ارتفاع تكاليف النقل أضر بالمناطق الصناعية

ارتفاع تكاليف النقل أضر بالمناطق الصناعية

تبعد مدينة عدرا الصناعية حوالي خمسة وثلاثين كم عن العاصمة، ورغم المكان البعيد عن العاصمة وأسواقها إلا أن الأزمة أجبرت جميع أصحاب المهن والحرفيين خاصة في الأرياف الشرقية إلى الانتقال إليها، كونها منطقة آمنة ولا تنقطع فيها الكهرباء رغم خطورة الطريق خلال الأزمة بسبب أعمال القصف والقنص على الطرقات، كما ألزمت الحكومة جميع أصحاب المعامل في منطقة القابون الصناعية على نقل منشآتهم إلى عدرا، ولم تسمح لهم بالعودة إلى منشآتهم، كما أصدرت وزارة الصناعة قراراً برفع الدعم، وعدم توريد المشتقات النفطية للمعامل والمنشآت التي تقام خارج المنطقة الصناعية، ومع ذلك لم تكن الحكومة موفقة في مكان إقامة المدينة الصناعية في عدرا، حيث وضعت في مكان بعيد جداً عن الأسواق والوصول إليها يتطلب ساعة كاملة من الزمن، ورغم ذلك لم توفر لهذه المدينة مقومات النقل والمواصلات التي تعد من أهم متطلبات المدن الصناعية.

فمن أهم عوامل نجاح المناطق الصناعية، هو مدى توفر مواصلات منها وإليها، التي تخدمها خاصة فيما يتعلق بنقل العمال والبضائع، فمن جهة يتحمل رب العمل ارتفاع تكاليف نقل بضائعه بسبب ارتفاع أسعار المحروقات من مازوت وبنزين، عدا عن الإتاوات التي يضطر لدفعها لإيصال بضائعه إلى السوق، بسبب كثرة الحواجز من مختلف أنواعها الأمنية والجمركية وشرطة المرور، ناهيك عن الانتظار والوقت الطويل اللذين يقضيهما السائقون على الحواجز للتفتيش، كل هذا ينعكس على العملية الإنتاجية، وعلى الأسعار التي ترتفع تبعاً لذلك، خاصة أن أصحاب أغلب المنشآت الصناعية هم من الحرفيين الذين يمثلون الغالبية الكبرى في مدينة عدرا الصناعية، والتي تورد بضائعها نحو السوق الداخلية، وقد بات أرباب العمل والحرفيون يعملون على تجميع بضائعهم دفعة واحدة ولمرة واحدة بالأسبوع، تخفيضاً لتكاليف النقل.
المواصلات التي كانت تؤمن نقل العمال من وإلى المدينة الصناعية توقفت عن العمل أيضاً، وفسخت الشركة الوحيدة عقدها مع إدارة المدينة الصناعية في عدرا، بسبب رفع دعم المحروقات عنها كما يقال، مما أدى إلى انسحاب الشركة وتوقفها عن العمل، وهي التي كانت لا تغطي أوقات العمل كافة، وتسبب تأخراً للعمال، بسبب الانتظار لفترات طويلة حتى تمتلئ الباصات بالكامل، بعض سرافيس مدينة ضمير كانت تصل إلى المدينة الصناعية، وتنقل عمالاً إليها، لكنها رفعت تسعيرتها إلى خمسة آلاف ليرة سورية للراكب الواحد، بحيث لا يستطيع أي عامل تحمل تلك التكلفة، وتقطعت السبل بالعمال الذين باتوا يعتمدون على «أوتو ستوب» لتأمين تنقلهم، ومنهم من اضطر إلى ترك عمله نتيجة لانعدام المواصلات.
بدأت المعامل والمنشآت الصناعية أيضاً بالتملص من مسؤولية تأمين النقل لعمالها، وباتت إعلانات العمل تتضمن التصريح بعدم وجود مواصلات مؤمنة، أو الاقتصار على المناطق القريبة فقط، كالضمير ومساكن عدرا العمالية، وبعض الإعلانات تطلب عمالاً من سكان المدينة الصناعية فقط.. نظراً لعدم القدرة على تأمين المواصلات، عدا بعض المعامل والمنشآت الكبيرة التي تؤمن مواصلات لعمالها، والتي تعد على أصابع اليد الواحدة، ولكن الغالبية العظمى من المنشآت لم تعد تستطيع تأمين تكلفة نقل العمال.
حتى أن الحرفيين ممن يعملون في المنطقة الصناعية في عدرا، نقلوا مكان إقامتهم إلى داخل منشآتهم للتقليل من تكاليف تنقلهم اليومي من وإلى المدينة، الذي يكلف يومياً- إذا كان رب العمل يملك سيارة- حوالي مائة ألف ليرة.
حتى أن إدارة المدينة الصناعية وغرفة الصناعة والجهات الأخرى، تفرض قيوداً صارمة على نقل المواد الأولية والآلات، ويتطلب نقل آلة ما الحصول على العديد من الموافقات التي لا تنتهي، وتكاليف باهظة ومعاملات طويلة ومرهقة.
هذه المعاناة للأسف لا تقتصر فقط على مدينة عدرا الصناعية، فجميع المناطق الصناعية في العاصمة على الأقل تعاني من الأزمة نفسها، كحوش بلاس وسبينة وصحنايا، وحلها لا يبدو معقداً ولا يتطلب اجتماعات كثيرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1159
آخر تعديل على الأربعاء, 14 شباط/فبراير 2024 14:11