مقوّمات العمل النقابي
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح بين العمال والنقابيين في قواعد الحركة النقابية بالنسبة لمستقبل نقابات العمال: إذا ما بقي الحال على حاله ما هو المصير الذي يمكن أن نتوقعه للنقابات العمالية خلال الفترة القادمة؟ وما الذي سيحدث أكثر مما هو حادث؟ هل ستعود للكفاح والنضال كمنظمة لها وزنها النوعي كما أراد لها مؤسّسوها، وتقوم بتمثيل العمال في القطاع الخاص كافة وكذلك العاملين في قطاع الدولة؟ أم أنها ستستمر بالتراجع مع تراجع قطاع الدولة الذي تبذل الحكومة جُلَّ جهدها لخصخصته؟ وتصبح ممثِّلةً لأقلية صغيرة من العمال قد تستطيع توفير الحماية لهم يوماً ما؟ هل سيستمر التراجع الذي بدأ منذ أواخر ستينيّات القرن الماضي والذي تحدثنا عنه كثيراً فيما سبق، أم أنّها -أي النقابات- سوف تنهض من جديد وتستعيد وزنها وأهميتها بالنسبة لعلاقات العمل بين العمال وأصحاب العمل في الأيام القادمة، تماشياً مع ضرورات المرحلة القادمة بشكل أفضل مما كانت عليه في العقود السابقة؟
لقد عرف العمال وسائل عديدة للمطالبة بتحسين شروط وظروف عملهم وتحسين مستوى معيشتهم. وتوصلوا خلالها إلى التنظيم في نقابات.
فالنقابات هي تلك المنظمة الجماهيرية الطبقية التي تجمع العمال باختلاف انتماءاتهم ومهنهم دون تمييز. ومن أهدافها الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق مطالبهم وحماية مكاسبهم، والتعبير عن إرادتهم وتحسين شروط وظروف العمل.
يعلمنا تاريخ الطبقة العاملة السورية أنّ نقابات العمال الحقيقية والقوية قد أنتجتها الإضرابات العمالية، وأنّ انتصار النقابات كان مرهوناً دائماً بقدرتها على استخدام أدوات الكفاح الأساسية (الاجتماع، والتظاهر، والاعتصام والإضراب). لذلك لا بدّ للنقابات الحقيقية من توفر ثلاثة مقوّمات هي: الاستقلالية، والديمقراطية، والجماهيرية.
الاستقلالية
استقلالية النقابات عن أجهزة الدولة والأحزاب السياسية وأرباب العمل هي الشرط الأساسي لوجودها، ولحمايتها من التدخل أو التأثير عليها، وهي أهم ضمانة لتطور وفاعليّة النقابات. وبمعنى آخر، هي تعبير عن إرادة أعضائها ومصالحهم المشتركة، وتعني تحريرها من أي نفوذ قد يعيق نضالها. ويتجلّى ذلك من خلال: حق النقابات في وضع قانونها ونظمها الأساسية الداخلية بنفسها، واحترام حق الاجتماع لأعضاء النقابات، وعقد مؤتمراتها المقررة التي هي السلطة الأعلى فيها دون وصاية أو شروط من أحد، وهي التي تملك وحدها حق تحديد مواعيد عقدها بالأوقات المناسبة لها.
الديمقراطية
في نقابات العمال تعني الديمقراطية أنّ القواعد العمالية هي صاحبة السلطة والوصاية على التنظيم النقابي من خلال مؤتمر الجمعية العمومية، التي هي السلطة الأولى والأعلى في كل منظمة نقابية، وتملك وحدها حق تقرير شؤون النقابة وتوجيه أعمالها ومراقبة أدائها ومحاسبتها، بل ولها وحدها حق إعداد نظمها الأساسية وقواعد أعمالها الإدارية والمالية، ويتجلّى ذلك من خلال: وضع نظم وشروط العمل لكل المستويات النقابية - حق أعضاء النقابات في الترشيح لأيّ موقع قيادي وفي جميع المستويات بلا تمييز أو شروط معلنة أو ضمنية، فشروط العضوية كافية لحق الترشيح - حق النقابات في تمثيل أعضائها والتعبير عنهم بشخصيتها الاعتبارية - وحق المفاوضة الجماعية وعقد الاتفاقيات الجماعية نيابة عن أعضائها.
الجماهيرية
أمّا جماهيرية النقابات العمالية فتعني شمولها لجماهير العمال في عضويتها وليس أجزاء منهم، وألّا تستبعد من عضويتها أيّاً من العمال وأن تقوم العضوية فيها على الاختيار والانضمام الطوعي الحر دون إجبار أو إكراه.
تتجلّى جماهيرية النقابة من خلال: الجمعية العمومية التي يبدأ فيها كلُّ نشاط في النقابة، وهي مصدر المشروعية والقوة والفاعليّة لكلّ التنظيم النقابي من أدناه إلى أعلاه، واللجنة النقابية في المنشأة وهي أهم مستويات التنظيم النقابي. بمعنى آخر؛ العضوية النقابية تبدأ وتنتهي في مكان العمل حيث يوجد جماهير العمال ويلتفون حول مصالحهم ويتوحّدون، ويجب أن تملك اللجنة النقابية في المنشأة كلّ الصلاحيات والسلطات وكامل الشخصية الاعتبارية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1167