بصراحة .. شروط المؤسسات المالية الغربية لمنح القروض

بصراحة .. شروط المؤسسات المالية الغربية لمنح القروض

حددت المؤسسات المالية الإمبريالية شروطها الأساسية للتعامل مع الدول والحكومات التي تسعى لإدارة اقتصادها وفق معاييرها، وتتمثل هذه الشروط في:

  1. الخصخصة الشاملة.
  2. تقليص الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية.
  3. إصدار تشريعات مرنة لسوق العمل، مع إلغاء الحد الأدنى للأجور أو تحديده بمستويات غير متناسبة مع تكاليف المعيشة، وعدم ربطه بالتضخم.

يتركز تحليلنا على البند الثالث المتعلق بتشريعات سوق العمل «المرنة»، والتي أظهرت نتائجها الكارثية على القوى العاملة والاقتصاد الوطني خلال العقدين الماضيين. المقصود بهذه التشريعات تلك القوانين التي تتيح للرأسمال التحكم الكامل بقوة العمل، وإبقاءها تحت رحمة الاستغلال والبطالة، حيث يتم تحديد قيمتها كأي سلعة أخرى وفقاً لآليات العرض والطلب.

يأتي هذا التحليل في سياق الجهود الدولية والعربية الحثيثة، وخاصة تلك التي يقودها مهندس الليبرالية في سوريا عبد الله الدردري، لربط الاقتصاد السوري بالمؤسسات المالية الدولية، وإغراق البلاد في دوامة الديون التي ستزيد الأزمات تعقيداً، وتخضع الاقتصاد الوطني لشروط هذه المؤسسات وتوجهاتها السياسية.

في هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى التشريعات المرنة الصادرة في عهد النظام السابق والتي ما زالت سارية وإن لم تُطبق بالكامل، مثل قانون العاملين الموحد، وخاصة المادة (137) التي استُخدمت كأداة لتصفية العمالة تحت ذريعة مكافحة الفساد، بينما ظل الفساد الحقيقي بمنأى عن أي محاسبة. كما أن قانون العمل رقم (17) يتضمن موادَّ كافية تمنح أرباب العمل سيطرة مطلقة على العمال، سواء في تحديد مستويات الأجور، تحت شعار «العقد شريعة المتعاقدين»، أو في التهرب من التزاماتهم تجاه حقوق العمال الأساسية، وفي مقدمتها التسجيل في الضمان الاجتماعي على أساس الأجور الحقيقية.

هذا بالإضافة إلى مجموعة المراسيم المتعلقة بالتشغيل المؤقت والموسمي والعقود المرتبطة بالمشاريع، والتي تم استخدامها كأداة لتصفية العمالة وتركهم بلا حقوق أو تعويضات. هذه التشريعات التي أنتجها الفكر الحكومي السابق تهدف إلى تحويل العمل إلى علاقة مؤقتة غير مستقرة، تلبي حاجات المشاريع في القطاعين الزراعي والصناعي دون أي التزامات تجاه العمال.

النتيجة كانت دفع القوى العاملة إما إلى ترك العمل والبحث عن مصادر رزق أخرى داخل البلاد، أو الهجرة خارجها، رغم الحاجة الفعلية لها في العملية الإنتاجية. هذه السياسة تستمر اليوم رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، والتي تتطلب حلولاً حقيقية على المستويين السياسي والاقتصادي-الاجتماعي، تهدف إلى حماية الطبقات الفقيرة التي تتحمل العبء الأكبر من هذه الأزمة.

الحل الحقيقي يبدأ بالحفاظ على كرامة العامل، من خلال تأمين العمل الدائم الذي يكفله الدستور، وبأجور عادلة تضمن له حياة كريمة، بدلاً من إلقائه في أحضان سوق عمل متوحش تحكمه قوانين «مرنة» تكرس عدم الاستقرار وتبرر التخلي عن أي دور حكومي في تنظيم سوق العمل وحماية حقوق العمال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1223