المال والسلطة والجنس.. و«التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية»
ستيركوه ميقري ستيركوه ميقري

المال والسلطة والجنس.. و«التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية»

يفضح كتاب «التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية » لكاتبه الأمريكي «جون بيركنز» الكثير الكثير من أساليب الطغمة الحقيقية الحاكمة لأمريكا في الهيمنة والنهب واستعباد الشعوب والدول، وهذه الطغمة مثلث شيطاني أطرافه سياسية، وعسكرية، ومالية، تتحكم في شؤون العالم بأسره، عبر الهيئات الدولية وخصوصاً صندوق النقد والبنك الدوليين..

واللافت للنظر هنا أن جون بيركنز، الكاتب، كان واحداً من «المخربين الاقتصاديين» الذين ما فتئت وكالة الأمن الوطني الأمريكية تجندهم لتنفيذ مقرراتها السرية، والذين يساهمون في بسط هيمنة هذه الإمبراطورية الشريرة على مقدرات الدول والشعوب والأنظمة، لكنه عاد إلى رشده بعد نفوره من الموبقات التي ارتكبت بحق دول العالم الثالث وشعوبها والنهب المنظم لخيراتها وثرواتها الهائلة، وقد قام بفضحها في كتابه الهام هذا.

وفيما يلي إضاءة سريعة عن مضمون الكتاب، مع توسيع وفتح الكثير من جوانبه..

تمهيد.. الحدث الراهن

إن فضح أجندة الاستراتيجية الأمريكية في التدخل بشؤون دول العالم الثالث، تعتبر الخطوة الأولى في عملية التصدي لها، فليس الأمر نشراً للفضائح، بقدر ما هو نشر للحقائق من أجل توعية الجماهير الشعبية في العالم مما يحاك لها ولأبنائها من مخططات شيطانية في دهاليز صنع القرار العالمي، والذي يسيطر عليه رأسماليون حاقدون وبنوك موتورة وعسكريون جاهزون للقتل وللتدخل في شؤون الدول والهجوم على الشعوب وسرقة قرارهم وأموالهم ومستقبلهم.. كل ذلك تحت ستار نشر ديمقراطية ما يسمى « بالعالم الحر » وزعيمته الولايات المتحدة الأمريكية، ولعل ما يستدعي الريبة والشك عندنا كعرب وكمشرقيين، هي تلك العلاقة القوية التي نشأت بين الولايات المتحدة الأمريكية ناهبة الشعوب، وبين أنظمة الحكم العربية التابعة الذليلة لها، والتي ما انفكت قائمة بمعظمها رغم افتضاح سبل وصولها إلى الحكم وأساليبها وأهدافها في التعاطي مع من تحكمهم.. هذه الحكومات التي لم تلبّ يوماً مطالب شعوبها وبقيت متسلطة عليها مستقوية بداعميها، مما يثبت مجدداً وجود وفاعلية «نظرية المؤامرة» بوصفها إستراتيجية معتمدة من أمريكا وحلفائها الغربيين والصهاينة للتحكم والهيمنة، وليست وهماً من صنع الخيال.

ولعل أكثر ما تجلت فيه وقاحة التدخل الاستعماري المرفوض في شؤون سورية الداخلية، هو حديث أوباما عن الشعب السوري وخياراته في الإصلاح وفيمن يحكمه، حيث فرض نفسه مدافعاً عن الشعب السوري، والذي لم يكن يوماً إلا مقاوماً ضد الجرائم الأمريكية الموصوفة بحق الشعوب من أفغانستان حتى أمريكا اللاتينية. ولكن ما نوع الإصلاحات التي تريدها أمريكا من النظام السوري؟ هل يعتبر تأميم شركات الخليوي إصلاحاً بالنسبة  له مثلا؟

إن أمريكا كممثل لمثلث الشيطان العالمي بأطرافه الثلاثة السياسي.. العسكري.. والرأسمالي لا تقدم على أية خطوة أو إجراء أو تصريح، إلا وفق خطة محكمة تستهدف في النهاية حكم العالم بأساليب عديدة ومبتكرة.

