بصراحة .. الخصخصة ليست حلّاً
إنّ الأجور هي أكثر القضايا التي يجري التداول بشأنها في مواقع العمل، وفي الشارع، وفي الجلسات الخاصة والعامة، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وبين جميع العاملين بأجر. فالأجور بالنسبة لهؤلاء قضية حياتية مرتبطة إلى أبعد حد بمعيشة العمّال وعائلاتهم، لتأمين حاجاتهم الضرورية، التي تمكنهم من تجديد قوة عملهم المنهكة إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، خاصةً بعد الإعلان المتكرّر من قبل حكومة تصريف الأعمال عن عزمِها زيادةَ الأجور للموظَّفين والعمّال القائمين بأعمالهم فعلاً، كما ستصنفهم ضمن المخصَّصين بزيادة 400% من الأجر، وهذه الخطوة المنوي العمل عليها ستقتَرِنُ بإخراج ما يقارب 300 ألف عامل وموظَّف، كما جرى التصريح بذلك، للانضمام إلى جيش العاطلين عن العمل، الذي هو أصلاً مليءٌ بالعاطلين، وتشهد على ذلك الشوارع المكتظّة بالبسطات وغيرها من أعمال البيع الأخرى.
وتتوالى القرارات بشأن الوضع الاقتصادي، والتي على رأسِها التصريحُ بخصخصة القطاع العام الإنتاجي والخدمي، ومنها الكهرباء والماء والشركات وغيرها من المواقع التي هي ملك للشعب السوري. بينما يجب أن يكون قرار النموذج الاقتصادي المعبِّر عن مصلحة أغلبية الشعب السوري قراراً للشعب السوري نفسه عبر حكومةٍ يتوافق عليها السوريّون، وعبر برلمان يصلُ أعضاؤه إلى هذا الموقع عبر انتخابات شعبية ديمقراطية، يقرّر فيها الشعب من يمثّله حقيقةً.
إنّ هذا التوجّه لو تمّ سيحمل في طياته مخاطر سياسية واقتصادية واجتماعية، وقد يعيدنا إلى مربّعات لا يرغب بها الشعب السوري، حيث عانى ما عانى من ويلات وحرمان وجوع وغيره من القضايا، التي لا ينساها السوريون خلال فترة الأزمة، وما زالت عالقةً في الأذهان وفي السلوك.
إنّ خصخصة القطاع العام يعني تسريحَ أعدادٍ إضافية من العمّال، ويعني مزيداً من الجوع والحرمان لآلاف من العائلات، كون المستثمِر الجديد إذا أقدَمَ سيُقدِمُ بشروطِه التي ستكون على حساب العمّال وعلى حساب الاقتصاد الوطني الذي بني بعرق ودماء العمال السوريين، وليس غيرهم، وليس من المعقول التفريط بكلّ تلك التّضحيات التي قُدِّمَتْ على مدار عقودٍ من الزمن.
الطبقة العاملة السورية عبر تجربتها وتاريخها النضالي الطويل ستكون واعية لمصالحها. ومصالحُها الحقيقية أنْ تحافظ على معاملِها وشركاتها رغمَ الخراب الذي أصابها بسبب سياسات السلطة السابقة، وهي مؤسساتٌ تحتاج إلى جهودٍ ومواردَ كبيرة لإصلاحِها، وليس من ضمن عملية الإصلاح خصخصتُها بل الإصلاح الحقيقي بتأمين الموارد اللازمة، من جيوب الذين نهبوا القطاع العام، وأوصلوه إلى ما وصل إليه. الإصلاح الحقيقي لتطويره إنتاجياً وتقنياً بما ينعكس تحسُّناً فعليّاً في معيشة العمّال والإنتاج.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1209