بصراحة ... «على الوعد يا كمون» ومسؤولية النقابات

بصراحة ... «على الوعد يا كمون» ومسؤولية النقابات

يغلب على المؤتمرات الجاري عقدها الآن لاتحادات المحافظات والتي قاربت على نهايتها، الشكل الاحتفالي والخطب العصماء من المسؤولين الحاضرين لهذه المؤتمرات. ولم يبخل الخطباء في إبراز بعض الوجع الذي يعيشه العمال في أماكن عملهم وفي معيشتهم، وهذا يكون لضرورات اللحظة والوضع الصعب المعاش، ومنها: تحسين الوضع المعيشي وزيادة الأجور والاهتمام بالصحة والسلامة المهنية، وتحسين الطبابة العمالية، وغيرها من القضايا الأخرى التي يؤتى على ذكرها في كل مؤتمر أو اجتماع مجلس عام.

من حيث المبدأ لا بدّ من طرح المطالب العمالية التي يحتاجها العمال، وهي تتكرر في كل المؤتمرات. هذا ما عبّر عنه أعضاء المؤتمرات ويعبّرون عنه باستمرار، ليأتي الرد دائماً بأننا نحن منظمة نقابية علينا طرح مطالبنا بشكل دائم ومتكرر دون ملل. ولكن إزاء هذا الرد، أصاب الملل الشديد أعضاء المؤتمرات وكذلك العمال، ولسان حالهم يقول إننا ننفخ في قربة مقطوعة ولا جدوى مما نقوم بطرحه.
يُفترَض بالنقابيّين، باعتبارهم يمثلون مصالح العمال ويدافعون عنها، أن تكون لمؤتمراتهم نتائج وقرارات واضحة وملموسة، وكذلك مواقف تعبر عمّا أصاب الطبقة العاملة من كوارث في معيشتها وفي مكان عملها. وهذا يقتضي أن تكون النقابات مسلحة ببرنامج يكون موافقاً عليه من الطبقة العاملة وأن يكون هناك تواصل مع العمال في مواقعهم أو خارجها، وخاصة من القيادات النقابية، لأن هذا التواصل يعزز لغة الحوار استناداً إلى البرنامج المفترض أن تحمله القيادة النقابية إلى الطبقة العاملة، من أجل أن يوافق عليه العمال ويتبنوه في سياق دفاعهم عن حقوقهم، ولا نعتقد أن القيادة النقابية لديها هذا البرنامج المفترض.
السؤال هو: كيف سيقتنع العمال بما يُقال لهم وهم يرون بأم العين ويعيشون أوضاعهم المرة ساعة بساعة، من جَرّاء سلوك الحكومة وأرباب العمل تجاه حقوقهم ومطالبهم، وخاصة أجورهم التي أصبحت تشكل لهم عبئاً نفسياً ومادياً يتعاظم كل يوم بسبب انحياز الحكومة بسياستها الاقتصادية الاجتماعية إلى ناهبي الثروة التي ينتجها العمال، وكل العاملين بأجر، وتؤدي تلك السياسات إلى مزيد من الإفقار والتهميش والعاطلين عن العمل، وهؤلاء هم حطب الأزمة ووقودها.
إن الطبقة العاملة لم تعد تقتنع بالوعود، فهي تحتاج إلى أفعال تؤمّن لها مصالحها وحقوقها، وخطوة عملية أفضل من «دزّينة» من الوعود، حيث الوعود للعمال كثيرة من أجل تحسين أوضاعهم وأجورهم وبقية حقوقهم التي يطرحونها في كل وقت وفي كل حين، ولكن لا حياة لمن تنادي وليست هناك من أذن مصغية لمطالبهم المكررة.
إنّ تبنّي ما تريده الطبقة العاملة من مطالب سيحسن من وضعها المعيشي والمهني وسيزيد من وزن الحركة النقابية والعمالية سياسياً واقتصادياً في بناء سورية، وفي التغيير الجذري المطلوب شعبياً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1166
آخر تعديل على الإثنين, 18 آذار/مارس 2024 12:47