قرار مركزي بمعالجات جزئية لا تشمل المطالب العمالية
صدر يوم الأربعاء 27/8/2025 قرار عن الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية – شؤون مجلس الوزراء تحت الرقم 2533/ص، والذي تضمن توجيهاً إلى كلّ الجهات العامة بقرارات وتعليمات عامة، طالب فيها الجهات بالاطلاع والتقيد بمضمونه. وكان لافتاً النقاش الذي دار حول مضمونه وبنوده، واختلفت التفسيرات والرؤى حوله. فمنهم من عنون نشره للقرار بالمباركة، كون الفقرة الأخيرة (ي) تتحدث عن توجيه الجهات العامة بالإيعاز لمديري التنمية الإدارية لديهم لإبلاغ العاملين لديهم بإنهاء الإجازة المأجورة الممنوحة والعودة إلى العمل أصولاً من تاريخ 1/9/2025. في حين تعالت الأصوات المعترضة على الفقرة (ج) التي تطلب عدم تجديد العقود المؤقتة في حال انتهائها أيّاً كان نوعها إلّا في ضوء الحاجة الماسَّة وبموافقة الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية حصراً. وبين معترض ومرحِّب وتائه في فهم كل البنود، ظهرت بعض ردود المدراء والموظَّفين الكبار وبعض النقابيين المختصّين التي طلبت من الجميع التروّي حتى صدور الإجراءات التنفيذية للقرار.
من خلال قراءة أولية للقرار الصادر، والذي توزَّع على عشرة بنود، تبيَّن لنا أنّ أهم إيجابيات القرار - بغض النظر عن محتواه - أنه خرج من هذه الجهة بالذات وبشكل خطي ورسمي ومركزي، وهذا ما افتقدته كلُّ القرارات السابقة، حيث إنّها خرجت عن وزارات ومديريات وهيئات وبشكل فوضوي وغير منظَّم، «كلٌّ يغنِّي على ليلاه»، وغلبت عليها الارتجالية وردود الأفعال وقلة الدراية والخبرة. وهذا ما تبين من خلال التراجع عن عشرات القرارات تلك. أضف إليه عدم التنسيق بين الجهات المرتبطة إدارياً، مما جعل بعض المشافي تفرغ من فنيِّي الأقسام والأطباء، وبعض المصارف تفرغ من مخزِّني الصرافات الآلية، وغيرها من الأمثلة التي لا تحصى. والأدهى من ذلك أن عشرات القرارات لم تكن رسمية بل شفهية، رغم المطالبات الكثيرة من قبل المتضررين بكتب رسمية، أصر المسؤولون على عدم إصدارها. ويمكن إضافة الفقرة (ي) إلى تلك الإيجابيات كونها أكدت على شمولية القرار بعيداً عن الانتقاء والفرز.
معالجات جزئية
أما النواحي السلبية، والتي يؤجل الحديث عن بعضها حتى صدور الإجراءات التنفيذية، فإن أكثر ما يستغرب بالقرار هو عدم الاستجابة للمطالب العمالية التي خرجت منذ بداية صدور القرارات المجحفة والتعسفية وغير المدروسة، ألا وهو إلغاء كل القرارات السابقة دون غربلة أو انتقائية، بل إلغاؤها دفعة واحدة لقرار واحد مركزي، وتشكيل لجان مختصة لدراسة الواقع الإداري والوظيفي للقطاع العام وبمشاركة التنظيم النقابي. ونحن لا نتحدث هنا عن الإجازات القسرية المأجورة بل عن كل قرارات الفصل وإنهاء العقود وتغيير الملاكات دون مرتكزات قانونية ونقابية. وكان من المفترض تصحيح مسار القرارات والعودة عنها دفعة واحدة، بدل زيادة التشتيت واستكمال الفوضى الحاصلة بالجهات الحكومية والملاكات والتبعية الإدارية وغيرها، خاصة مع عملية دمج المؤسسات والوزارات والتي زادت الطين بلَّة. فالعاملون اليوم في جهات الدولة وحتى المراجعين يلمسون تلك الفوضى بشكل مباشر وبأغلب المؤسسات.
بانتظار الإجراءات التنفيذية
لم يأخذ القرار بعين الاعتبار عمال القطاعات الإنتاجية المتوقفة، سواء قبل سقوط السلطة السابقة أو بعدها، حيث إن إنهاء الإجازة وتفعيل آلية الدوام والبصمة وتفعيل المادة 25 الخاصة بتسريح العمال الذين لا يُرفَّعون مرتين أو ثلاثاً، لا يمكن تطبيقها في الوقت الحالي. إضافة لفقرة تدوير العاملين ضمن الجهة العامة الواحدة أو بين الجهات العامة في المحافظة ذاتها، دون توضيح معايير وآليات وضرورات هذا التدوير. كل ما سبق من «فلاشات» مبدئية على القرار يؤكد أكثر على صوابية مركزيته وقصور مضمونه في حلِّ المشكلة القائمة. فالقرار انطلق من مبررات وأهداف إصداره بما يلي: «تحسين كفاءة الجهاز الإداري وتعزيز الأداء المؤسساتي، وترشيد استخدام الموارد البشرية المتاحة، بما يعالج ظاهرة الترهل الإداري وضعف الإنتاجية لدى الجهات العامة عموماً، وعلى مستوى كل جهة على حده».
فهل فعلاً سينجح القرار ببنوده بتحقيق أهداف صدوره، أم أنه سيزيد الطين بلّة؟ وبانتظار الإجراءات التنفيذية له، يبقى للرأي صلة...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1241