التقشف في الإنفاق العام
تعاني أغلب المؤسسات والدوائر الحكومية من ترهل وتراجع في أدائها ومستوى الخدمات التي تقدمها للمواطنين، وذلك نتيجة لسياسة التقشف التي تتبعها الحكومة على حساب الإنتاج والاستثمار والخدمات ولا سيما في قطاع الصحة والتربية والزراعة والمصارف الحكومية، بسبب قدم التجهيزات المستخدمة في أغلب المؤسسات وانتهاء عمرها الافتراضي. وهو ما يعرض هذه المؤسسات إلى مشاكل دورية قد تؤدي إلى توقف عملها بشكل كامل في يوم ما، فسياسة الإصلاح والترقيع التي تنتهجها الحكومة تجاه تجهيزاتها لن تقدم الحلول مهما نجحت، وإذا ما استمرت الحكومة في أتباع هذه السياسات سنصل في يوم ما إلى توقف منشآتنا الحكومية عن العمل بشكل كامل.
العقوبات يمكن أن تتحول إلى شيء إيجابي
العقوبات المفروضة على الشعب السوري هي من أحد أسباب قدم التجهيزات فأغلب تجهيزاتنا هي من دول أوروبية و شرق أوسطية وفرضت حظراً على تصدير تجهيزات أو قطع تبديل إلى سورية، ولكن هذه العقوبات مفروضة منذ سبع سنين وإلى الآن لم تستطع الحكومة تجاوز هذه العقوبات أو إيجاد بديل عن الدول التي تفرض العقوبات على الشعب السوري، وتطبيق سياسة التوجه شرقاً اقتصادياً وتكنولوجياً، فالعديد من الدول حوّلت الحصار المفروض عليها فرصة لنهوضها، وكسرت احتكار الغرب للتكنولوجيا (كإيران وكوريا الشمالية وكوبا). فهل ستستفيد حكومتنا من هذا الحصار وتحوله لصالحها أم أنها ستقف مكتوفة الأيدي خدمة لمصالح بعض سماسرة ووكلاء الشركات الغربية في الداخل.
التقنين يتسبب بخسائر بالمليارات
سياسة تقنين الكهرباء كلفت خسائر بالمليارات لبعض القطاعات الزراعية والصناعية، كشركة الدبس التي خسرت بسبب هذا التقنين 3 مليارات في ثمانية أشهر. كما يكلف التقنين المؤسسات الحكومية نفقات إضافية بسبب حاجة هذه المؤسسات إلى مولدات ضخمة للإقلاع بعملها عدا عن حاجتها للمحروقات لتشغيل هذه المولدات، وقد تعجز بعض المؤسسات عن توفير المحروقات ويتوقف عملها كما حصل في أحد فروع المصرف التجاري الذي توقف عن العمل نتيجة عدم قدرته على توفير المحروقات لتشغيل مولدة الكهرباء فيه، فهل من المعقول أن تكون الحكومة غير قادرة على تأمين المحروقات لمؤسساتها!
نقص في الأيدي العاملة
عدم توفر الأيدي العاملة في مؤسساتنا هو من أحد أسباب تراجع عملها أيضاً فسياسة التقشف التي تتبعها الحكومة لا تسمح للمؤسسات بالإعلان عن مسابقات توظيف جديدة لتغطي النقص الحاصل لديها بحجة عدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة، لذلك اكتفت الحكومة بإصدار قرار منع الاستقالات والتشدد في منح الإجازات الطويلة كحل لهذه المشكلة، ولكن بالتأكيد هذا لم يحل المشكلة. فتراجع المستوى المعيشي للموظف بالإضافة إلى التضييق عليه جعله يتبع سياسة الهروب، وذلك لتحوُّلِ مؤسسات الدولة إلى سجن بالنسبة للموظف. فالتغيُّب والهروب أصبحا الحل الوحيد للموظف وزادت حالات التسرب من القطاع العام وباتت مؤسسات الدولة تعاني من نقص حاد في العمالة. ورغم ذلك ما تزال الحكومة ترفض رفد مؤسساتها بكوادر جديدة.
محاربة الفساد بدلاً من التقشف
تتذرع الحكومة دائماً بالحرب المستمرة منذ سبع سنين في البلاد لتبرير سياسة التقشف التي تتبعها، ولكن في الحرب تعمل الدول على زيادة إنتاجها أو على الأقل تحافظ على مستوياته السابقة، فدعم الإنتاج كان سيؤدي إلى وقف انخفاض مستوى المعيشة ووقف تدهور قيمة الليرة السورية، فبدلاً من اتباع سياسة التقشف التي لم تثمر شيئاً سوى زيادة الوضع سوءاً بالنسبة للمواطن وتراجعاً في أداء المؤسسات الحكومية، كان الأولى بالحكومة أن تكافح التهرب الضريبي وتحارب الفساد وتسحب من جيوب الفاسدين ملياراتهم التي نهبوها خلال السنين الماضية، فهذا أضمن وأكثر مناعة للبلد سياسياً واقتصادياً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1171