حال العمال
يعاني عمال القطاع الخاص المنظَّم منه وغير المنظَّم وقطاع الدولة من التآكل المستمر لأجورهم نتيجة لارتفاع الأسعار الفاحش، وعدم القدرة على الدفاع عن مصالحهم الطبقية. وذلك نتيجة لعوامل وظروف مختلفة ومتعددة، مما ساهم في إضعاف الوعي الطبقي لدى شريحة واسعة من العمال وخاصة في القطاع غير المنظم، وعدم قدرتهم على خوض نضالاتهم المطلبية المتعلقة بحياتهم المعيشية من أجور وغيرها وتحسين شروط وظروف عملهم.
إن ما تحتاجه الطبقة العاملة اليوم هو العمل على رفع مستوى الوعي بحقوقها ومعرفة قواها المحركة وتنظيماتها النقابية بمختلف مستوياتها، والعمل على حشد قوى هذه الطبقة من أجل الدفاع عن مصالحها بما يحفظ حقوق العامل.
فطريقة وأسلوب عمل النقابات اليوم يعيق ويضعف تطوير الوعي الطبقي العمالي ضمن صفوف المجتمع، ويعيق أيضاً زيادة المنتسبين إليها. ويضعف تواجدها في القطاعات الإنتاجية الأساسية في الاقتصاد الوطني، الذي يمكن أن يعطيها قوة في الحياة الاقتصادية للمجتمع.
ازدياد الفقر واستفحاله في المجتمع يعتبر إدانة سياسية وأخلاقية للسياسات الاقتصادية الاجتماعية السائدة في البلاد ولا بدّ من مواجهتها، إذ إنّ البلاد لم تشهد نهباً للثروة الوطنية بهذا القدر الكبير، منذ استقلال البلاد عن المستعمر الفرنسي، بينما هناك أكثر من 80% ممّن يكابدون لَظى العيش المرير، وبالأخص منهم العاملون بأجر.
فقد أصبحت ظاهرة الفقر حقيقة راسخة ومستشرية. وقد لا نقول جديداً بأن الفقر يولد شعوراً بعدم الأمان والمهانة، وعدم الاستقرار وضعف القدرة على التفكير أو التخطيط، والجنوح باتجاه الجريمة أو الهجرة من أجل البقاء، وهذا ما تشهده البلاد في المحافظات كافة وخاصة لدى الشباب.
الفقر سبب مباشر لاعتلال الصحة، وانخفاض القدرة على العمل، وانخفاض الإنتاجية، كذلك تدني متوسط العمر، والتعليم، ونقص المهارات الفنية في الصناعة نتيجة تهجيرها، وهو، أيْ الفقر، عائق أساسي للنمو.
إن الفقر ليس من صنع الفقراء لكنه نتيجة لحالات الفشل الذريع لتلك السياسات الاقتصادية والاجتماعية الحالية عديمة الجدوى التي لا تعبر عن مصالح المجتمع. لا سبيل للقضاء على الفقر إلا بتغيير هذه السياسات الاقتصادية المتبعة التي تخنق فرص العمل. وإقامة المشاريع الصناعية الإنتاجية الوطنية هي الطريق الرئيسي للقضاء على الفقر.
تقع على عاتق النقابات، كممثّلة للعمّال، مسؤولية كبيرة في الخلاص من الفقر. ويجب على النقابات أن تدرك مدى تأثير السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تسير بها الحكومة على المنشآت الصناعية المختلفة، والعمال ومكان العمل. أما الدولة فعليها أن تقوم بالاستثمارات الإنتاجية، وتوزيع الثروة الوطنية بشكل عادل، وتوفير السلع الضرورية، وتأمين الخدمات العامة، وتأمين بيئة عمل مواتية للصناعة الوطنية لا تطفيشها خارج البلاد.
يحتاج العاملون بأجر إلى التعبير عن أنفسهم لكي يُعترف بحقوقهم وتُحترم، ولكي تلبَّى مطالبهم يحتاجون أيضاً إلى القوانين الضرورية التي تعمل من أجل صالحهم وليس العكس، ودون هذه الحقوق لن يتمكن العاملون بأجر من الإفلات من براثن الفقر، وبالتالي يحتاجون إلى قوى سياسية حقيقية تعدل ميزان القوة إضافة إلى نقابات تتمتع باستقلالية قراراتها وبأن تصبّ هذه القرارات في مصلحة كافة العاملين بأجر.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1170