الانقلابات العسكرية

لقد جاءت الشهادة الحقيقية التي تعري الإمبريالية الأمريكية وأساليبها من عقر دارها.. أي من عملائها السابقين، ولا شك أن فضح هذه السياسة بهذه الطريقة، ومن هؤلاء الأشخاص، تصبح أكثر وضوحاً وأنصع صورة وأكمل تفسيراً وفهماً، حيث يعترف جون بيركنز بكتابه «التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية» بأن القروض والسياسات الاقتصادية والوصفات التي تفرضها أمريكا على الدول الفقيرة تنزل بها خسائر فادحة تدفع ثمنها الأجيال القادمة، ويضيف: «بأن القليلين يعترفون بأن أمريكا هي التي قامت بالإطاحة بأنظمة حكم كثيرة حتى تلك التي جاءت بطريقة ديمقراطية فقط لأنها لم تتعاون معنا»، وأكبر مثال صارخ على هذا هو الانقلاب الذي قاده بينوشيت في (تشيلي) ضد حكم سلفادور الليندي الذي وصل إلى سدة الرئاسة بانتخابات ديمقراطية نزيهة، في الوقت الذي كانت تدعم فيه أنظمة ديكتاتورية دموية كنظام صدام حسين، قبل أن تخطط لإسقاطه، والولايات المتحدة هي التي قامت باغتيال رئيس إكوادور الإصلاحي ودبرت مذابح في تيمور والسودان، وانقلابات ضد «نو دن ديم» في فيتنام الجنوبية، والذي اغتيل فيما بعد بأوامر صدرت من السي آي ايه التي قادت الانقلابات ضد محمد مصدق في إيران وعبد الكريم قاسم في العراق وارينز في فنزويلا وباتريس لومومبا في الكونغو.

لقد بين بيركنز أساليب عديدة تعتمدها الامبريالية الأمريكية في خداع الشعوب وجذب حكوماتها بشكل غير مباشر للانخراط بتنفيذ مخططاتها، التي تمر عبر رصد نقاط الضعف لحكام هذه البلدان، والتي يمكن أن ندعوها بالمخدرات الكبار: المال والسلطة والجنس، ومن من الحكام ليست لديه نقطة ضعف منها؟.

المخربون الاقتصاديون ودورهم

يبين بيركنز إن الإمبراطورية بلغت حداً مرتفعاً من الدهاء والمكر، لأنها لم تقم على القوة العسكرية، بل بناها المخربون الاقتصاديون، وبالتالي فإن غالبية الأمريكيين لا يعرفون أن أساليب الحياة والرفاهية التي لا تصدق هذه التي يعيشون بها، هي بسبب أنها إمبراطورية بالغة الوحشية، إمبراطورية تستعبد الناس حرفيا في مختلف أنحاء العالم، والأوروبيون والأمريكيون اللاتينيون في طليعة من وعى وفهم هذا الأمر.

