلكته من عواطف الشارع العربي العريض، ودغدغت مشاعره وأحاسيسه بكل الأشكال والألوان من اللون الأسود والبني الغامق في أفغانستان والعراق، وها هي اليوم تحشد كل قواتها في مواجهة الاستقرار الذي تنعم به سورية، حيث حشدت شارع الأفكار الأيديولوجية الدينية إلى جانب بعض الرموز المتطرفة من أجل تنفيذ مخطط يتعدى حدود الدولة القطرية ليخدم قوى على بعد ألاف الأميال.

الدور المفضوح

 لقد ظهرت الأسئلة التالية عند دور قطر عبر «الجزيرة»:

أولاً: لماذا تدعم قطر تدخلاً عسكرياً غربياً في ليبيا، وتعطي لنفسها دور المشارك في هذه العملية؟

هل تضيف قواتها شيئاً سوى إضفاء الشرعية على جرائم تعوّد الغرب على ارتكابها في عالمنا العربي والإسلامي (فلسطين، العراق، أفغانستان).

ثانياً: لماذا تتحول الجزيرة إلى أداةٍ تروّج للعدوان على ليبيا؟ واليوم ضد سورية؟.

ثالثاً: من أقنع قطر، أو قناة الجزيرة، بوهم صناعة الثورات، حتى صار التصرّف على أساس أنْ لا ثورة من دونهما.

يبدو أن الجزيرة قد نجحت في حشدها لفتاوى القتل والتكفير في الشوارع والساحات العربية. باختصار قد لا نبالغ إذا قلنا إنه مع تلك الخطوة المتسرعة تكون المحطة قد انتهت وحكمت على نفسها بالإعدام. فهل تستمر «الجزيرة» بخدعة القناة الإعلامية الحرة. لقد ابتعدت «الجزيرة» عن الحيادية والاقتراب من الحقيقة والجماهيرية التي كونتها منذ انطلاقتها عام 1996 وابتعدت عن متعة الإعلام الهادف، فقد أصبحت «الجزيرة» تخاف من النور لأنها معتادة على الإشراق في العتمة فقط؟.

«العربية» خصم للجزيرة؟

برزت محطة «العربية» كخصم ومنافس أبرز لقناة الجزيرة، وثمة إجماع على أن فضائية «العربية» إنما هي سلاح المملكة العربية السعودية في مواجهة قناة «الجزيرة» التي أثارت منذ تأسيسها سنة 1996 زوابع كثيرة، وأقضت مضاجع حكام الخليج ومنهم السعوديون بالطبع، وحولت أحلامهم الوردية وتحالفاتهم الأميركية والغربية إلى كوابيس مزعجة،؟!. وقد تدارس ممولون خليجيون (2003) كسر احتكار المحطة القطرية وإقامة فضائية منافسة لها، وقد أراد الممولون وهم رجال أعمال سعوديون وكويتيون ولبنانيون الوقوف وراء تلك المغامرة حيث استثمروا 300 مليون دولار أميركي فيها. لقد مارست تلك القنوات حالة من الإرهاب أمام هدير الأخبار والتحليلات التي تبثها على مدار الساعة، وأرادت العربية السعودية من خلال قناة «العربية» أن تكسب الصراع مع قطر بشأن علاقة كل منهما مع الولايات المتحدة الأميركية، فالخطوات المتسارعة التي اتخذتها قطر على هذا الصعيد في السنوات الأخيرة، من فتح مكتب اتصال وتجارة مع إسرائيل، والتحول إلى أكبر مستودع للأسلحة الأميركية في المنطقة، هذه الخطوات هي التي أسست للخلاف القطري- السعودي، وهو خلاف على الأدوار في المنطقة العربية، وهي أدوار يحددها المايسترو الأميركي من دون منازع، أما فضائية «الجزيرة» وجدت بهدف التغطية على الدور القطري.

إن قناة «العربية» أصبحت كما أريد لها أن تصبح شريكة لـ«الجزيرة» أكثر منها منافسة لها، شريكة مضاربة تسعى لاستعادة الحصة والحظوة التي كانت للملكة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية يوماً ما. وهي التي استولت عليها الشقيقة الصغرى (قطر) في غفلة من العيون. و«العربية» مثلها مثل بقية القنوات، اتخذت خطاً تآمرياً ضد المصالح العربية، وبدت وهي تدافع عن طبقة رجال الأعمال والسياسيين ضد دول عربية اتخذت خطاً تقدمياً ومقاوماً، وبالطبع المقاومة ضد مصالح هؤلاء التجار الذين لا هم لهم سوى المال، وقد خاضت قناة «العربية» وزميلاتها الفضائيات التحريضية حملة منظمة مدفوعة الثمن استهدفت فيها ضرب الاستقرار في سورية من خلال التحريض على العنف والفوضى، وأصبحت شريكاً في ما يرتكب في الشارع السوري من تخريب.

BBC (العربية) فقدان للمصداقية

 لم تعد (بي بي سي) بقسمها العربي التلفزيوني والإذاعي مرجعاً سياسياً وثقافياً للمواطن العربي، لأنها أصبحت تثير الريبة والشك بالنسبة لما تبثه من برامج مسمومة، شأنها شأن بقية الفضائيات العربية المحرضة. أصبحت تلهث وراء الأخبار وتبثها بدون أدلة.. المهم الحصول على سبق صحفي على حساب القيم المهنية والأخلاقية. فقد باتت المحطة أقرب إلى «إسرائيل» من العرب وقضاياهم العادلة ولا سيما القضية الفلسطينية، فقد امتنعت عن بث رسائل استغاثة عام 2008-2009 للفلسطينيين أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا وضَعَ حيّاديتها ومصداقيتها على المِحك. وبدأت متعاطفة مع إسرائيل، وقد استعملت عبارة «قتيل» فلسطيني بدل «شهيد»، و«عملية فدائية» بدل «استشهادية»، وتعترف بدولة إسرائيل، وتستضيف الضيوف الإسرائيليين وتنحاز إليهم في مواجهتهم مع الضيوف العرب.

نقول للعاملين في تلك المحطة أليست الدماء التي تجري في عروقكم عربية؟

لقد كان عمل هؤلاء في محطة بريطانية رسمية قد سلبهم حريتهم وكرامتهم إلى الأبد، إنها ليست محطة موضوعية على الإطلاق، إنما تخضع مثلها مثل غيرها إلى كثير من التدخلات والتجاذبات، وما يثير الريبة والشكوك هو في تغطيتها للأحداث التي تمر بها سورية. لقد عانى العرب من تجربة مريرة من قناة (بي بي سي) منذ عام 1967 عندما انحازت القناة بشكل سافر لصفّ «إسرائيل» حيث كان معظم العاملين فيها آنذاك من المصريين والفلسطينيين، وكادت أن تتوقف عن البث لأن هؤلاء العرب قدموا استقالاتهم حيث لم يعد بإمكانهم تحمل المزيد من انحياز إذاعتهم إلى الجانب «الإسرائيلي».

 تمّ إعداد هذه المادة اعتماداً على معلومات:

www.alshirazi،no

كتاب «قناة الجزيرة»- مفيد الزيدي – دار الطليعة.

مجلة «النقاد»، بيروت 2001.

موقع «محيط» الالكتروني.

مجلة، النقاد، أيلول 2001.

صحيفة الأخبار، بيروت، 28، 29 نيسان 2011.