المؤامرة خارجية أم داخلية
اديب خالد اديب خالد

المؤامرة خارجية أم داخلية

رفعت الحكومة خلال الفترة القصيرة الماضية سعر جميع الخدمات والسلع وأجور النقل العامة والأدوية وباقات النت والسلع الغذائية حتى في مؤسسات السورية للتجارة بحجة ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد، مع رفع سعر البنزين وتخفيض كمياته وفقدان مادة المازوت وارتفاع أسعارها في السوق السوداء إلى مستويات عالية، فيما استمر تراجع الليرة السورية بشكل مستمر مترافق مع ارتفاع جنوني للأسعار فاق ارتفاع سعر الصرف.

أمام هذا الارتفاع المخيف بكافة السلع والخدمات والطاقة والاتصالات والمواصلات إلا أن الأجور بقيت ثابتة على حالها من دون ارتفاع وانخفضت قيمتها إلى شبه الانعدام طبعاً، كل هذا تبرره الحكومة بأنه بسبب الحصار والمؤامرة الكونية، ولكن ما علاقة توزيع الثروة وحصة الأرباح منها بالمؤامرة الكونية والحصار؟؟ ألا يجب على الحكومة أن تدعم أصحاب الأجور الذين تستهدفهم المؤامرة؟ أم أن سياسات الحكومة تأتي تنفيذاً للسياسات الغربية في حصار الشعب السوري وتجريفه من أرضه من خلال اعتماد الليبرالية الاقتصادية لتفجير الأوضاع داخلياً وتحقيق أهداف الغرب في سورية من دون تدخل عسكري خارجي مباشر.

تشابه الأوضاع بين مصر وسوريا

مقارنة بسيطة طرحتها الباحثة الاقتصادية رشا سيروب على صفحتها على فيسبوك بين الاقتصاد المصري والسوري متحدثة عن تشابه الأوضاع الاقتصادية والأزمات التي يعانيها كلا البلدين رغم عدم وجود حرب أو أعمال عسكرية على أراضي مصر، لكن حال اقتصادها بات كما حال اقتصادنا سعر الصرف إلى الهاوية، والتضخم يحلّق والسبب يعود تقليد سياستنا لسياستها إلى حد التطابق، حيث بدأت مصر بتحرير خجول لسعر الصرف والتخلي عن القطاع العام وعرضه للقطاع الخاص تحت مسمى استثمار أو إدارة أو تطوير المرافق العامة، والنتيجة هي ذاتها، رغم اختلاف المعطيات السياسية لكلا الدولتين أي إن السياسات الاقتصادية هي العامل الرئيس في بناء اقتصاد أو هدمه.

المؤامرة الخارجية تغطية على المؤامرة الداخلية

فهكذا يغدو الحديث عن المؤامرة الكونية والحصار والعقوبات مجرد كلام تستر الحكومة خلفها سياساتها التي وصفتها بالجريئة للاستمرار بتجويع السوريين ورمي المسؤولية على الخارج كما تعودت، فما الذي يمنع الحكومة من الاقتراب من أموال الفساد لتمويل زيادة الأجور وتحريك الأموال السورية في المصارف وتوجيهها نحو الاستثمار ولماذا لا تقوم الحكومة بحصر استيراد المواد الغذائية بجهاز الدولة ومن الدول الصديقة، حيث يجري التبادل بالعملات المحلية، وتلك الدول اعتمدت هذا الأسلوب بالتداول مع جميع دول العالم، لماذا يجري الاعتماد على القطاع الخاص وبعض المحظيين في استيراد المواد الغذائية وبأسعار مضاعفة ومن مصادر داخلية وخارجية كالقمح مثلاً. في حين تم شراء محصول القمح بسعر بخس مما تسبب بخسائر للفلاحين قد تدفعهم إلى العزوف عن الزراعة مرة أخرى، لماذا يتم الضغط على القطاع الخاص الصناعي والإنتاجي إلى أقصى الدرجات ومحاصرته ورفع تكاليف الإنتاج من محروقات وطاقة حتى توقفت مئات المعامل عن العمل، من يمنع الحكومة من اعتماد سياسات مغايرة لما هو متبع، هل هي المؤامرة الخارجية هل الحكومة تلتزم بتعليمات الغرب عبر قوى الفساد المتحكمة بالمجتمع وجهاز الدولة.

إذا كانت المؤامرة متحكمة فينا إلى هذه الدرجة فعن أي انتصار تتحدث الحكومة، فحكومة غير قادرة على مواجهة وحل مشكلات الداخل وغير قادرة على مواجهة وكلاء الغرب في الداخل فكيف ستنتصر بمعاركها مع الأصيل.

لم يعد هناك حل سوى بالتغيير

منذ بداية الألفية الجديدة حيث بدأت المؤامرة تلف حول رقاب السوريين تحت مسمى الليبرالية الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي وما جرى منذ انفجار الأزمة وحتى الآن هو استكمال لهذه المؤامرة التي لن نكون قادرين على مواجهتها سوى بالحل السياسي وتطبيق القرار 2254 وإنجاز التغيير الجذري والشامل، وإلا فالمؤامرة سوف تبقى مستمرة حتى تفتيت سورية وتفجيرها من الداخل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1135