بصراحة ... هل تفعلها النقابات؟

بصراحة ... هل تفعلها النقابات؟

شارفت الدورة النقابية الـ27 على نهايتها، وهذا يضع على عاتق قيادة الحركة النقابية بالدرجة الأولى، وعلى كوادرها، تقييم تجربة العمل النقابي بما لها وما عليها خلال الفترة المنصرمة من عمر هذه الدورة الانتخابية. وبهذا الفعل إذا ما تمَّ، فإن الحركة النقابية تكون قد انتقلت خطوات حقيقية على طريق تطوير أدائها وبرنامجها وخطابها. وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالتفاعل مع القواعد العمالية، أي أنْ تقول هذه القواعد كلمتها بممثليها والدور الذي أدّوه أو لم يؤدّوه دفاعاً عن مصالحهم وحقوقهم، التي جرى الانتقاص منها والاعتداء عليها من خلال تبنّي السلطة التنفيذية لنهج الاقتصاد الليبرالي (اقتصاد السوق الاجتماعي)، المعتمد في توجهاته على ما قدمته المؤسسات المالية الرأسمالية (صندوق النقد الدولي) من اقتراحات، بل أوامر، وكذلك انسحاب الدولة من دورها الاقتصادي والاجتماعي.

إن الحركة النقابية إذا ما أجرت التقييم المطلوب منها ستكتشف ذاك الخلل الكبير في أدائها، والذي كان من الضرورة والواجب أن يكون واضحاً وحازماً وجريئاً في مقاومة تلك السياسات الليبرالية.
والأسئلة الضرورية في هذا السياق هي:
لماذا لم تأخذ الحركة النقابية موقفاً معارضاً للسلطة التنفيذية بسبب تطبيقها لبرامج المؤسسات المالية الرأسمالية؟
ولماذا كانت الحركة النقابية تصرّ دائماً على تمسكها بخيارها التشاركي وتعتبر نفسها مسؤولة مثل الحكومة عن القرارات والتوجهات الجاري تبنيها من قبلها؟
ولماذا لم تستطع الحركة النقابية حلَّ الكثير من الإشكالات التي راح يتكرر حصولها وعلى رأسها عدم تثبيت العمال المؤقَّتين، وعدم زيادة الأجور بما يتوافق مع الحد الأدنى لمستوى المعيشة الضروري؟
ولماذا لم تستطع الحركة النقابية جذب عمال القطاع الخاص إلى التنظيم النقابي بالرغم من الحديث الدائم والمتكرر عن أهمية ذلك؟
إنّ الإجابة عن تلك التساؤلات سيضع الحركة النقابية في مواجهة سؤال آخر وهو: ماذا سيكون أداء وبرنامج وخطاب الحركة النقابية القادم على ضوء ما هو جارٍ من تحولات وتطورات سياسية واجتماعية؟ وهل ستدار الانتخابات النقابية القادمة بالطريقة والأدوات والعقلية نفسها التي أَنتجتْ على مدار عقودٍ هوّةً واسعة بين الحركة النقابية والعمالية؟
إنّ دور الحركة النقابية في ظل هذه الظروف المعقَّدة لا بدَّ أنْ يكون أكثر فاعلية وحضوراً في التأثير بما هو جارٍ لجهة الدفاع عن الوطن والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب السوري السياسية والاقتصادية، بما فيها حقوق الطبقة العاملة، وهذا يكون بمواجهة قوى السوق والفساد الكبيرين، والدفاع عن القطاع العام وتطويره وتخليصه من ناهبيه لأنه الضمانة الحقيقية في تأمين احتياجات الشعب السوري في مواجهة العقوبات الاقتصادية التي سيتأثر بها هو، وليس غيره.
إنّ قيام الحركة النقابية بهذا يتطلّب منها:
التأكيد والعمل على استقلالية قرارها وخضوع هذه القرارات لما يقرّه أعضاؤها ولما توجبه مصلحة الطبقة العاملة. وإعادة النظر بقانون التنظيم النقابي بما يحقق التأكيد على استقلالية الحركة النقابية.
التأكيد على ممارسة الحريات النقابية والديمقراطية التي أقرّتها الاتفاقيات الدولية والعربية، وعلى رأسها حرية الطبقة العاملة في انتخاب ممثليها وحرية عزلهم إذا لم يثبتوا إخلاصهم لحقوق ومصالح الطبقة العاملة.
إنّ فتح حوارٍ واسع وشامل ترعاه الحركة النقابية سيكون نقلةً نوعية في إعادة الاعتبار للعمل النقابي الديمقراطي الحقيقي الذي سيُعتبَر القلعةَ المقاتلة دفاعاً عن الوطن وفي مواجهة الفساد الكبير وقواه في الدولة والمجتمع، وسيعزِّزُ كذلك وحدةَ الحركة النقابية والعمّالية على أساس المصالح الوطنية المشتركة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1168
آخر تعديل على الإثنين, 08 نيسان/أبريل 2024 12:36