الحكومة ومحاولاتها البائسة
خرجت عدة تصريحات للتجار في الآونة الأخيرة تتحدث عن الأسعار وأنها متناسبة مع تكاليف الإنتاج، وأنها ليست مرتفعة وليس هناك مشكلة ارتفاع أسعار، بل المشكلة بالرواتب والأجور الضئيلة جداً، والتي لا تكفي لشراء حذاء واحد حسب أسعار السوق.
هؤلاء وضعوا أصبعهم على الجرح تماماً ووجهوا أصابعهم نحو المشكلة الحقيقية محمّلين المسؤولية للحكومة ولمستوى الأجور المتدني الذي تفرضه على العمال، والذي يعد من أهم أسباب الجمود والكساد التي يعانيها التجار والصناعيون.
مع النظر إلى مستوى الأسعار في السوق فكم يجب أن يكون أجر العامل أو الموظف إذا كان ثمن حذاء أو قطعة ملابس مئة ألف وأكثر؟
هل الحل بمراقبة الأسعار؟؟
دائماً تتحدث وزارة التموين وحماية المستهلك عن ضرورة مراقبة الأسواق وضبط الأسعار موجهة الاتهامات للتجار برفع أسعارهم مختزلة الكارثة المعيشية التي يعيشها المواطن بجشع التجار، وكأن المشكلة أخلاقية وبعدم قدرتها على ضبط الأسواق بشكل كامل، ولكن السؤال الذي يطرحه الموظف أو العامل، لو كان هناك مراقبة للأسواق وضبط للأسعار هل ستكفينا مئة ألف ليرة لتأمين احتياجاتنا الأساسية على الأقل؟؟؟؟
إذا التزم التجار بالتسعيرة التي تصدر عن وزارة التموين وحماية المستهلك فهل سيكفي الراتب مئة ألف ثمناً للمواد الغذائية للمواطن؟ لماذا لا تحسب وزارة التموين مستلزمات المواطن الغذائية والأساسية وتحسب تكلفتها كما تصدر عن نشراتها اليومية وتجعله حداً أدنى للأجور والرواتب؟؟
إذا كانت أسعار المؤسسة السورية للتجارة أعلى من أسعار السوق أو مساوية له ولم تستطع أن تلعب دورها في التدخل الإيجابي لصالح المواطن ذلك الدور الذي تدّعي أنها تلعبه في كل مناسبة، وحتى لو حصر المواطن شراء حاجياته من المؤسسة فإن راتبه لا يكفيه أيضاً.
تجربة جديدة
اليوم خرجت الحكومة بمشروع البطاقة التموينية بقيمة 200 ألف لشراء المواد الغذائية، ولكن دون تبيان تفاصيل أكثر تذكر، هل هي شهرية أم دورية؟؟ أم هل تكفي 200 ألف ليرة ثمن مواد غذائية لمدة شهر؟؟؟ إذا حسبنا أن الوجبة أو الطبخة باتت تكلف اليوم 50 ألف ليرة سورية، وأن مئة ألف باتت مصروفاً ليوم واحد فقط فماذا ستفيد البطاقة التموينية الموعودون بها.
مجرد شعوذة
كثيرة هي التجارب التي تجربها الحكومة بهذا الشعب بدءاً من قسائم المحروقات سيئة الصيت مروراً بالبطاقة الذكية، واليوم وصلنا إلى البطاقة التموينية ناهيك عن زوبعة زيادة متممات الأجور والحوافز والمكافآت وإعطاء منح على الرواتب كل فترة، كل هذه الحلول خلبية لا تسمن ولا تغني من جوع ومجرد جعجعة بلا طحن، ومجرد لعب وشعوذة وتهرب من المسؤوليات وذر للرماد بالعيون ومحاولات يائسة للهروب من استحقاق زيادة الأجور وليس هناك من حلٍّ آخر، ولكن الجواب الذي تصدم به الحكومة المطالب العمالية المتكررة بضرورة زيادة الأجور أنه ليس هناك موارد في هذا الظرف مع أن الحكومة بات لديها موارد من خلال رفع الدعم وفرض شتى أنواع الضرائب على المواطن، فأين ذهبت وفورات رفع الدعم؟ ألا يجب أن توظف لزيادة الأجور لأن الهدف منها كان تعويض الأجور.
الحجة الثانية، أن أية زيادة ستؤدي إلى تضخم وارتفاع الأسعار أكثر مع أن التضخم وارتفاع الأسعار بات شبه يومي ولا يمر يوم دون رفع للأسعار، خاصة المواد الغذائية أي هذه الحجة مجرد كذبة باتت مستهلكة.
إن الحكومة أصدرت قراراً منذ فترة قصيرة تسمح فيها للبنوك العاملة في البلاد بصرف قروض بالعملات الأجنبية، هذا القرار يعني أن الدولة وهذه البنوك لديها احتياطي كافٍ لطرحه للاستثمار، فلماذا لا يتم تأمين حاجات المواطن الأساسية وخاصة من الغذاء من هذا الاحتياطي، أم أن هذه الأموال من حق أصحاب الأرباح والبطون المتخمة ومصلحتهم أهم من مصلحة ملايين المواطنين؟؟؟لماذا لا تتم الاستفادة من هذا الاحتياطي بشراء القمح والأعلاف والأسمدة الزراعية أو دعم القطاع العام الصناعي.
ليس هناك من حل إلا زيادة الرواتب والأجور وربطها بسلم متحرك وبالأسعار، وجميع الحلول التي تطرحها الحكومة هي حلول لإلهاء المواطن وتغييب الحقيقة عن عينيه وأن مشكلة الرواتب والأجور باتت قضية وطنية مرتبطة بميزان توزيع الثروة، والذي لن يميل لمصلحة الأغلبية من السوريين إلا بالحل السياسي والتغيير الجذري والشامل.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1118