بصراحة .. الصناعة الوطنية والعمّال في خطر

بصراحة .. الصناعة الوطنية والعمّال في خطر

يتوالى تباعاً ارتفاع لهيب الأسعار بسبب الإجراءات التي اتخذتها حكومة تصريف الأعمال بأنْ ألغت ما تبقى من فتات الدعم بجرّة قلم، دون النظر إلى الواقع المعيشي الذي يعيشه الفقراء عموماً، ومنهم العمال. ويبدو أنّ هذا اللّهيب مستمرٌّ ولا رادَّ له طالما تلك الإجراءات مستمرّة، وكذلك بقاء الناس على حالهم؛ بين الدعاء بالفرج وبين شتم مَن كان السبب في أزمتهم، فالأزمات مستمرّة وممتدّة ابتداءً من رغيف الخبز وليس انتهاءً بقطرة الماء التي يحاولون الحصول عليها بشقّ الأنفس.

الحكومة الجديدة التقت الفعاليات الصناعية في حلب ودمشق، ووعدتهم كسابقاتها من الحكومات أنْ تعمل على مساعدتهم في حماية الإنتاج الوطني وأن تقدِّم لهم المساعدة في تأمين الطّاقة بمختلف أنواعها اللّازمة في تشغيل المَعامل، ولكن في الوقت نفسه فتحت الحدود على مصراعيها أمام البضائع الأجنبية، التي امتلأت بها الشوارع وبأسعار أقلّ من مثيلاتها المنتَجة محلّياً، وكأنّ التاريخ يعيد نفسه، حيث عمل الحُكم السّابق على ضرْب الإنتاج المحلّي، بفتحه الطّريق أمام البضائع الأجنبيّة حيث حصل ما حصل.
هذا يعني أنّه إذا استمرّ الحال على ما هو عليه، لن يبقى من المعامل التي تعمل وتنتج غير كلّ طويل عمر، وبصعوبة وبتكاليف عالية وتسويق منخفض. وهذا الواقع الصعب الذي يضرب الصناعة السورية سيتطوّر نحو الأصعب طالما أنّ المسبِّبات لا تزال موجودة، وليس بالأفق ما يشير إلى إزالتها أو التخفيف منها، بالرغم من كلّ الوعود التي قدّمتها حكومةُ تصريف الأعمال للصناعيّين باجتماعاتها معهم، والتي تبقى وعوداً لا غير، وتبقى الصناعة تسير نحو الهاوية بتسارع.
إنّ هذا له منعكسُه السياسي والاجتماعي الخطير، وكذلك على الاقتصاد الوطني برمّته وعلى الطبقة العاملة التي مصير جزءٍ مهمٍّ منها في هذه الحالة هو الشارع والانضمام إلى جيش العاطلين عن العمل، حيث يكون الخيار أمامَهم افتراشُ البسطات بالشوارع كما هو جارٍ الآن لآلاف مِن الشباب الذين دفعتْهم ظروفُهم إلى البحث عن عمل، أيِّ عمل، مهما كان، ممّا يعني مزيداً من الخسائر الوطنية للشباب القادرين على العمل والإنتاج، وهذه الخسائر لا تقدَّر بثمن، ويضحَّى بها مجّاناً.
إنّ الطبقة العاملة السوريّة بالرغم ممّا خسرتْه من قوى ومن حقوق على مدار العقود السابقة والسنوات الحالية من عمر الأزمة، ستمرُّ بطريقٍ صعب وطويل من أجل ترتيب أوضاعِها، التي جرى عليها تبديلٌ كبير من حيث عدَدِها وكوادِرها الطليعيّة وتصنيفِها المهنيّ، ولكن هذا الطريق هو ممرٌّ إجباريّ للدفاع عن حقوقها، ولنفضِ الكثيرِ مِن الأوهام العالِقة في الأذهان حول تحسين أوضاعِها المعيشيّة، وفي مقدّمتها الأجور. فعليها أن تنظم نفسها وتصبح قوة لها وزنها السياسي والاقتصادي لتساهم وتشارك في عملية التغيير المطلوبة والتي ينشدها الشعب السوري.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1208