بصراحة ... أزمات مستعصية والناس مقهوره
الفقراء في أسوأ حالاتهم، يعيشون قهراً مزمناً بسبب أشياء كثيرة ومنها الوضع المعيشي المتدني جداً، والذي يسوء يوماً بعد يوم، فالجميع واقع في حيرة من أمره، كيف سيتدبر معيشة يومه، سواء كان يعمل بأجر أو حِرفيّاً أو عاطلاً عن العمل؟ والأخير وضعه لا يحسد عليه!
الأحاديث التي تدور بين الفقراء في هذه الازدحامات اليومية كثيرة ومتنوعة وسنعرض لبعض المشاهدات اليومية التي تسمع وترى.
امرأة في العقد الرابع من عمرها تصعد باص «ميدان شيخ» وتتبادل الحديث مع امرأة أخرى ويكون حول الأوضاع المعيشية التي تعانيان منها وبعد قليل من تبادل الحديث تصرخ المرأة الواقفة بأعلى صوتها والغضب متصاعد من عينيها وتقول بأعلى صوتها « الشتويه الماضيه دفيت الأولاد بإشعال الكراتين والبلاستيك والشحاطات التي جمعناها من الحاويات والشوارع بس هي السنه بشو بدنا ندفيهم منين بدنا نلاقي كرتون وشحطات غلولنا المازوت وبيعطونا 50 ليتر شو بدهم يكفو».
في الطريق التقيت مع مدير مدرسه متقاعد وبدأ الحديث طبعاً كما هو حال كل السوريين الفقراء حول الوضع المعيشي وراتبه التقاعدي الذي يساوي عشرة دولارات كما قال ماذا سيقدم لأولاده ومنهم في الجامعة وكيف سيطعمهم وكيف سيدفئهم ويقيهم برد الشتاء ب50 ليتر مازوت.
عامل قطاع خاص يعمل في شركة، أجره الشهري 185 ألف ليرة سورية ويدفع رب العمل غلاء معيشة 200 ألف ليرة سورية، ماذا سيفعل بهذه المبالغ الزهيدة لإطعام أسرته فقط؟ فما بالك ببقية الاحتياجات.
القاسم المشترك بينهم هو أزماتهم المستعصية على الحلول منذ أمد بعيد، والتي يجري تعميقها وتوسيع دائرتها لتشمل كل شيء إلى متى؟، وما يزيد الطين بلة، أو بشكل أدق ما يشعل الغضب أكثر، ويرفع مستوى التذمر وعدم الرضا الكلي عند أغلبية الشعب السوري المكتوي بالنار الحارقة التي يعيشها، هي سلوك الحكومة اليومي تجاه ما يحتاجه من مواد وجملة التصريحات التي يدلي بها أركان الحكومة والمعنيون مباشرة بحقوق المواطنين المعيشية والخدمية والصحية والتعليمية وغيرها من القضايا التي يصعب تعدادها، والتي تستفز السامعين لها وتوترهم أكثر.
ما نود قوله، إن الحكومات المتعاقبة جميعها لا حلول لديها تقدمها للناس، هَمّها الأساس هو جمع مواردها عبر المراسيم والقرارات التي تحمّل الفقراء المزيد من الظلم وتقهرهم أكثر، حيث تنهب تلك الموارد بأشكال مختلفة من جيوب الفقراء، مهما اختلفت المسميات، بينما في الطرف الآخر العزيزون على قلب الحكومات، يعيثون فساداً في لقمة الفقراء عبر الاحتكار والنهب والفساد!
فهل يبقى الفقراء على حالهم أم سيغيرون واقعهم؟ إن غداً لناظره لقريب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1141