العمال يعرفون الحقيقة

العمال يعرفون الحقيقة

ترتفع بين الفينة والأخرى وتيرة الوعود التي يطلقها أصحاب الشأن بما يخص العمال وشؤونهم، بتحسين الوضع المعيشي لعموم الفقراء، ومنهم العمال، عبر أشكال من الاقتراحات، منها: خفض الأسعار وتعديل التعويضات المختلفة للعمال ومتممات الأجور، وتعديل قانون الحوافز الإنتاجية، ولكن جميعها تبقى بإطار القول لا الفعل، لأن القاعدة الأساسية التي يمكن أن تغير واقع العمال من حال إلى حال هي في حالة شلل أو تعطل المعامل، سواء في القطاع العام أو الخاص فكلاهما تتدهور أوضاعهما.

إن ذاك الكلام المعسول أصبح ثقيلاً على أسماع العمال لكثرة ترديده في كل مناسبة وغير مناسبة، وخاصةً في المؤتمرات والاجتماعات العامة التي تُعقد، ويحضرها «أصحاب» الشأن.
في مؤتمر اتحاد عمال طرطوس تحدثت القيادة النقابية الحاضرة للمؤتمر حسب صحيفة الوطن الإلكترونية
«إن زيادة الرواتب قريبة، وأضافت حسب القيادة النقابية أن هناك خطوات جادة لتحسين الرواتب والأجور وقريباً تظهر النتائج، لكن لن تكون الزيادة بالشكل الكافي لأن الإمكانات لا تسمح بزيادات كافية، وأضاف المسؤول النقابي أن العمل جار أيضاً لاعتماد آليات جديدة لصالح زيادة الإنتاج وزيادة أجور العمال من خلال اعتبار العامل شريكاً وليس أجيراً حيث سيستفيد من الأرباح المحققة في المنشآت التي يعمل بها».
منذ بضعة أشهر تحدث أعلى مسؤول نقابي لقناة « لنا » التلفزيونية عن الوضع المعيشي للعمال لدرجة أن العمال يعملون بالمجان قياساً بالأجور التي يحصلون عليها، والتي لا تكفي العامل بضعة أيام من الشهر، وأضاف المسؤول النقابي أن الحكومة تسعى إلى تحسين الوضع المعيشي للعمال وفقاً لإمكاناتها، وإمكاناتها الفعلية قليلة، لذا كان الاتجاه في التحسين المزمع عمله في أحوال العمال هو بإصدار مرسوم للحوافز الإنتاجية يحصل العامل فيها على 300% من أجره في حال حقق المطلوب منه إنتاجياً، وأضاف أيضاً: «ولكن هناك صعوبات كثيرة تعترض تشغيل المعامل منها قدم خطوط الإنتاج والوضع الكهربائي ونقص المواد الأولية وغيرها من قضايا تمس العملية الإنتاجية» أي إن النتيجة التي ستحصل بناء على ما جاء بالمقابلة هو «لا تحسين في أوضاع العمال» طالما أن العنصر الأساسي في عملية التحسّن مصاب بالعديد من الانتكاسات، ولكن للأمانة فإن المسؤول النقابي أكد على أن الحل هو برفع الأجور بشكل يلبي حاجات العمال في حدودها الدنيا، ولكن كيف ومن أية مصادر؟ لم يجرِ التطرق لهذه الأسئلة كون الإجابة عنها ستضع النقابات أمام خيار ليست في وارده ولا تفكر به حتى اللحظة.
نلاحظ من التصريحات المتعددة التي يتم الإدلاء بها حول أوضاع العمال وخاصة أجورهم تصب في خانة ذر الرماد في العيون، أو كما يقال شعبياً «طنبرة» العمال بأن أوضاعهم ستتحسن قريباً وهذا غير ممكن وفق التصريحين المدلى بهما لأن العنصر الحاسم في تحسن أجور العمال هو تشغيل المعامل والمعامل لن تشغل كما يجري طرحة بسبب السياسات الحكومية وموقفها من العملية الإنتاجية ومستلزماتها الكثيرة التي تعتبرها مثقلة لكاهلها ومربكة لخططها الاقتصادية والاجتماعية فتذهب تجاه الحلول الأخرى والمثال الساطع عندنا أوضاع الصناعة والصناعيين في القطاع الخاص الذين يغلقون منشآتهم تباعاً بسبب السياسات الحكومية المعرقلة لتشغيل معاملهم.
العمال يعرفون الحقيقية ويطرحون في مجالسهم سؤالاً: لماذا تصدق الحكومة في وعودها والتزاماتها تجاه أصحاب الأموال وأصحاب النعم، وتغدق عليهم ليزدادوا نعماً وثروة، ولا تصدق بوعودها معنا نحن العمال؟ مع العلم أن الجميع يتحدثون عنا، ويرفعون الشعارات باسمنا ويشيدون بتضحياتنا الجسام وبوطنيتنا وعملنا، وخاصة عندما يوفر العمال على الحكومة ملايين الليرات السورية بعمليات الصيانة الكبرى لبعض المنشآت مثل معمل إسمنت حماة ومصفاة بانياس وصيانة شبكات الكهرباء وغيرها من الأعمال التي تسجل للعمال، وينال العمال على ما قاموا به من الجمل أذنه كما يقال. العمال في مجالسهم يتساءلون عن سبب فقرهم الذي تذرف عليه الحكومة ومن معها الدموع شفقةً ولكن لا تعمل شيئاً لتخليص العمال منه.
مجرّد طرْح العمال لهذا السؤال يعني اقترابهم من وعي الحقيقة، حقيقة فقرهم ومن مسببها، وعي مصالحهم ومصدر شقائهم، وبالتالي ابتداع أدواتهم التي ستجعلهم قادرين على رسم معالم طريق تحصيل حقوقهم المنهوبة، أي: إنهم سيكتشفون من خارجهم ومن تجربتهم قوانين الصراع مع من يستغلهم، ومن يحاول أن يجعل فقرهم أبدياً، وهذا لن يطول لأن درجة الضغط على معيشتهم عالية، ودرجة النهب والمنع لحقوقهم أصبحت مركزة بشكلٍ عالٍ، وأصبح يقر بها القاصي والداني، ولم تعد تفيد كل الكلمات المعسولة عن تحسين أوضاعهم أو السعي إلى تحسينها، التي تقال لهم دون خطوات ملموسة ومحسوسة يقتنع بها العمال، وإلّا فإن قانون الصراع دفاعاً عن المصالح سيكون حاضراً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1114