لقد عمل المخربون الاقتصاديون منذ الحرب العالمية الثانية على خلق أول إمبراطورية معولمة في العالم، بوسائل اقتصادية بالغة الدهاء، كانت تتم بعدة طرق، ولكن الطريقة الغالبة على كل الطرق هي القيام بتشخيص بلد من بلدان العالم الثالث، ذلك الذي يمتلك موارد تشتهيها الشركات مثل النفط، ثم ينظم أمر قرض ضخم لذلك البلد من البنك الدولي أو إحدى مؤسساته الشقيقة، وأموال القرض لا تذهب فعلياً إلى البلد المعني، بل تذهب بدلا من ذلك إلى الشركات الأمريكية التي تبني مشروعات بنية تحتية كبيرة، شبكات الطاقة وموانئ وطرق سريعة ومناطق صناعية، أي يجري استثمار القرض في المجالات الريعية غير الإنتاجية التي لا تضيف قرشاً واحداً للقيم المنتجة فيه، وهي أشياء تستفيد منها قلة من الأثرياء، ولكن فوائدها لا تصل إلى الفقراء على الإطلاق، فالفقراء لا صلة لهم بشبكات الطاقة، وهم لا يملكون مهارات تتيح لهم الحصول على أعمال في المناطق الصناعية، ولكنهم والبلد كله معهم، يتركون مع هذا الدين الضخم، الذي يبلغ من الضخامة حدا أن البلد لا يستطيع سداده، وهكذا وعند نقطة معينة، نرجع نحن المخربين الاقتصاديين - كما يقول بيركنز- إلى البلد المعني، ونقول: «اسمعوا، أنتم مدينون لنا بأموال كثيرة، ولا تستطيعون سداد الدين، إذن أصبح عليكم أن تعطونا كيلو من لحمكم»، وإن ما فعلته أمريكا في الصومال يعد مثالاً عملياً لذلك، فالصومال الذي كان في بدايات الثمانينيات من القرن الماضي من أكبر مصدري اللحوم إلى أفريقيا كلها، وكان يمتلك أعدادا ضخمة من المواشي، فقد بسبب القروض التي حصل عليها من البنك الدولي وبشروط مجحفة ثروته الحيوانية، وأصبح يعاني مجاعة حقيقية بعد إغراقه بديون لا قدرة لديه على سدادها، وهذا ما يجري تطبيقه بشكل آخر شبيه وبحرفية عالية في تدخل أمريكا وحلف الناتو في ليبيا، فالكلفة الباهظة لتحريك الأساطيل وحاملات الطائرات والغارات الجوية التي يقوم بها الحلف، والأثمان الباهظة للقنابل والصواريخ المستخدمة، لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب  بسبب التعادل في القوة بين الثوار وقوات القذافي، بحيث لا يستطيع أحد الطرفين الانتصار على الآخر، مما يستدعي تدخلاً عسكرياً برياً لحسم الأمور، حينها تصبح ليبيا رهينة لأمريكا والناتو حتى ينضب البترول الليبي، وتكون الأموال والأرصدة الليبية الموضوعة في الخارج قد وقعت تحت سيطرة النهب المنظم للقوى العظمى.

مقص الأسعار

تعد قضية ما يسمى بـ«مقص الأسعار» إحدى أساليب التدخل والنهب الحاصل لثروات العالم الثالث، الذي يصدرها مجبرا للغرب الرأسمالي على شكل مواد خام وبأسعار زهيدة، ويستوردها مصنعة بأسعار مضاعفة. يقول عنها بيركنز: «إن الكونغو تمتلك شيئا يسمى (كولتان)، وكل هاتف نقال وكمبيوتر محمول يدخل فيه الكولتان، وقد قتل بضعة ملايين من الناس في الكونغو في السنوات الأخيرة بسبب الكولتان، لأن الدول الثماني الكبرى تريد ثمنا منخفضا، أو على الأقل نريد أن نرى كومبيوتراتنا رخيصة الثمن، وهواتفنا النقالة كذلك»، والشركات التي تصنع الكمبيوتر والنقال بالطبع تبيعها على هذا الأساس، ولكن لكي يحدث هذا، تم استعباد الناس عمال المناجم، الذين يستخرجون الكولتان يقتلون، وكل هذه الحروب الواسعة الدائرة فيها إنما تدور لتزودهم بالكولتان الرخيص، إنهم لا يدفعون التكلفة الحقيقية، وهناك ملايين الناس في مختلف أنحاء العالم يعانون بسبب هذا، إن 50 ألف إنسان جلهم من أفريقيا وأمريكا اللاتينية يموتون تقريبا كل يوم بسبب الجوع، أو بسبب أمراض مرتبطة بالجوع وأمراض يمكن علاجها ولكن لا يحصلون على علاج لها، لمجرد أنهم جزء من نظام يطلب منهم أن يعملوا ساعات طويلة، ويحصلوا على أجور متدنية جدا، والكونغو «مثال قوي لا يكاد يصدق على هذا»، والواقع المعاش يبرز أن الكونغو ليست وحدها من يعاني من هذا الأسلوب، بل أفريقيا كلها كالسودان «البترول»، والنيجر«اليورانيوم»، ونيجيريا «النفط »، وموزانبيق وأنغولا «الألماس»، وكذلك دول أمريكا الجنوبية «الحديقة الخلفية» للولايات المتحدة الأمريكية، حيث النفط والغاز والنحاس والموز والأخشاب، وكذلك دول آسيا الوسطى التي تكتنز في أراضيها مجموعة نفيسة من المعادن، التي استنفدت من بقية العالم وهي ضرورية جدا لصناعة الطائرات والصواريخ، إضافة إلى النفط والغاز وغيرها من الثروات الهائلة التي تحتاجها أمريكا والغرب الاستعماري، أما أفغانستان التي غزتها أمريكا في عام 2001 تحت ذريعة ارتباط حكامها بأحداث أيلول 2001 فتجثو على ثروات نفطية ومعدنية تقترب قيمها إلى ما بين 4-5 ترليون دولار تثير لعابها من أجل السطو عليها ونهبها بشكل كامل. 

