الموقف المطلوب من النقابات
تتآكل الأجور مع كل يوم بسبب تزايد الأسعار وبشكل يومي ومع ذلك تصر الحكومة على تجميد الأجور عند حد وسطي مئة ألف ليرة سورية وهذا الأجر لا يكفي سوى ليوم واحد أو يومين في أحسن أحوال، حتى في القطاع الخاص الذي تصل الرواتب فيه في بعض الأحيان إلى 500 ألف فتلك الأجور لا تغطي سوى 10% من الاحتياجات الأساسية للعامل ولعائلته، وأن أي زيادة لا تصل بالحد الأدنى للأجور إلى مستوى مليون ونصف ليرة هذا إذا فرضنا بقاء الأسعار على حالها دون تغير فلن تكون مجزية وبالتالي لا فائدة منها، وأن أغلب العائلات تعتمد على المساعدات الدولية والهلال الأحمر وعلى التحويلات الخارجية لتغطية احتياجاتها، ولولا ذلك لرأينا المجاعات تجتاح جميع المدن وفي مختلف مناطق النفوذ، وباتت الهجرة هي الحل الوحيد للشباب لبناء المستقبل ولو أدت هذه المجازفة إلى خسارة أرواحهم.
إن زيادة الأجور بشكل مجزٍ لم يعد مطلبا عماليا فقط بل أصبح ضرورة موضوعية للاقتصاد السوري ككل لأن الضرر أصاب العملية الإنتاجية ككل بسبب تدني مستوى الاستهلاك وبالتالي تكدست البضائع وسببت الخسائر للمعامل والمنشآت التي أغلقت معظمها لقلة الطلب.
مؤسسات القطاع العام ذاتها باتت مهددة بالتوقف عن أداء عملها خاصة المرافق المهمة منها كالصحة والتعليم والقضاء والمعامل الإنتاجية بسبب ازدياد حالات الاستقالات والتسرب من الوظيفة بسبب تدني الأجور وانعدام الفائدة من العمل، حتى أن هناك تدنياً في مستويات المتقدمين للمسابقات الحكومية.
فهذه الأجور باتت تهدد بانهيار المجتمع وتفجيره من الداخل وتوقف كامل للاقتصاد السوري ورغم هذه المخاطر لا تزال الحكومة مصرة على السير بالسياسات الليبرالية وتنفيذ توصيات البنك الدولي من خلال رفع الدعم وتحرير الأسعار وخفض الرواتب دون الاكتراث بالنتائج الكارثية لهذه السياسات.
أما منظمات العمال فهي لا تزال ترى أن الوقت غير مناسب لاستخدام الأساليب النضالية والدستورية في مواجهة سياسات الحكومة، ومنها حق الإضراب والتظاهر السلمي وترى أن طريقتها القديمة الجديدة عبر إرسال كتب والمراسلات إلى الحكومة هي الطريق الأفضل في هذه المرحلة بسبب ما تتعرض له البلاد من أزمات، ولكن الحقيقة أن هذا هو الوقت المناسب لاستخدام الإضراب ومواجهة سياسات الحكومية في تجويع الناس بسبب ما تترتب على هذه السياسات من نتائج كارثية على مستوى المجتمع والدولة والوطن وأن هذه اللحظة المناسبة لكي تعود النقابات وتستقطب جماهيرها من العمال وتحشدهم في معركة نضالية ضد مصالح قوى الفساد وهذه الفئة لم ولن تتوقف عن نهبها سوى بوقوف المجتمع بكافة فئاته ومنها العمال خاصة في وجههم لأنهم الضحايا المباشرون لجرائمهم ولأنهم الوحيدون القادرون على تنظيم أنفسهم، وبالتالي المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على نقابات العمال وما تستطيع أن تفعله، وهذه فرصة ذهبية لها كي تعود لسابق عهدها في الدفاع عن العمال ومصالحهم والإفلات من المادة الثامنة القديمة.
وإذا كانت النقابات لا تستطيع التصعيد مع الحكومة باستخدام حق الإضراب فيجب عليها أن تلغي شعار نحن والحكومة شركاء وتتوقف عن أخذ موقف الوسيط بين أرباب العمل والعمال وتتخذ موقفاً أكثر جرأة في مواجهتها لسياسات الحكومة وتلتفت إلى ممثليها من العمال وتنظمهم وتستمع إلى مطالبهم كي تنال اعترافهم بها وتعود الممثل الوحيد والحصري لهم، وتصبح ذات وزن في المجتمع والدولة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1129