العالم يحتاج إلى زيادة في الأجور

العالم يحتاج إلى زيادة في الأجور

نشرت هذه الدراسة الهامة على موقع مركز الدراسات العمالية والنقابية في الوطن العربي، حيث يسلط من خلالها الضوء، على «إستراتيجيات النقابات الناجحة لتحقيق الحد الأدنى للأجور والمعيشة”.

تقع الدراسة في 54 صفحة وتشمل عدداً من عينات اتفاقيات وتشريعات تتعلق بالحد الأدنى للأجر ورفعه، وتأثير ذلك على المستوى المعيشي للعمال أولاً وعلى الوضع الاقتصادي في تلك البلدان وانتعاشه بسبب ذلك ثانياً. وبالرغم من الارتفاع الحاد في الناتج الإجمالي في العالم بمعدل أربعة أضعاف خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أن أجور العمال عامةً ومن يتلقون أجر الحد الأدنى خاصةً، لم ترتفع بهذا المعدل. ويتضح من الدراسة: «أن ملايين العمال في جميع أنحاء العالم لا يكسبون بما يكفي للعيش في كرامة، وأنظمة الحماية الاجتماعية غير كافية، وهناك تفاقم مستويات عالية من عدم المساواة والفقر”. مما يعني فقدان سبل العيش الكريم والعمل اللائق، خاصة وأن 83% من المواطنين في 13 دولة من مجموعة العشرين، التي تعتبر ذات اقتصادات قوية، يؤكدون أن الحد الأدنى للأجور في بلادهم لا يكفي للعيش ولا يكفي للحد الأدنى من العيش بكرامة. ويتقدم الدراسة العديد من الأمثلة لوضع العاملين الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجر، وإذا كان هذا الأجر يوفر تكاليف العيش أو أدناه يتضح ”أن الحد الأدنى للأجور لا يكفي للعيش فيه.
في أوروبا الشرقية، على سبيل المثال، الحد الأدنى للأجور في رومانيا وبلغاريا قبل الضرائب يمثل أقل من ربع تكلفة سلة المعيشة لعائلة متوسطة. علاوة على ذلك فإن ظاهرة عدم امتثال أصحاب العمل لدفع الحد الأدنى للأجور متفشية في بعض البلدان. في أمريكا اللاتينية، على سبيل المثال، تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن أكثر من خُمس أصحاب الأجور يُدفع لهم أقل من الحد الأدنى للأجور وذلك في بنما وكوستاريكا، وأكثر من 60٪ من أصحاب الأجور في هندوراس وغواتيمالا يُدفع لهم أجر دون الحد الأدنى القانوني. في الوقت نفسه، فإن إمكانية تنظيم العمال في تنظيم نقابي وإجراء مساومة جماعية للأجور العادلة تتعرض للخطر في جميع انحاء العالم، حيث إن الحقوق النقابية تتعرض إلى الهجمات « أي يتعرض كل من يبادر للتنظيم النقابي إلى الملاحقة وفي كثير من دول أمريكا اللاتينية قد يتعرض للاغتيال والقتل. وتقدم الدراسة العديد من الأرقام والحقائق الدامغة لحقيقة الاستغلال الذي يتعرض له مئات الملايين من العمال في الدول الرأسمالية، في قضية عدم الحصول على الأجر اللائق، وحتى أجر الحد الأدنى، فهناك أكثر من 300 مليون عامل يحصل الواحد منهم على أجر يومي أقل من 1,9 دولار أمريكي، وإن 430 مليون عامل آخر في البلدان الناشئة والبلدان النامية ما يتلقاه الواحد منهم هو أجر يومي ما بين 1,9 دولار أمريكي و3,1 دولارات أمريكية. كما تؤكد الدراسة على أن 83٪ من الناس يعتقدون أن الحد الأدنى للأجور في البلدان النامية هو ما يحصل الواحد منهم على أجر وهو ما بين 1,9 دولار أمريكي و3,1 دولارات أمريكية. كما أن الحد الأدنى للأجور لا يكفي للعيش في مختلف الدول خاصة في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني حالياً وبالتاكيد قبل ذلك، كما تُقدم الدراسة عدداً من الأمثلة من دول قامت بملاءمة أجر الحد الأدنى مع التكلفة الأساسية للمعيشة، الأمر الذي كان له مردود إيجابي على عائلات العمال أولاً، وعلى الوضع الاقتصادي عامة ثانياً، حيث انتعش الاقتصاد وارتفع عدد فرص العمل وارتفع دخل المصالح التجارية، مما حسن أوضاع المواطنين عامة.
ما تقدمه الدراسة من أمثلة عن ملائمة أجر الحد الأدنى مع تكلفة المعيشة وأن يكون أعلى من تلك التكلفة، وبخصوص رفع الأجور عامة، يؤكد ما نقوله دائماً وأثبتنا ذلك من خلال النضال لرفع الحد الأدنى للأجر، وذلك يؤدي إلى انتعاش وضع أسر العمال أولاً، وإلى تحريك العجلة الاقتصادية بشكل إيجابي ثانياً. إن ادّعاء أصحاب العمل والحكومة بأن رفع أجر الحد الأدنى خاصة، والأجور عامة سيؤدي إلى انهيار الوضع الاقتصادي، والذي دحضناه، ما هو إلا مقولة فارغة المضمون وهدفها مواصلة استغلال العمّال وجني الأرباح ومواصلة تكديس الثروات في جيوب هؤلاء الرأسماليين على حساب العمال فقط لا غير.

خلاصة الدراسة أنها تعود وتؤكد أن استمرار الحكومات في سياساتها بعدم رفع أجر الحد الأدنى والأجور عامة في ظل موجة الغلاء وارتفاع تكلفة المعيشة والتضخم المالي، تؤدي إلى ارتفاع عدد الملايين من العمال الذين تتدهور أوضاعهم إلى السقوط في دائرة الفقر المدقع، وتعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في عالمنا الذي تتخبط فيه القوى الرأسمالية ما بين فشل سياساتها العولمية والليبراليه الجديده وبين العودة إلى العالم القديم من التقوقع في إطار حدود الدولة الوطنية فقط. قد نعود إلى تناول فصول من الدراسة ونشرها لإطلاع القراء على حقائق كنا قد أكدنا صحتها، ورفضها أصحاب الفكر العولمي النيوليبرالي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1142
آخر تعديل على الجمعة, 20 تشرين1/أكتوير 2023 23:09