الفوضى اللاخلاقة

مما لا شك فيه أن أمريكا تستخدم الآن أسلوبا جديدا في تدخلها بالدول الأخرى عبر ما سمته بإحداث الـ «فوضى اللاخلاقة»، وقد تتبع بيركنز ما فعلته أمريكا في 4 دول من أربع قارات من اغتيالات سياسية وانقلابات من تدبير سي آي إيه، ويقول: «إن العملية برمتها بيزنس في بيزنس، وكل ما يتعلق في أمريكا بالسياسة أو العسكرة فهدفه الهيمنة الاقتصادية على العالم ومن ثم تركيعه والسيطرة عليه سياسياً وعسكرياً»، وهذا ما حاولت فعله خلال العدوان الإسرائيلي في تموز2006، حين تحدثت كونداليزا رايس في السفارة الأمريكية في بيروت أمام حشد من رجال السياسة اللبنانيين بقولها: «آن الأوان لولادة الشرق الأوسط الجديد»، لكن انتصار المقاومة اللبنانية البطلة مكنها من إسقاط هذا المشروع البائس (لحد الآن)، وكذلك ما تقوم به في ليبيا حاليا حيث تمكنت من تحويل الحراك الشعبي الليبي ضد معمر القذافي إلى حرب أهلية طاحنة لا نهاية لها، وكذلك في سورية فها هو الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتدخل وبشكل سافر حين يفوّض نفسه مدافعا عن الشعب السوري، وينحصر جوهر موقفه هذا في استخدام ما يجري فيها من أحداث، لتسعير عناصر الفوضى اللاخلاقة، وإعادتها إلى مرحلة ما قبل الدولة الوطنية، مما يعني إنهاء دور سورية الإقليمي وضرب جبهة المقاومة الممانعة وحل الصراع العربي الإسرائيلي لمصلحة المخطط الامبريالي الصهيوني، وتكريس انتصار الليبرالية الاقتصادية سياسيا وبشكل نهائي في سورية وكل بلدان المنطقة، وما تهدد به تريد استثماره لمصلحتها وذلك بالتدخل غير المباشر أولاً، عبر أزلامها وجواسيسها وعملائها ثم بالتدخل العسكري المباشر وهو ما تلوح به.

