بصراحة ... التغيير قادم.. قادم
يتطور النضال العمّالي والنقابي سريعاً، وتتوضح معالمه في أوروبا وأمريكا خاصة مع اشتداد الأزمة الرأسمالية والتغيّر في ميزان القوى السياسي والعسكري والاقتصادي وتطوره باتجاه السياسي والاجتماعي، وهذا يوضح بداية تشكل وضع ثوري تبنى أدواته، ومنها الذاتي وهو المهم الذي سيعمل على التحكم بمجرى الصراع على الأرض بين الناهبين والمنهوبين على الصعيد الدولي وعلى الصعيد المحلي لكل دولة، وسيتطور العامل الذاتي «الحزب الثوري» في مجرى الصراع بين الطرفين إلى أبعد من المطالبة بتحسين الأجور أو تحسين شروط العمل أو الضمان الصحي، بل ستذهب باتجاه أكثر عمقاً، وهو الجانب السياسي الذي سيطيح بالمنظومة الرأسمالية خاصة مع ما يجري من تطورات سياسية واقتصادية وعسكرية ستكون نتائجها تغيير وجه العالم لمصلحة الشعوب المنهوبة.
ستكون ارتدادات التغيّر الحاصل والجاري أسرع من كل التوقعات، وقريباً ستكون على منطقتنا من حيث التأثير والفاعلية، ومن ضمنها الدور المفترض أن تلعبه الحركات النقابية والعمالية، فهذه الحركات عاشت كما في المراكز الإمبريالية إلى عقود من التبعية والقبول بالرشاوى المختلفة التي كانت تقدمها تلك المراكز للحركات النقابية وتمنعها من الدفاع عن العمّال الذين خسروا كل الامتيازات والمكاسب التي انتزعت في مرحلة الرفاه الاجتماعي.
مع اشتداد التناقضات بين العمل ورأس المال، وتعمّق الأزمة الرأسمالية وتطور مناحيها ووصول الدول الإمبريالية والدول التابعة لها إلى طريق مسدود للخروج منها، جميعها مقدمات هامة لنهوض الحركة العمالية، والعمل على بناء جديد لوضعها التنظيمي قادر على المجابهة وتحقيق انتصارات ولو كانت جزئية على قوى رأس المال، ولكنها هامة للبناء عليها وتطوير الهجوم باستمرار، وهذا ما يحصل الآن عبر الإضرابات المستمرة والشاملة والقطاعية في المواقع الإنتاجية والخدمية في معظم الدول الأوروبية.
لم تصل رياح التغيير الثوري المطلوبة كما يجب إلى منطقتنا وإلى بلدنا بعد لتنعكس في حركة وفاعلية الحركة العمّالية إلا قليلاً لعوامل عدة، أهمها انخفاض مستوى الحريات الديمقراطية لوقت طويل بوجه عام، وانخفاض مستوى الحريات الديمقراطية والنقابية للطبقة العاملة بوجه خاص، إضافة إلى العوامل السياسية التي جعلت الحركة النقابية مرهونة في قرارها لجهات عدة، وتحولت فيها من مُدافع عن الحقوق العمالية إلى حاجز صد مع أرباب العمل والحكومات في مواجهة أي حراك عمّالي مطالب بزيادة أجوره أو تحسين شروط عمله أو الوقاية من مخاطر المهن وإصابات العمل.
إن حق الإضراب بدأ يأخذ طريقه إلى الطبقة العاملة السورية وهي تمارسه بأشكال مختلفة وفقاً لدرجة الضغط الواقع عليها اقتصادياً واجتماعياً، ووفقاً للوعي الذي بدأ يأخذ طريقه أيضاً إلى أذهان العمال بأنه الطريق الوحيد الذي سينتزعون حقوقهم من خلاله، ومن خلال تجربتهم ستزيد قناعاتهم بأنه لا يحك جلدك سوى ظفرك والتغيير قادم.. قادم، فهو قانون يسري على كل الحركة العمالية والنقابية والسياسية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1147