بصراحة .. الطبقة العاملة  تصنع تجربتها الآن

بصراحة .. الطبقة العاملة تصنع تجربتها الآن

يَعرِفُ مَن يصنعون ويطبّقون السياسات المضرّة بمصالح وحقوق شعبنا، وكذلك العمال في بلدنا، أنَّ العدوَّ الحقيقي لسياساتهم، والقوة الأكثر قدرة على الوقوف في وجههم وفضح برامجهم، ولجم سياساتهم إنْ أتيحت لها الفرصة، وتوفَّر لها المناخُ المناسب - هي الطبقة العاملة. لذلك يبذل هؤلاء كل ما بوسعهم في سبيل عدم امتلاكها لناصية القرار المطلوب، وإبقائها في حالة عجز غير قادرة على القيام بأيّ فعل حاسم للدفاع عن نفسها وحقوقها.

وفي هذا الإطار يبذل صانعو سياسة الجوع والحرمان، عبر تسريح ألوف العمال والموظفين، جهوداً كبيرة في سبيل تشديد القيود على الحركة النقابية، ومحاولة أن تكون وسيطاً بين الحكومة والعمّال، في محاولةٍ لتهميش دورها وتقليص فاعليَّتها، فارضين عليها معادلاتٍ وحساباتٍ تتناقض مع مصالحِها وحقوقها الأساسية، ومنها حقها في الدفاع الحقيقي عن العمال وحقوقهم.
لذلك فالرهان اليوم وهو رهان كبير؛ أنْ تكسر الحركة العمالية هذه القيود، وأن تجد لنفسها مخرجاً من المعادلات السابقة التي أنهكتها وأضعفت دورها، وأن تتمتع بنفَسٍ نضالي جريء لتقول كلمتَها المعبِّرة عن مصالحها، ومصالح الفقراء. وهذا ما تحاول فعله الآن عبر الاعتصامات والاحتجاجات، الأمر الذي سيؤدّي إلى تطوير تجربتها واكتساب خبرة المواجهة على الأرض.
لقد أثبتت الأحداث في كل مناطق العالم ودوله، أنّ جشع قوى السوق لا حدَّ له، وأنَّ مُنطلَقها وهدفها الأساسي هو زيادة ومراكمة أرباحها، دون أية مراعاة لحقوق العمال الاقتصادية والسياسية، وخاصة معيشتهم ومكاسبهم التي انتزعوها في سياق نضالهم الأوّلي، قبل أنْ يتم الاستيلاء على قرارهم المستقل. كما أثبتت الاحتجاجات والمظاهرات المتزايدة في كلّ مكانٍ أنّ هذه القوى المعولَمة ستتمادى وتتمادى إلى الحدّ الأقصى إنْ لم ينهضْ الشعب، وعلى رأسه الطبقة العاملة والقوى الوطنية والثورية، ويَقُلْ لها: كفى!
لقد وصلت أحوال الشعب السوري عموماً، والطبقة العاملة خصوصاً، إلى مستوىً عالٍ من التردّي والسوء، وهو ما يُحدِثُ تراكماً كبيراً في الصدور والنفوس قد ينفجر في أيّة لحظة، ويأخذ مساراً غير مرغوب فيه إنْ لم يجد مَن يوجِّهه وينظِّم خطواته ويصوِّب بوصلته نحو العدوّ الحقيقي الطبقي والوطني... والحقيقة أنّ هذا الدور الوطني الاستراتيجي لن يقوم به بالشكل الصحيح إلّا أناسٌ شرفاء متضامنون، ومخلصون للوطن وللطبقة العاملة. وهذا، كما هو برسم القوى والتيارات الوطنية، هو أيضاً برسم الحركة النقابية، التي من المفترض أنْ تُغيِّرَ من شكل عملها ومضمونه، وتكون بوصلتها الأساسية مصالح الطبقة العاملة وحقوقها، وفي هذه الحالة تكون إحدى الضمانات الحقيقية لوحدة الوطن، ووحدة إرادة شعبه المتطلِّع إلى تحقيق أهدافه الوطنية الكبرى، والحفاظ على كرامته وإنسانيّته من أجل سورية الجديدة التي يَنشدها شعبُنا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1214