سياسة الإغراق

لقد تم استخدام هذا الأسلوب وبشكل فعال في إندونيسيا أواخر الستينيات من القرن الماضي، حيث كان يحكمها نظام وطني معاد للاستعمار بقيادة الرئيس أحمد سوكارنو، الذي عمل على الابتعاد عن الهيمنة الأمريكية والغربية عبر إنشاء صناعة وطنية مكتفية، لكن أمريكا حركت عميلها أحمد سوهارتو الذي كان معاديا للشيوعية وقام بانقلاب دموي فتح بموجبه السوق الاندونيسية لبضائع الشركات الأمريكية، بعد أن دخلها المخربون الاقتصاديون، الذين عملوا مباشرة على إغراق السوق بالبضائع الأمريكية وبأسعار منخفضة جدا، مما أدى إلى موت وإفلاس الصناعة الوطنية، فعادت الشركات الأمريكية لرفع أسعارها بحيث استردت ما خسرته سابقاً، وأصبحت مهيمنة على إندونيسيا، التي أغرقتها فيما بعد بالديون التي فاقت ولأول مرة مجموع الناتج المحلي الاندونيسي وبلغت نسبة 300% من مجموع الاحتياطي النقدي للقطع الأجنبي لها، ورغم أرقام النمو المذهلة (9% سنوياً) التي حققها اقتصادها، إلا أن هذه الأرقام كانت تصب في جيوب حفنة غنية من الشعب، وكانت بقية الشعب خارج هذا المصب. لقد أجبر الإندونيسيون على قتل أنفسهم وتقديمها كفدية لإرضاء رغبات وأهواء الشركات الأمريكية العابرة للجنسية، وأضحى 52% منه يعيش على أقل من دولارين يوميا، وأصبح السؤال الدارج هو: «هل آكل أنا أم أدع أولادي يأكلون؟»، ولكن الغريب فعلا فيما يخص إندونيسيا أنها كانت الدولة الوحيدة من دول العالم الثالث التي دخلت في مجال صناعة الطائرات المدنية المحتكرة من قبل 3 دول صناعية فقط هي أمريكا والإتحاد الأوربي وروسيا مع دخول كل من أوكرانيا والهند والصين فيها، وقد حققت إندونيسيا إنجازات ذاتية مهمة في هذا المجال، وكان ينقصها التمويل، فقدمت لصندوق النقد الدولي طلبا بالاقتراض، وكان شرط الصندوق للموافقة أن توقف إندونيسيا برنامجها للطيران المدني، فأوقفته وماتت هذه الصناعة في مهدها، وسياسة الإغراق يجري إتباعها حاليا من قبل المتنفذين الليبراليين في سورية بإغراق السوق السورية بالمنتجات المستوردة من تركيا والصين «موبيليا ومفروشات وألبسة متنوعة»، مما أدى إلى إغلاق عشرات الآلاف من الورش والمعامل بسببها، وأضحت تهدد صناعات أخرى تعتمد على الخشب أو النسيج بالإغلاق أيضاً.

إنشاء «إسرائيل»

وقد كان دور الغرب في إنشاء دولة «إسرائيل» أحد أهم الأساليب التي استخدمت للتدخل في شؤون مجموعة من الدول الغنية بالنفط خصوصاً، ويبدو أن الإسرائيليين منقادون في معظم الأحوال، إلى الاعتقاد أنهم منحوا هذه الأرض تعويضا عن «الهولوكوست»، ولكن لماذا تم تحديد ذلك المكان لهم في وسط العالم العربي، حيث أعداؤهم التقليديون؟ لماذا وضعوا في ذلك المكان في منطقة غير مستقرة مثل هذه؟ لا شك في أن السبب هو أن ذلك يخدم الغرب كقلعة ضخمة في حقول نفط هي الأكبر بين الحقول المعروفة اليوم في العالم. يقول بيركنز: «إذاً، حقيقة الأمور إننا أنشأنا هذه القاعدة العسكرية الكبيرة، أنشأنا معسكرا مسلحا، في وسط حقول نفط الشرق الأوسط، قاعدة تحيط بها مجتمعات عربية، وخلال هذه العملية من الواضح أننا خلقنا كما هائلا من الغضب والامتعاض، ووضعاً من الصعب جداً أن نرى له ناتجاً إيجابياً، ولكن حقيقة المسألة، امتلاكنا لهذه القاعدة العسكرية في إسرائيل هو دفاع كبير عنا، إنها مكان يمكن أن نشن منه هجمات، وأن نعتمد عليه. إنها بالنسبة لنا المكافئ للقلاع الصليبية في الشرق الأوسط، وهذا أمر محزن جداً جداً، وأعتقد أنه محزن إلى درجة بالغة بالنسبة للإسرائيليين، أن يقعوا في شرك كل هذا، وأمر بالغ الحزن بالنسبة للشعب الأمريكي، أمر بالغ الحزن بالنسبة للعالم أن يستمر هذا الوضع»..

إن أي متبصر بكلام بيركنز، يكتشف بسرعة أنه صحيح ودقيق للغاية، فالقضية الفلسطينية دخلت الآن بعد خطاب أوباما أمام جمعية «الآيباك» الأمريكية التي تشكل اللوبي الصهيوني في أمريكا حيث التزم بقوة بأمن إسرائيل وضمان تفوقها على العرب، وأن الدولة الفلسطينية لن تقام على أراضي عام 1967مع تبادل للأراضي وتجاهل أمر القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين تجاهلاً كاملاً.