اعتصام نقابات السويداء... كيف التحمَ التنظيم النقابي مع العمّال؟
سيشهد الاعتصام العمالي والشعبي المقرَّر يوم الأحد 12/1 ظاهرةً لطالما غابت عن المشهد المجتمعي والنقابي، كون النقابات وقياداتها سيكونان يداً بيد مع العمال المعتصمين في الشارع. حيث جرت العادة لعقود طويلة أن يكون العمال ومصالحهم في وادٍ والنقابات وقياداتها في وادٍ آخر، وفي أحسن الأحوال تبنّي النقابات النأيَ بالنفس والخوفَ على رضا السلطة الممسكة بـ«خوانيق» الجميع. فما الذي حصل وكيف ردمت الهوة الكبيرة بين العمال وتنظيمهم النقابي؟ وما نتائجُ ذلك على المدى المنظور والبعيد؟ لكي نجيب عن هذه الأسئلة تواصلت «قاسيون» مع عدّة مصادر عمّالية ونقابية من داخل التحرّك العمالي واستخلصت القصّة من ألفها إلى يائها.
ما قبل سقوط سلطة النظام
وفق روزنامة الانتخابات التي أقرّها الاتحاد العام لنقابات العمال للدورة الجديدة، دخلت محافظة السويداء هذه الانتخابات واستطاع العمال هذه المرة كسرَ هيمنة السلطة على الانتخابات بشكل جدّي ونسبي، حيث وصلت إلى المجلس العام قياداتٌ منتخَبة جديدة تجاوزت نسبتهم 60% من تكوين المجلس، ممّا أعطى العمّال زخماً ووزناً مكَّنهم من التدخُّل في الأحداث التالية، وكان من المفترض أنْ يتمَّ مؤتمر المحافظة لانتخاب مكتبٍ تنفيذيٍّ جديد في تاريخ 8-12-2024، ولكنَّ تَسارُعَ مجريات الأحداث منعتْ قيامَ المؤتمر، وتمَّ يومَها سقوطُ سلطة النظام المستبد السابق وتنفّست السويداء وسائر البلاد الصعداء.
حوارات نقابية ودخول حكومة تصريف الأعمال على المشهد
بعدها بأيّام، وبمبادرة من أغلبية النقابيين المنتخبين، تم فتح قناة حوار مع المكتب التنفيذي لاتحاد المحافظة ممثَّلاً برئيسها هاني أيوب، من أجل متابعة العمل النقابي ومنع أي فراغ في عمله، ومفتاح هذا الهدف عقدُ المؤتمر واستكمال الانتخابات التي ستؤدّي إلى تشكيل قيادة نقابية جديدة، تُحافِظُ على المنظَّمة وأعمالها وتقطع الطريق على أيّ محاولة لتجميدها أو تعطيل مسؤولياتها نحو العمّال. ولكنَّ دخلَ ممثِّلُ الشؤون الإدارية بحكومة تصريف الأعمال على الخطّ مبعِداً المكتبَ التنفيذيّ عن العمل، واستلمَ الاتّحاد بموجوداته وأعمالِه في 29/12. ورغم أنَّ السيد هاني أوضحَ له فحوى اتّفاقِه مع الحراك النقابيّ على مسألة الانتخابات، لم يتجاوبْ مبرِّراً ذلك بضيق وقته وأغلقَ أبوابَ الاتحاد، وغادرَ المحافظة مع وعدِه بلقاءِ نقابيِّي الحراك بعد يومين في 31/12. وبناءً عليه قرَّرَ النقابيّونَ فتحَ اعتصامٍ أمامَ مبنى الاتحاد في صباح التاريخ نفسه، تحت عنوان «اتحاد العمّال مُلك العمّال»، ورغم ذلك لم يبادر مسؤولُ الحكومة بأيِّ تواصلٍ لمعرفة مطالِب الحراك النقابي، بذريعة بدء عطلة رأس السنة التي استمرّت لأربعة أيام.
المجلس يمسك زمامَ المبادرة ويخطو للأمام
في 8/1 اتّفقَ أعضاءُ المجلس على عقد جلسةٍ استثنائيّة، وفعلاً تمَّ الاجتماعُ بحضور 26 عضواً، وجرى التصويت على شرعيّة المؤتمر وإطلاق انتخابات المكتب التنفيذي ورئاسة الاتحاد بنزاهة وبعيداً عن القوائم المغلَقة، وبحرية كاملة ترشيحاً وانتخاباً، وفُرِزَت الأصوات، وأقرّتْ النتائج، وتشكَّلَ المكتبُ التنفيذي بالكامل، واتفقوا على وضع برنامج عملٍ للمرحلة المقبلة، والتحرّك السريع لأجل فكِّ أرصدة الاتحاد لدفع مستحقّات العمّال المتوقّفة، وتمّتْ زيارةُ الشيخ حكمت الهجري ووضعِه بصورةِ المجريات، وأكَّدَ دعمَه للحركة النقابية وحقوق العاملين، ثمَّ توجَّهَت الحركةُ ومجموعةٌ كبيرة من العمال للقاء محافظ السويداء لطرح قضية العمّال الذين فُصِلوا من معمل الأحذية، والبالغ عددهم 67 عاملاً، وبأنّهم سيقومون باعتصامٍ كبير بتاريخ 12/1 لأجل ذلك، ووعد المحافظ بالتواصل مع الحكومة لحلّ المشكلة، ولكنّه أكّدَ «عدم شرعية» الانتخابات التي أجريت.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1209