مطالب عاجلة من العمال إلى الحكومة
لعل الجميع مدرك لحجم الكارثة التي تعيشها الطبقة العاملة إلّا الحكومة الحالية، ولا نحتاج لأدلة كثيرة على ذلك، بل يكفي أن نتابع نشاط الحكومة وقراراتها وإجراءاتها لتبين ذلك، سواء تلك السياسات الاقتصادية الاجتماعية بعيدة الأجل، والتي تأخذ بعداً استراتيجياً لا يتعدى شعارات ووعوداً ومذكرات تفاهم، أو تلك السياسات والإجراءات الحكومية اليومية التي نعيشها يوماً بيوم، والتي في جلّها تغلق الأفق أمام الطبقة العاملة، وتقتل بشكل تدريجي ذلك الأمل الذي عاشته بعد التخلص من سلطة الأسد. وسيخرج من يطلب من العمال والكادحين الصبر وطول البال، فالتركة ثقيلة والمهام عظيمة والبناء أصعب من الهدم، وغيرها من المطالب التي قد تبدو منطقية لو أنها أعطت مؤشرات أولية واضحة تبشّر بالآتي المنتظر، أمّا أن تكون المقدّمات التي يراها ويعيشها العمال هي هذا الواقع اليومي، فيصبح الكلام عن الانتظار والصبر مجرد كلام تسويفي لا يصلح حتى للتخدير.
تخرج بعض التصريحات الحكومية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والتي مفادها بأن الإنجاز الذي تحقق خلال السنة الفائتة على المستوى الاقتصادي والخدمي والمعيشي أقرب ما يكون للإعجاز، وبأنه تحقق بفترة قياسية لا تحلم بها أكبر الدول وأهمها، وبأن الآتي أكثر نجاحاً وأبهر عظمة، ولا ندري على ماذا استندت تلك التصريحات، أهي حقاً من الواقع؟ هل يعجز العمال والفقراء عن رؤية هذا الواقع الوردي، أم أنّ الحكومة هي المفصولة عن هذا الواقع الذي تعيشه الطبقة العاملة بأبشع صوره، واقع مليء بالبؤس والعوز والمهانة والعجز بل ومليء بالجوع والبرد والخوف أيضاً. إنّ الحكومة مطالبة اليوم بأن تعي تماماً هذا الواقع وأن تلاقي مطالب العمال بجدية تامة وسرعة أيضاً، فما زالت المطالبات الموضوعية والمنطقية التي طرحها العمال والنقابيون والقوى المساندة لهم لم تتحقق ولو بجزء صغير منها، بل على العكس من ذلك. وعليه لا بد من إعادة المطالبة بها لعل الحكومة تلتفت لها، وتقوم على تنفيذها. حينها فقط سيكون من واجب العمال التعاطي بإيجابية مع حكومة بدأت بتحمل مسؤوليتها ومارست دورها بحقّ أكبر طبقة اجتماعية في البلاد، وأكثرها مظلومية، وتتلخّص المطالبات العاجلة للطبقة العاملة في ما يلي:
إلغاء جميع قرارات الفصل والإجازات المأجورة الصادرة عن جهات غير قضائية، وتجديد العقود المؤقتة ومن في حكمها ووضع آجال زمنية واضحة وقصيرة، لتثبيتهم وضمان حقهم بالأمان الوظيفي والمعيشي.
تشكيل لجان تقييم مختصة وحيادية يتمثل بها العمال عن طريق اختيارهم من العمال المتضررين أنفسهم لتمثيلهم في تلك اللجان وضمان العدالة.
التراجع عن عقلية ونهج الخصخصة وإطلاق الإنتاج بالمنشآت العامة الإنتاجية المتوقفة.
تنفيذ مطالب الصناعيين بالقطاع الخاص لحماية المنتج المحلي، وتقديم كامل الدعم للصناعة والإنتاج الوطني شرط حماية حقوق العمال الكاملة.
رفع الأجور في كلا القطاعين العام والخاص على أن يكون الحد الأدنى للأجور مساوياً للاحتياجات الأساسية للعائلة السورية وفق مؤشرات ودراسات الجهات المتخصصة.
الدعم المباشر لكل الخدمات الحكومية والحفاظ على مجانية التعليم والطبابة والرعاية الصحية والعمليات الجراحية ورعاية الأطفال والمسنين والعاجزين وتأمين الأدوية المجانية والمدعومة.
تأمين مواصلات مجانية لعمال القطاع العام وأخرى مدعومة حكومياً لعمال القطاع الخاص تتناسب مع الدخول.
تعتبر المطالب الموجزة السابقة ملحّة ومستعجلة وغير قابلة
للتسويف والتأجيل تحت ذرائع ومبررات أياً كانت وهي ليست تعجيزية بل موضوعية ومنطقية ولا تحتاج لدراسات استراتيجية معمقة، كونها نابعة من احتياج يومي يبقي الطبقة العاملة على قيد الحياة من جهة، وهي تدل على جدية الحكومة بمعالجات إسعافية سريعة لطبقة تقبع تحت خط الفقر المدقع وتعاني ما تعانيه من انعدام الأمن الغذائي والصحي والخدمي، من جهة أخرى. ومن جانب آخر، إذا قامت الحكومة بتلك الإجراءات فإنها ستكون قد أعطت المؤشرات الأولية التي تجعل من البناء الاقتصادي اللاحق واضح المسار والهدف، فإن التغني بالثروة البشرية التي تمتلكها سورية لا يكفي إنْ لم يَجرِ الحفاظ عليها ودعمها وجعلها بوصلة التوجه الاقتصادي اللاحق.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1256