بصراحة ... العمال مستبعدون عمّا يجب تعديله في قانون العمل 17

بصراحة ... العمال مستبعدون عمّا يجب تعديله في قانون العمل 17

إنّ أيّ قانون أو تشريع يكون معبّراً عن موازين القوى، وعن قدرة كلّ قوة على التعبير عن مصالحها التي يتضمّنها القانون المراد إصداره، والعمل وفقه، حيث تُخضِعُ الطبقة المهيمنة اقتصادياً وسياسياً الطبقات الأخرى لقانونها بفعل عوامل متعددة؛ منها حرمان الطبقات المنهوبة مِن إمكانية الدفاع عن مصالحِها المفترضِ تمثيلُها بالقوانين، حتى وإنْ تناقض ذلك أو تعارض مع مصالح هذه الطبقات الأساسية، وانعكس ضرراً على حقوقها. فهذا الضّرر الذي يحدثه القانون بمصالح الطبقات يحرمها من إمكانية الدفاع عن نفسها.

كل فترة زمنية يجري طرح إعادة النظر بقانون العمل رقم 17، ولكن هذا يجري بعيداً عن أيّ مشاركةٍ للعمّال في قولِ موقفهم هذا، ولو أرادَ المعنيّون مشاركةَ العمّال موقفَهم، لأمكنَ تحقيق ذلك بطرق مختلفة. والطارحون لأمرِ التعديل مختلفون فيما يجب تغييره أو تعديله من مواد، ولكن الخلاف أو التباين ليس كبيراً بينهم ولا يمسّ جوهر الأمر، ولكن كلا الطرفين وهما النقابات وأرباب العمل، ليسا ببعيدَين عن بعضٍ ممّا يجب تعديله من مواد، فالمسافة قصيرة بينهما، بينما جوهر الأمر فيما يجب تعديله وهو ضمانُ حقّ الطبقة العاملة في الدفاع عن حقوقها ومصالحها بما فيها حقّها في الدفاع عن قانون عملٍ يتضمّن مصالحها وليس مصالح خصمِها الطبقيّ فقط، وهذا يترجمه قانونياً النصُّ على حقّ الإضراب للعمّال الذي لا يؤتى على ذكرِه في قانوني العمل.
الطبقة العاملة السورية، التي قاومت القوانين الجائرة التي كان معمولاً بها سابقاً تواجه قوانين عمل جديدة تزيد في استغلالها وشقائها، حيث إنّ العمّال قد خرجوا «من تحت الدلف إلى تحت المزراب»، بإعادة إنتاج القوانين المعبّرة عن مصلحة البرجوازية المستندة إلى خبرة الرأسمالية في صياغة القوانين الناظمة للعلاقة بين أرباب العمل والعمال، والتي في جوهرها ترسيخٌ لنهب قوة العمل، وتحقيق أقصى ربحٍ يمكن تحقيقه بغضّ النظر عن النتائج المحتملة، الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، التي تنشأ من عمليات النهب والاستغلال الذي يتم تكريسه في قوانين العمل.
التجربة السابقة للحركة النقابية لعبت دوراً مهمّاً في تنظيم العمال في حركة نقابية واحدة موحَّدة، جعلت منها قوةً أساسية لا يمكن القفز عنها، وتجاوز مصالحها، وهذا ما لم يتم لحظه في قوانين العمل اللاحقة التي صدرت في عهد الوحدة وما بعدها، ليكتشف العمّال مع مرور الوقت أنّهم يخسرون حقوقَهم ومكتسباتهم تباعاً، خاصةً مع تبني اقتصاد السوق الاجتماعي، وتطبيق السياسات الليبرالية، وتعليمات المؤسسات المالية الرأسمالية. ولم تستطع الحركة النقابية إلى حدٍّ بعيد مواجهةَ هذه السياسات ونتائجها الكارثية على الطبقة العاملة والاقتصاد الوطني برمته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1185
آخر تعديل على الإثنين, 05 آب/أغسطس 2024 12:18