«حكومة تصريف أعمال مو تسريح عمال»
فرح عمار فرح عمار

«حكومة تصريف أعمال مو تسريح عمال»

«لا تطوي جناحك على الجوع» واحدٌ من أبرز الشعارات الثورية التي ظهرت مؤخَّراً، أو ظهر ما يشبهه، في معظم ساحات الاحتجاج العمّالي ضدّ القرارات التعسفية التي صدرت مؤخَّراً عن الحكومة المؤقتة. وجوهر الشعار ثوريٌّ بامتياز لأنّه يحرّض على رفض الجوع وما يترتّب عليه من تداعيات عامّة أخرى في جميع جوانب الحياة الاجتماعية، ويقول بأنّ لقمة العيش تستحقّ الاحتجاج والصراخ والثورة أيضاً.

عمّال سورية واحد

كانت الشّعارات واللافتات المرفوعة أو التي صدحت بها حناجر العمّال وسيلةً مباشرة للتعبير عن الواقع العمّالي السوري الذي بات يتدهور ويسوء يوًما بعد يوم. هذه الشعارات تحديداً تدلّ على درجة فهم العمّال لمصالحهم وأهمية وحدتهم ودورهم الواعي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى دورهم الوطني العام الذي تجلّى بشعار «واحد واحد واحد عمّال سورية واحد»، والذي ارتفع في أغلب الاحتجاجات، والمشتقّ مِن شعار الشَّعب السوري واحد، في دلالة واضحة على استحالة تقسيم الطّبقة العاملة التي تمثّل الأغلبية الطّبقية، وبالتالي ضمانة عدم تقسيم الشعب السوري تحت أيّ بندٍ قوميّ أو ديني أو مذهبي.

(لا) لخصخصة القطاع العام، (نعم) لتثبيت العقود

«لا لخصخصة القطاع العام» شعارٌ من نوعٍ خاصّ يفهمُه العمّال قبلَ غيرهم، كيف لا؟ وهم بُناتُه وأصحابُه ومُلّاكِه والواعون لدوره الأساسي في أيّ اقتصادٍ وطنيّ حاضرٍ أو مستقبلي. من هنا يأتي شعارا «لا لتسريح العمّال» و«نعم لتثبيت العقود التي حَرَمَنا منها النّظام البائد»، لتعزيز الشعار الأول. فالقطّاع العام مكتمل العناصر لا يصلح معه أيّ تفكيك أو اجتزاء، فملكيته عامة، ودوره وطني واقتصادي واجتماعي، وحوامله عمّالٌ يفهمونَه ويعلَمون وسائلَ استنهاضه وتشغيله وتقويته. وإنْ كانت السلطة الساقطة أدارت البلاد وكأنّها مَزرعةٌ خاصّة بها، فلا يَأتِيَنَّ مَنْ يبيعُ المزرعة بما فيها، بل عليه إعادتُها لأصحَابها لَعَلَّنا نبني وطناً ديدَنُه العدل.

حكومةُ تصريف أعمال لا تسريح عمّال

فَرِحَ العمّالُ بسقوط السلطة الجائرة واستبشروا خيراً بالمستقبل، بعد سنين عجاف من اليأس الذي يأكلُ الأرواح قبل الأجساد، لكن ما إنْ خرجتْ تلك القراراتُ العجيبة، حتى أدرك العمال أنّ الأفقَ الذي انفتحَ أمامَهم ما هو إلّا مسارٌ آخر من مسارات النضال الواجب خوضها «حتى يتمَّ اللهُ أمرَه». فوجَّهوا عبر شعارِهم «حكومة تصريف أعمال لا تسريح عمّال» رسالتَهم السياسيّة والقانونيّة الواعية للمسؤولين عن القرارات التعسّفية ليراجِعوا أنفسَهم ويعوا دورَهم كحكومةٍ مؤقَّتة عملهُا مقتِصِرٌ على تصريف الأعمال. ليعزِّزوا مِن خلال شعارات أخرى مدى خطورة هذه القرارات كشعار «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» وشعار «النظام البائد طَعمانا الفتات وانتو حرمتونا منها».

بالحب – الواعي – بدنا نعمرها

هل سمع أحدكُم تصريحَ أحد العمّال الذي قال «إذا كانت زيادة الراتب على حساب رفيقي بالشغل ما بدي هيك زيادة»؟ هناك مؤشِّرٌ واضحٌ وعميق يجب على الجميع أنْ يلتفت إليه بأنّ الاحتجاجات لم تكنْ من أجل مطالب شخصية هنا أو هناك، بل كانت دعوةً وطنيّة شاملة إلى الاتحاد الواعي ضدَّ أيِّ قرارٍ يهدِّدُ الاقتصاد الوطني وركائزَه الأساسية، حيث إنّ المشكلةَ لم تكنْ فقط إنهاءَ عملٍ أو تسريح عقود أو عدم تثبيت، بل هناك مشترَك أساسي جوهري بين كلّ العمّال يوحّدهم ويدعمهم في قرارهم الوطني المشترك الموحَّد الذي يلبّي في نهاية المطاف مطالبَهم. إنّ القاسم المشترك الأكبر بين جميع المحتجّين ليس الوضع المعيشي فحسْب، الذي يتدهور بشكلٍ لحظي، بل ودورهم الوطني في بناء الدولة ووحدة سورية؛ فوحدة الطبقة العاملة الضامنُ الأبرز لوحدة سورية كلّها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1210